الكونغرس يستكمل مقاضاة صندوق الاستثمار السعودي
أمرت اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات في مجلس الشيوخ الأمريكي؛ 4 شركات أميركية تعمل لصالح صندوق الاستثمارات العامة السعودية، بتقديم وثائق تتعلق بالتحقيق الذي تجريه في أنشطة الصندوق واستثماراته في أمريكا.
والرؤساء التنفيذيون لشركات الاستشارات الكبرى من ضمنها بي سي جي، وماكينزي، وتينيو ان وام كلين، سيقدمون شهادتهم أمام مجلس الشيوخ بشأن دور هذه الشركات في توسيع نفوذ الحكومة السعودية في الولايات المتحدة، اليوم الإثنين في السادس من شهر شباط.
وفي رسالة إلى محافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان، اتهم كُلّا من: رئيس اللجنة الفرعية بمجلس الشيوخ "ريتشارد بلومنثال"؛ عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كونيتيكت؛ والعضو البارز "رون جونسون" إلى جانب عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ويسكونسن، صندوق الاستثمارات العامة بمحاولات "غير مسبوقة" لعرقلة تحقيق اللجنة الفرعية في أمر الاستحواذ المقترح لصندوق الاستثمارات العامة على لعبة الجولف الاحترافية في الولايات المتحدة.
وبعد أن أصدرت اللجنة الفرعية مذكرات استدعاء في 2 نوفمبر/تشرين الثاني للحصول على سجلات من الاستشاريين الأربعة المقيمين في الولايات المتحدة، رفع صندوق الاستثمارات العامة دعوى قضائية ضد كل من المستشارين الأربعة في المحكمة الإدارية السعودية بتاريخَي 20 و 30 نوفمبر/تشرين الثاني لمنع المستشارين من تقديم مستندات سرية بموجب مذكرات استدعائهم، الأمر الذي وصفه المشرعون بأنه محاولة لإخفاء السجلات المطلوبة. إلا أن المشرعين رفضوا التراجع في غياب أي تفسير قانوني.
فقد جاء في رسالة أعضاء مجلس الشيوخ "إن قرار صندوق الاستثمارات العامة بالسعي للحصول على إعفاء من أمر الاستدعاء المصرح به حسب الأصول من الكونجرس الأمريكي في منتدى أجنبي، وإصرار صندوق الاستثمارات العامة المستمر على أن يقدم مستشارو صندوق الاستثمارات العامة فقط السجلات التي يسمح بها، أدى إلى المأزق الحالي".
هذا ولا يزال صندوق الاستثمار السعودي يقدم طلبات عاجلة إلى محاكم "السعودية"؛ لمنع المستشارين من تقديم مستندات سرية بموجب مذكرات استدعاء المستشارين.
والمستشارين الأربعة الذين طُلبوا للمثول إلى جلسة استماع اليوم أمام اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات في الكونغرس؛ هم ريتش ليسر، رئيس مجموعة بوسطن، وبوب ستيرنفيلز من شركة ماكينزي، وبول كيري من شركة Teneo Strategy، والمصرفي مايكل كلاين.
حيث قال رئيس اللجنة الفرعية "يجب أن تستمع هذه اللجنة إلى كل مستشار من مستشاري صندوق الاستثمارات العامة، حول عنادهم المستمر في مراقبة الكونغرس، فيما يتعلق بأنشطتهم في أمريكا، والتأثير عليها بناءً على طلب واضح من قوة أجنبية، فضلاً عن الآثار المترتبة على عدم امتثالهم الحالي".
وكتب بلومنثال وجونسون في رسالة لهم "إن دستور الولايات المتحدة يمكّن الكونجرس من إلزام إنتاج المعلومات كجزء من دوره التشريعي، ويطلب القانون من الأشخاص والكيانات داخل الولايات المتحدة الامتثال لأوامر الاستدعاء المصرح بها من الكونجرس حسب الأصول".
وأضافوا في رسالتهم "إن قرار صندوق الاستثمارات العامة بطلب الحصول على إعفاء من أمر الاستدعاء المصرح به حسب الأصول من الكونجرس الأمريكي في منتدى أجنبي، وإصرار صندوق الاستثمارات العامة المستمر على أن يقدم مستشارو صندوق الاستثمارات العامة فقط السجلات التي يأذن بها، قد أدى إلى المأزق الحالي".
كما اتهم رئيس اللجنة الفرعية للتحقيقات في مجلس الشيوخ الأمريكي، ياسر الرميان، محافظ الصندوق، بمحاولة عرقلة تحقيق اللجنة، قائلاً له "لقد أعرب محاميك مرارًا وتكرارًا عن استعداد صندوق الاستثمارات العامة للتعامل مع اللجنة الفرعية بحسن نية، وأكدت ذلك عندما التقينا في المملكة في أكتوبر 2023".
وفي رسالة بتاريخ 12 كانون الثاني من مسؤولي صندوق الاستثمارات العامة إلى اللجنة الفرعية، زعموا فيها أن مذكرات الاستدعاء لمستشاريهم تنتهك مبادئ مختلفة للقانون. وردًا على ذلك، طلب أعضاء مجلس الشيوخ من صندوق الاستثمارات العامة تقديم مذكرة قانونية "تشرح الأسس القانونية لتأكيداته مع الاستشهادات المناسبة بالقانون الأمريكي ومبادئ القانون الدولي ذات الصلة والراسخة" بحلول الثاني من شباط الحالي، وهي المذكرة التي تم رفضها مع فقدانها للمنطق القانوني.
رفض أميركي للغسيل الرياضي السعودي:
وكان قد أصدر مجلس الشيوخ الأمريكي في الرابع من أيلول الماضي؛ مذكرة استدعاء إلى الشركة الأمريكية التابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي الشركة الناشئة LIV Golf، بشأن شراكتها المزمعة مع جولة PGA.
وفيما قالته اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات في مجلس الشيوخ في بيانها الصحفي حينها؛ أن أمر الاستدعاء يدعو إلى الإفراج عن الوثائق المتعلقة بالاتفاقية الإطارية لصندوق الاستثمارات العامة السعودي مع رابطة PGA والاستثمارات الأخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وعلى اعتبار أن هذا الحلف، الذي أتى كانتصار للصندوق السعودي، شكّل “اختراقا” سعودياًّ للولايات المتحدة الأميركية، صدرت هذه المذكرة للتحقيق في نشاطات صندوق الاستثمار السعودي، و”جهوده لكسب النفوذ في أميركا”. وكانت الغاية من جلسة الاستماع التركيز على “الاندماج السعودي المثير للجدل في لعبة الجولف”. حيث قال السيناتور ريتشارد بلومنثال، رئيس اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات في مجلس الشيوخ الأمريكي: ” لا يمكن لصندوق الاستثمارات العامة السعودي أن يتصرف في كلا الاتجاهين. إذا أراد التعامل مع الولايات المتحدة تجاريًا، فيجب أن يخضع لقانون ومراقبة الولايات المتحدة”.
مضيفاً: ” تشمل هذه الرقابة تحقيق هذه اللجنة الفرعية”. وواحدة من الأمور التي وجدوا بها أمرا مريباً، ومدعاة للشك، كانت ما أظهرته مراجعة الإيداعات العامة لصندوق الاستثمارات العامة من ارتفاع في ممتلكات هذا الصندوق في الولايات المتحدة من 2.5 مليار دولار في عام 2018، إلى أكثر من 35 مليار دولار.
وتزايد هذا القلق الأميركي من “الخرق” السعودي، مع عدم امتثال صندوق الاستثمارات العامة لطلبات الإفصاح الطوعية، ما اعتبره المشرعون جزءًا من موقف مثير للقلق من قبل المسؤولين السعوديين لإبعاد أنفسهم عن “متناول القانون الأمريكي”.
وكان قد امتد الحديث الى الدور الذي لعبه ولا يزال صندوق الاستثمار السعودي، الذي تبلغ قيمته 700 مليار دولار، في العديد من الاحداث التي وسمت جبين “السعودية” بالعار تلو العار.
وقال بلومنثال: “لا يمكن لصندوق الاستثمارات العامة السعودي أن يتصرف في كلا الاتجاهين، إذا أراد التعامل مع الولايات المتحدة تجارياً، فيجب أن يخضع لقانون ورقابة الولايات المتحدة”.
حيث أشار السيناتور بلومنثال إلى الإرتكابات السعودية التي كان للصندوق يد فيها:
– ملكية صندوق الاستثمارات العامة لشركة استخدمت طائراتها لاحقًا لنقل قتلة جمال خاشقجي من المملكة العربية السعودية إلى تركيا في عام 2018.
– تمويل تطوير مدينة نيوم، وهي مدينة صحراوية تعد عنصرًا حاسمًا في رؤية 2030. والتي حُكم بالإعدام بسببها على أفراد قبيلة الحويطات التي رفضت التنازل عن أراضيها لصالح مشروع نيوم.
– استخدام “السعودية” لموارد صناديق الثروة السيادية الأجنبية لمحاولة كسب النفوذ في الولايات المتحدة. واصفا الأمر بالمستفز.
ومن ما بات مُتّفق عليه، أن كل ممارسات آل سعود في الحقل الرياضي إنما هي لغاية وحيدة "غسيل سمعتهم" دوليا. ففي مقابلة ابن سلمان المطولة مع شبكة فوكس نيوز، لم ينكر ابن سلمان ممارسة “السعودية” للغسيل الرياضي، واعتبر أنه لا يهتم بما يقوله الناس، وأنه سيستمر في ممارسة الغسيل الرياضي إذا كان سيزيد الناتج المحلي بنسبة 1%.
وتعليقا على هذا التصريح، اعتبرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن “التصريحات حول استخدام الرياضة تؤكد أن التعاون مع السعودية في مجال الرياضة لا يمكن فصله عن سعيها إلى غسيل صورتها، وبالتالي فإن شراء الأندية واستقدام اللاعبين يندرج في هذا الإطار.”
وفي وقت سابق، سلط تقرير لصحيفة “بروبايبل” الأميركية، الضوء وبالأرقام على حجم الانفاق السعودي في مجال غسيل الأموال الرياضي في اوروبا والولايات المتحدة للتغطية على انتهاكات النظام السعودي في مجال حقوق الانسان وجرائم الحرب المرتكبة في اليمن ودعم الارهاب.
وذكر التقرير أن “مشجعي الرياضة في العالم الاوروبي والأميركي في حقيقة الامر لايعرفون سوى القليل عن “السعودية” لا يتجاوز انها دولة تقع في منطقة الشرق الاوسط الغنية بالنفط وتدعم العديد من النشاطات الرياضية لتحسين صورتها المتردية امام المجتمع الدولي في مجال حقوق الانسان”.
وفي الإجمال، يصل حجم الغسيل الرياضي للاموال السعودية الى 3 مليار دولار سنويا، في حين ان معظم الرياضات التي ينفق عليها النظام السعودي مثل الغولف وسباق السيارات ليس لها شعبية في ظل نظام استبدادي متزمت.
وقد يتساءل الكثير عن السبب في ذلك، والجواب بكل وضوح أن الغسيل الرياضي هدفه التغطية على الانتهاكات في مجال حقوق الانسان واعدام المعارضين ونسيان ضحايا جرائم الحرب العدوانية للنظام السعودي وحلفائه في اليمن. وقالت لينا عادل وياهو بن ريتش في موقع (the conversation) الأسترالي، إن فكرة الغسيل الرياضي هي أن السعوديين أصبحوا قلقين فجأة بشأن ارتباط البلاد بانتهاكات حقوق الإنسان. لكن بالنظر إلى أمثلة قطر والإمارات العربية المتحدة، فإن الأنظمة الاستبدادية قادرة على انتهاك المعايير والقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ولا تزال تتناسب بشكل مريح مع النظام الدولي الليبرالي الأوسع.
ارسال التعليق