الملك خالد يكذب محمد بن سلمان حول محمد بن عبدالوهاب
بعد محاولته تزيف التاريخ وإنكار أي دور للدين وخاصة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في تأسيس السعودية، أعاد ناشطون تداول مقطع فيديو لعضو هيئة العلماء السعودية الدكتور عبد الله المنيع يكذب فيه ادعاءات محمد بن سلمان.
ووفقا للمقطع المتداول، فقد روى الدكتور عبدالله المنيع موقفا مع الملك خالد آل سعود حينما دعا هيئة كبار العلماء لحضور اجتماع معه.
وقال “المنيع” أن الملك خالد حينها أخذ “يتحدث عن وجوب الدين وثوابته، وان النصر والتأييد والثبات لا يمكن أن ينسب سببه لغير حماية هذا الدين”.
ونقل “المنيع” عن الملك خالد قوله لهم: “والله أخواني الأمس كان عندي فهد وسلمان وعبد الله وقلت لهم يا إخواني ترى والله ما لنا عز ولا قيمة ولا اعتبار إلا باحتضان ونصرة هذا الدين”.
وتابع أنه قال لهم: “أذكر لكم مثال..جدكم محمد بن سعود قبل أن يتفق مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب كان أمير صغير يأمر عليه ابن معمر أمير الدرعية، ثم هيأ الله الأمر له وانتصر وانتشر وصار له القيمة وان ما وصلنا له بتوفيق الله واحتضاننا هذا الدين”.
مغالطة تاريخية كبيرة:
يشار إلى أنه بالنظر إلى تاريخ 1727، والذي تم اعتماده عاماً لتأسيس السعودية، يمكن الاستنتاج أنَّ في الأمر تزويراً متعمداً ومغالطة تاريخية كبيرة.
وكان الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز قد اصدر في يناير/ كانون الثاني الماضي أمراً ملكياً باعتبار يوم 22 شباط/ فبراير من كل عام ذكرى تأسيس الدولة السعودية، واعتماده إجازة رسمية.
ويمثل اعتماد العام 1727 تاريخاً لتأسيس الدولة السعودية تحريفاً للتاريخ الحقيقي لفكرة الدولة السعودية، أي 1744. وهو العام الذي هرب فيه محمد بن عبد الوهاب إلى الدرعية. وتحالف مع الزعيم القبلي محمد بن سعود في إطار “ميثاق الدرعية”.
حينها، اتفق الرجلان على الحرب في الجزيرة العربية تحت راية ابن سعود. بذريعة “تصحيح عقيدة الناس مما علق بها من الشرك والبدع والخرافات”، وبدأت إمارة الدرعية بالحرب على جيرانها بناءً على ذلك.
وبحسب ما تشير إليه المراجع التاريخية الموثوقة، فإن ابن عبد الوهاب هو المسؤول عن فكرة الغزو والحرب. وبحسب المراجع أيضاً، تولى ابن عبد الوهاب نفسه الإشراف على العمليات العسكرية والإعداد والتجهيز.
فك الارتباط بالوهابية:
ومع تثبيت هذه النقطة، يمكن القول بشكل مباشر إنَّ الخطوة الحالية، أي العودة إلى العام 1727. لا تعدو كونها امتداداً للمحاولات السعودية لفك الارتباط شكلياً عن الوهابية. والتنصّل من كلّ ما ترتّب على هذا الارتباط تاريخياً منذ حروب محمد بن سعود. وتكفير محمد بن عبد الوهاب لسكّان الجزيرة العربية وحتى اليوم. هي محاولة للقول إنَّ الوهابية كانت فكرة طارئة على السعودية، وليست أماً لها.
ولتأكيد هذا التحريف، يمكن العودة إلى ما يورده الملك سلمان نفسه في محاضرة ألقاها في جامعة أم القرى في العام 2011. تحت عنوان “الأسس التاريخية والفكرية للدولة السعودية”. والتي ضُمّنت لاحقاً في كتاب يحمل العنوان ذاته، ويقول فيها الملك سلمان نصاً: “أصبحت هذه البيعة (بيعة ابن عبد الوهاب لابن سعود) ركناً أساسياً من أركان الدولة السعودية إلى اليوم”. ثم يضيف في موضع آخر: “وبهذه المبايعة التاريخية، بدأت أسس الدولة السعودية الأولى على الدين… الأمر الذي لم يحدث للحركات الإصلاحية الدينية الأخرى. وهو أن يكون تاريخ الدعوة مرتبطاً بتاريخ الدولة”.
وتكمن الغاية الثانية من محاولة فكّ الارتباط مع الوهابية في سعي محمد بن سلمان لخلق نزعة أو هوية قومية في السعودية، قوامها الابتعاد عن النزعة الإسلامية، عبر الإفراط في الترفيه وكلّ ما من شأنه أن يلغي الصبغة الدينية للبلاد.
ما علاقة الحجاز؟:
كما أن الأمر يشبه إلى حد كبير ما جرى تاريخياً من طمس للهوية الحجازية في مقابل الهوية الوهابية. إذ تقف النزعة الدينية في المجتمع السّعودي حائلاً أمام طموحات ابن سلمان، وتحديداً محاولاته استنساخ النموذج الإماراتي في السعودية.
كما ان ما تم أيضا، هو ثمة تزوير للتاريخ بحثاً عن تاريخ، ومحاولة لتشكيل امتداد تاريخي مصطنع للسعودية يعود إلى 3 قرون. عبر الإيحاء بأنَّ السعودية حافظت على استمرارية سياسية منذ العام 1727 حتى يومنا هذا. وكذلك محاولة للقول إنّ حكم آل سعود لهذه المنطقة مستمرّ منذ التاريخ المعتمد، وهو تزوير في هذا الإطار.
وفي ظل هذه الحقائق التاريخية، فمن المؤكد أنّ السعودية في إطار تكريس ابن سلمان ملكاً. تسير نحو التخلي حتى عن التقاليد الثقافية الدينية للمجتمع. وفي هذا الإطار، تجري محاولات تعديل التاريخ أو تزويره، إن جاز القول.
كما يأتي هذا أيضا في وقت حاول فيه ولي لعهد السعودي محمد بن سلمان. من التقليل من حجم الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودوره في تأسيس المملكة.
مقابلة “أتلانتك”:
وقال في مقابلة أجرتها معه مجلة “أتلانتيك” الأمريكية ونشرت، الخميس، إن محمد بن عبد الوهاب كسائر الدعاة وليس رسولًا، بل كان داعية فقط، ومن ضمن العديد ممن عملوا من السياسيين والعسكريين في الدولة السعودية الأولى.
كما زعم أن المشكلة في الجزيرة العربية كانت آنذاك أن الناس الذين كانوا قادرين على القراءة أو الكتابة هم فقط طلاب محمد بن عبد الوهاب. فتمت كتابة التاريخ بمنظورهم، وقد أسيء استخدام ذلك من متطرفين عديدين، بحسب قوله.
إلى ذلك، أوضح أن “الشيخ محمد بن عبدالوهاب ليس السعودية، فالمملكة لديها المذهب السنّي والشيعي. وفي المذهب السنّي توجد أربعة مذاهب، ولدى الشيعة مذاهب مختلفة كذلك، ويتم تمثيلها في عدد من الهيئات الشرعية، ولا يمكن لشخص الترويج لإحدى هذه المذاهب ليجعلها الطريقة الوحيدة لرؤية الدين في المملكة. وربما حدث ذلك أحيانًا سابقًا؛ خصوصًا في عقدَي الثمانينات والتسعينات. ومن ثم في أوائل القرن الحادي والعشرين، لكن اليوم نحن نضعها على المسار الصحيح”.
ارسال التعليق