السعودية واحدة من أكبر سجون الصحفيين في العالم
قالت منظمة مراسلون بلا حدود الدولية إن السعودية واحدة من أكبر سجون الصحفيين في العالم باعتقالها 31 صحفيا بشكل تعسفي.
وذكرت المنظمة المدافعة عن حقوق الصحافة، التي أحصت 488 عاملًا في مجال الإعلام مسجونًا في العالم حاليًا أنه “لم يكن يومًا عدد الصحافيين المسجونين مرتفعًا إلى هذه الدرجة منذ إنشاء التقرير السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود عام 1995”.
وأشارت المنظمة إلى أن هذه الزيادة الاستثنائي بنسبة 20 بالمائة في عام واحد ناجمة “بشكل أساسي عن ثلاث دول” هي ميانمار وبيلاروسيا والصين التي تسبب قانونها للأمن القومي الذي فرضته في هونغ كونغ عام 2020 بارتفاع حاد في عدد الصحافيين المعتقلين في هذه المدينة.
وأوضحت المنظمة أنها لم تسجّل يومًا “عدد صحافيات معتقلات” مرتفع إلى هذه الدرجة ويبلغ 60، أي أكثر بالثلث مقارنة بالعام 2020.
وفيما يمثل الرجال معظم عدد الصحافيين المسجونين في العالم (87,7 بالمائة)، إلا أن بيلاروسيا هي الدولة التي احتجزت عدد صحافيات (17) أكبر من عدد الصحافيين الذكور (15).
والدول الخمس التي تسجّل أعلى عدد صحافيين معتقلين حتى الأول من كانون الأول/ديسمبر هي الصين (127) وبورما (53) وفيتنام (43) وبيلاروس (32) والسعودية (31).
وقبل أيام وصفت اللجنة الدولية لحماية الصحفيين CPJ السعودية بأنها واحدة من أكثر دول العالم انتهاكا للصحفيين وحرية التعبير.
وصنفت اللجنة الدولية المملكة في المرتبة الثامنة عالمياً بعد روسيا وقبل إيران في اعتقال الصحفيين في ظل احتجازها 14 صحفياً، بالإضافة أن قتل الصحفي جمال خاشقجي كان له تأثير لتخويف الصحفيين المستقلين.
وقالت اللجنة إن النظام السعودي تحت إشراف ولي العهد محمد بن سلمان عمد إلى قمع الصحفيين بالقوة، بعد موجات عديدة من الاعتقالات بدأت تتزايد منذ 2017، وصلت ذروتها في عام 2019.
وجاء في تقرير اللجنة: بلغ عدد الصحفيين السجناء في العالم رقماً قياسياً جديداً في عام 2021. وتستند الأنظمة القمعية في آسيا وأوروبا وأفريقيا إلى قوانين جديدة بخصوص الأمن والوسائل التكنولوجية لشن قمع شديد ضد الصحافة المستقلة.
وقد كان عام 2021 سنة قاتمة بصفة خاصة للمدافعين عن حرية الصحافة.
فقد وجد إحصاء الصحفيين السجناء لعام 2021 الذي أجرته لجنة حماية الصحفيين أن عدد الصحفيين السجناء بسبب عملهم بلغ 293 صحفياً، وهو رقم قياسي جديد، ويزيد عن عددهم في عام 2020 الذي بلغ 280 صحفياً سجيناً.
وقُتل ما لا يقل عن 24 صحفياً بسبب تغطيتهم الصحفية لغاية الآن في هذا العام؛ وتوفى 18 صحفياً آخر في ظروف غامضة، ولم يُتح تحديد ما إذا كانوا قد استُهدفوا بالقتل.
وتظل الصين هي البلد الذي يسجن أكبر عدد من الصحفيين، وذلك للسنة الثالثة على التوالي، إذ يقبع في سجونها 50 صحفياً.
وتقدمت ميانمار إلى المرتبة الثانية بعد حملة قمع ضد الإعلام تلت الانقلاب العسكري الذي جرى في 1 شباط/ فبراير. واحتل كل من مصر وفيتنام وبيلاروس المراتب الثالثة والرابعة والخامسة، على التوالي.
أما أسباب هذا التصاعد المستمر في أعداد الصحفيين السجناء – فهذه السنة هي السادسة على التوالي التي يُسجل فيها إحصاء لجنة حماية الصحفيين عدداً لا يقل عن 250 صحفياً سجيناً – فهي تختلف من بلد إلى آخر، إلا أنها جميعاً تعكس توجهاً واضحاً: تزايد في عدم التسامح مع التغطية الصحفية المستقلة.
فقد أخذ الحكام المستبدون الصارمون يتجاهلون على نحو متزايد الإجراءات القضائية السليمة وينتهكون الأعراف الدولية ليتمكنوا من البقاء في السلطة.
وفي عالم منشغل بكوفيد-19 ويسعى لإيلاء الأولوية لقضايا من قبيل تغير المناخ، من الواضح أن الحكومات القمعية تدرك أن السخط الشعبي إزاء الإساءات لحقوق الإنسان قد تضاءل، كما باتت الحكومات الديمقراطية أقل حماساً لفرض عقوبات سياسية أو اقتصادية بهذا الخصوص.
ومن الصحيح أن بعض الدول انحرفت عن المسار المتوقع واحتجزت المزيد من الصحفيين، ولكن دولاً أخرى، من قبيل تركيا، التي كانت تسجن أكبر عدد من الصحفيين في إحدى السنوات، حلت في المرتبة السادسة على أحصاء لجنة حماية الصحفيين لهذا العام بعد أن أفرجت عن 20 صحفياً، وما زالت تحتجز 18 صحفياً.
وأفرجت السعودية عن 10 صحفيين سجناء – وهي تحتجز 14 صحفياً حالياً ولم تسجل أي حالة جديدة لسجن صحفيين في إحصاء عام 2021 – مما يعني أنها ما عادت من بين البلدان الخمسة التي تحتجز أكبر عدد من الصحفيين.
ولكن سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن انخفاض عدد الصحفيين السجناء في دولة ما يدل على تغيير موقفها إزاء الصحافة.
فقد لاحظت لجنة حماية الصحفيين أن حملة القمع التي شنتها السلطات التركية بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016 أدت من الناحية الفعلية إلى القضاء على وسائل الإعلام من التيار العام في البلد، ودفعت العديد من الصحفيين إلى ترك المهنة.
كما يتناقص عدد الصحفيين السجناء في تركيا إذ تسمح الحكومة بالإفراج عن مزيد من الصحفيين بانتظار محاكمتهم أو البت في قضايا الاستئناف.
أما في السعودية، فمن المرجح أن التأثير الترهيبي لجريمة قتل جمال خاشقجي المروعة وتقطيع أوصاله في عام 2018، إلى جانب عدة حالات احتجاز جديدة في عام 2019، قد كانت فعالة أكثر في إسكات العديد من الصحفيين مقارنة مع أي موجة جديدة من الاعتقالات.
إضافة إلى ذلك، يجد القادة المستبدون، وعلى نحو متزايد، طرقاً أكثر تعقيداً لحجب الصحفيين المستقلين ووسائل الإعلام المستقلة – خصوصاً إجراءات حجب المواقع الإلكترونية وزيادة المراقبة عبر البرامج الحاسوبية التجسسية العالية التقنية – وهي طرق أكثر فاعلية من احتجاز الصحفيين.
وليس احتجاز الصحفيين الحثيث في الصين أمراً جديداً، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يرد فيها حالات احتجاز صحفيين في هونغ كونغ في الإحصاء السنوي للجنة حماية الصحفيين – وهذا ناجم عن تطبيق قانون الأمن الوطني المتشدد الذي صدر عام 2020 والذي فُرض استجابة للاحتجاجات التاريخية التي شهدتها هونغ كونغ تأييداً للديمقراطية.
وتسجن السلطات ثمانية شخصيات إعلامية في هونغ كونع، من بينهم جيمي لاي مؤسس صحيفة ’أبل ديلي‘ وشركة ’نيكست ديجيتال‘ الإعلامية والحائز على جائزة غوين آيفل لحرية الصحافة في عام 2021 التي تقدمها لجنة حماية الصحفيين، مما شكل ضربة شديدة للصحافة المستقلة في هونغ كونغ والتي كانت تعاني أصلاً من القمع. ويواجه بعضهم عقوبة السجن مدى الحياة.
ارسال التعليق