السعودية أسكتت الإعلام الغربي بالمال وشركات العلاقات العامة
أكدت مجلة إنسايد أرابيا الأمريكية أن السعودية قادت حملة لإصلاح صورتها التي تضررت إثر الإدانة الدولية الواسعة لجريمة قتل الصحفي “جمال خاشقجي” داخل قنصلية المملكة بإسطنبول في 2 أكتوبر 2018 عبر المال والابتزاز وشركات العلاقات العامة. ودفع انتقاد “واشنطن بوست” لـ “ابن سلمان” الرياض لاختراق هاتف مالك الصحيفة “جيف بيزوس”. وبعد أن أعلن “بيزوس” عن طلاقه في أوائل يناير الماضي، نشرت صحيفة “ذا ناشونال إنكويرر” تفاصيل عن علاقة لـ”بيزوس” خارج إطار الزواج. وبعد شهر، كشف “بيزوس” أنه كان هدفاً “للابتزاز” من قبل الصحيفة وشركتها الأم “أمريكان ميديا”، واتهم السعودية بتدبير الابتزاز. وجرى تعيين “غافن دي بيكر”، مستشار الأمن لدى “بيزوس”، للتحقيق، وأصدر النتائج في أواخر مارس الماضي؛ حيث أكد تورط السعودية، باختراقهم هاتف “بيزوس”، واطلعوا على رسائله الخاصة. وكجزء من تحقيقه، أجرى “بيكر” مقابلة مع المديرين التنفيذيين السابقين في “أمريكان ميديا”، وخبراء المخابرات في الشرق الأوسط، وشهود ومعارضين سعوديين، وكذلك مستشارين حاليين وسابقين للرئيس الأمريكي ترامب، من بين آخرين. ودعم تحقيق “بيكر” ادعاء “بيزوس” بأن ولي العهد السعودي ينظر إلى “واشنطن بوست” كـ”عدو”. وأشار “بيكر” إلى أن الابتزاز جاء نتيجة للتغطية المكثفة والناقدة التي قامت بها “واشنطن بوست” لاغتيال “خاشقجي”.
وقالت المجلة: رغم جهوده لمغازلة الإعلام الغربي لتقديم نفسه كمصلح حداثي، فإن تورط “ابن سلمان” بمقتل “خاشقجي”؛ تسبب بإحجام شركات العلاقات العامة الأوروبية والأمريكية عن التعامل معه. ورغم عمل الرياض على السيطرة على وسائل التواصل لإسكات منتقديها جلب لها الكثير من الإدانة الدوليّة، فإنها زادت من جهودها مؤخراً؛ حيث مارست الضغط على الصحف، ووظفت المتخصصين بوسائل التواصل لإسكات منتقدي “ابن سلمان” وفرض الرواية التي تريدها المملكة. وكشف “بيزوس”، في فبراير الماضي، أن “ذا ناشونال إنكويرر” وشركتها الأم هدداه بنشر صور حميمية أرسلها لعشيقته ما لم يترك تحقيقه حول كيفية حصول “إنكويرر” على الرسائل. ولم يستسلم “بيزوس” للترهيب، بل قام بنشر محتويات البريد الإلكتروني الذي تلقاه من الصحيفة، التي طلبت منه الزعم كذباً أن ما نشرته حول علاقته خارج إطار الزواج لم تكن “مدفوعة سياسياً”.
وأضافت المجلة: رغم أنها نفت مزاعم “بيزوس”، إلا أن المملكة ترددت بمواجهة “بيزوس” مرة أخرى عندما نشر مقالاً أكد فيه أن الرئيس التنفيذي لشركة “أمريكان ميديا”، “ديفيد بيكر”، كان مخلصاً للرياض، وأنه أقام عشاءً في البيت الأبيض مع ضيف له صلة بـ”ابن سلمان”. وكان الإعلام الغربي ينتقد السعودية بشدة عام 2015 بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان، والتدخل العسكري في اليمن، وصلاتها بالتطرّف. ومع صعود “ابن سلمان” للسلطة عام 2016، نظرت المملكة للإعلام الغربي كأرض خصبة للترويج لخطط الإصلاح وتعزيز صورتها. وفي الولايات المتحدة، استثمرت المملكة 200 مليون دولار في “مؤسسة بنسكي ميديا”، التي تنشر أكثر من 20 علامة تجارية رقمية ومطبوعة، بما في ذلك “فارايتي” و”ذا رولينج ستون”. واشترى المستثمر السعودي “سلطان محمد أبو الجدايل”، الذي له ارتباط بحكومته، حصة نسبتها 30% بموقع “الإندبندنت” البريطانية عام 2017. ويعمل “أبو الجدايل” في “الأهلي كابيتال”، ذراع الخدمات المصرفية الاستثمارية للبنك التجاري الوطني للسعودي، أحد أكبر بنوك الشرق الأوسط. وأثار ذلك مخاوف بين العاملين في “الإندبندنت” حول المخاطر التي قد تتعرّض لها الحرية التحريرية في الصحيفة، خاصة أنها كانت معروفة باستقلالها السياسي الليبرالي وانتقادها السياسة السعوديّة.
وأشارت إنسايد أرابيا إلى أن دلالات النفوذ السعودي ظهرت في الصحيفة بعد أن أطلقت “الإندبندنت” نسختها العربية عام 2019، وعينت مؤيداً لـ”ابن سلمان”، وهو “عدوان الأحمري”، رئيساً لتحريرها. وفي محاولة لإقامة “إمبراطورية إعلاميّة” للتصدي لهيمنة منافستها القطرية “الجزيرة”، وفرض محتوى يشيد بالإصلاح في المملكة، سعى “ابن سلمان” للحصول على مساعدة من الرئيس التنفيذي لـ”فايس ميديا”، “شين سميث”. لكن قتل “خاشقجي” بعثر الخطط السعودية؛ ما دفع المملكة لدفع مبالغ طائلة لشركات العلاقات البريطانية والأمريكية مقابل حملات التأثير الإعلامي لتحسين صورتها. وتشهد الرياض صورة سلبيّة أكثر من أي وقت مضى في العناوين الغربية، خاصة بعد مقتل “خاشقجي”. وختمت: لم يتحقق بعد حلمها في بناء “إمبراطورية إعلامية”. ومن غير المؤكد ما إذا كان بإمكان “ابن سلمان” ضخ ما يكفي من المال في وسائل الإعلام الغربية للترويج لصورة أكثر إيجابية للمملكة. وتشير المدفوعات السعودية لمنافذ “الصحافة الصفراء” لفضح الحياة الخاصّة لنقاد “ابن سلمان” إلى وجود استراتيجيّة جديدة.
ارسال التعليق