السودان يُخَفِّض قوّاته في اليمن من 15 ألفًا إلى خمسة آلاف فقط
كشَف السيّد عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء السوداني، العائد للتّو من واشنطن أنّ بلاده قلّصت عدد قوّاتها في اليمن من 15 ألفًا إلى خمسة آلاف جندي، مُؤكِّدًا أنّ الصّراع في اليمن لا يُمكن حلّه عَسكريًّا ويجب إيجاد حل سياسيّ.
أهميّة هذا التّصريح أنّه يكشِف للمرّة الأولى، وعلى هذا المُستوى، حقيقة حجم القوّات السودانيّة في حرب اليمن، فالانطِباع الذي كان سائِدًا هو أنّ عدد القوّات السودانيّة لا يزيد عن بِضعَة آلاف فقط، أرسلها الرئيس السودانيّ المُعتَقل عمر البشير للقِتال في مواقع مُتقدّمة في الحرب اليمنيّة مُنذ بِدايتها في مارس (آذار) عام 2015.
سحب عشرة آلاف جندي سوداني، وبعد انهيار نظام الرئيس البشير بسبب الثّورة الشعبيّة التي استهدفته، ويُؤكِّد أنّ الحُكومة السودانيّة الجديدة بدأت تتخلّى عن هذا الإرث السياسيّ المُكلِف جدًّا، ماديًّا وبَشريًّا ومَعنويًّا.
يُجادل الكثيرون، ونحنُ من بينهم، أنّ مُشاركة قوّات سودانيّة في الحرب اليمنيّة كان خطأً استراتيجيًّا، خاصّةً أنّه ليس هُناك أيّ مصلحة للسودان في المُشاركة في هذه الحرب التي تستهدف أفقر شعب في العالم، وأدّت إلى مقتل حواليّ مِئة ألف من أبنائه، ومُعظَمهم من المَدنيين.
هذه المُشاركة السودانيّة السوداوية كانت مُفاجئةً، خاصّةً أنّ العديد من الدول العربيّة والإسلاميّة الأُخرى رفضَت إرسال أيّ قوّات إلى اليمن، ونحن نتحدّث هُنا عن الأُردن ومِصر إلى جانب الباكستان وماليزيا، وسحَبَت الأخيرة، أيّ ماليزيا، قوّات رمزيّة كانت تتواجد في السعوديّة بعد عودة الرئيس الماليزي مهاتير محمد إلى رئاسة الوزراء قبل عامٍ تَقريبًا.
وجود القوّات السودانيّة في اليمن لم يُغيّر من موازين القِوى العسكريّة، ولم يُحقّق طُموحات التّحالف السعودي الإماراتي في حسم الحرب لصالحه، بل أدّى إلى وقوع خسائر بشريّة كبيرة في صُفوف القوّات السودانيّة هُناك من يُقدّرها بالآلاف ناهِيك عن أضعاف هذا الرّقم من الجرحى في ظِل عدم وجود أيّ إحصاءات رسميّة في هذا الصّدد.
اللواء محمد ناصر العاطفي، وزير الدفاع في حُكومة الحوثيين، وجّه تحذيرًا يوم أمس إلى القِيادة السودانيّة بضرورة سحب جميع قوّاتها من اليمن في أسرعِ وقتٍ مُمكنٍ وقبل فوات الأوان، وتحدّث عن حُصول تقدّم في القُدرات الهُجوميّة اليمنيّة الأمر الذي يُؤهّلها لشَن هُجوم استراتيجيّ شامِل “ضِد قوّات العدو” وما زال من غير المعروف ما إذا كان تقليص أعداد القوّات السودانيّة جاء استجابةً لهذه التّحذيرات التي صَدَر مِثلها الكثير في الماضي أم لا.
تقليص أعداد القوّات السودانيّة المُنخرِطة في حرب اليمن وبعد سحب الإمارات لمُعظم قوّاتها تصحيحٌ لسِياسات خاطئة انعكَست سَلبًا على الشّعب السوداني الطيّب الذي تربطه علاقات إنسانيّة أخويّة مع كُل الشّعوب العربيّة وعلى رأسِها الشّعب اليمنيّ الجار، والشّريك في البحر الأحمر والأمن الإقليميّ.
سبق للرئيس المخلوع عمر البشير أن باع هؤلاء الجنود لمحمد بن سلمان كمرتزقة وكان ثمن هؤلاء الجنود البخس لا يتعدى أكثر من 25 مليون دولار، وكان أحد الشروط المبرمة بين عمر ومبس بأن يدفن قتلى هؤلاء في الأراضي السعودية ولا تسلم جثثهم الى ذويهم وبعيدا عن عدسات الاعلام وتقارير الصحفيين.
ارسال التعليق