تحت رماد القمع وفي غياب الشفافية: السعودية تحاول إخفاء الفقر
تحت عنوان “الكرامة للجميع”، يحيي العالم في 17 أكتوبر 2022 اليوم الدولي للقضاء على الفقر. ويعدّ اليوم الدولي مناسبة للتذكير بأن الفقر يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان، وبأهمية تكثيف الجهود والتعاون بين كل الجهات من أجل القضاء على الفقر والتمييز.
وتؤكد الأمم المتحدة أن الفقر وغياب المساواة ليستا قضيتين حتميتين، وأنهما نتاج ” لقرارات مقصودة أو تقاعس عن العمل مما أضعف الفئات الأشد فقرا وتهميشا في مجتمعاتنا وانتهك حقوقهم الأساسية”.
يبدو ذلك جليّاً في حالة السعودية، التي تسيطر فيها الجهات الرسمية على كافة المرافق الاقتصادية والاجتماعية، والتي أعلنت عن خطط تنموية شاملة تنضوي معظمها تحت رؤية 2030.
تنعدم الشفافية في تعامل السعودية في موضوع أرقام وحقائق الفقر، ويعزز غياب المعلومات انعدام أي دور للمجتمع المدني أو المنظمات التي من الممكن أن تنقل الوقائع.
على الرغم من ذلك، تبيّن المؤشرات أن نسبة الذين يعانون من الفقر في السعودية لا زالت مرتفعة.
ففي ظل القمع الشديد ومنع الأفراد من التعبير عن رأيهم، وانعدام وسائل الإعلام المستقلة، يلجأ الأفراد إلى وسائل التواصل الاجتماعي لنشر قضاياهم.
ويمكن رصد العديد من الحملات التي تظهر انتشار الفقر والحاجة بشكل كبير، حيث يعمل المؤثرون على وسائل التواصل على جمع التبرعات لمساعدة أشخاص بحاجة إلى علاج طبي أو سكن أو غيرها.
ومؤخرا وبسبب ارتفاع أرقام المحتاجين، بدأت تظهر منصات خاصة من أجل تنظيم هذه الحملات.
في سبتمبر 2022 أعلنت السعودية أن 10 مليون شخص تقريبا يستفيدون من برنامج الدعم الاجتماعي “حساب المواطن”، الذي من المفترض أن يطال المتضررين من السياسات الحكومية الاقتصادية وخاصة بعد رفع الدعم عن أسعار منتجات الطاقة والمياه والكهرباء عام 2017.
لا تحدد السعودية معايير لخط الفقر وحد الكفاية، لعدة أسباب ترتبط باضطرارها إلى رفع أرقام برامج الدعم الاجتماعي في حال تحديدها.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن هذه المؤشرات يجب أن تحدث سنويا حسب التغير في تكاليف المعيشة.
في يناير 2018 فرضت الحكومة السعودية ضريبة على القيمة المضافة، وفي يوليو 2020 رفعت هذه الضريبة إلى 15%. على الرغم من الوعود الرسمية بخفض الضريبة مع انخفاض العجز في الميزانية، لم يتم ذلك.
فيما تشير الاحصاءات الرسمية إلى ارتفاع معدلات التضخم أكثر من 2.7% مع زيادة في أسعار المواد الغذائية.
إضافة إلى ذلك فرضت السعودية عام 2020 ضريبة على المقيمين، ومعظمهم من العمال الأجانب الذين كان مقرر الفقر قد أكد عام 2017 أنهم من أفقر شرائح المجتمع ما يشير إلى تدهور وضعهم منذ ذلك.
تؤثر المشاريع التي تقوم بها الحكومة السعودية في عدة مناطق من البلاد على الفئات الأكثر فقرا بشكل كبير.
مؤخرا، تم تهجير نصف مليون شخص في عمليات هدم أحياء في مدينة جدة والآلاف من حي المسورة في مدينة العوامية، معظمهم من أصحاب الدخل المحدود.
وأكدت العديد من التقارير أن بعض سكان الأحياء لم يتلقوا تحذيرات مسبقة بوقت كافٍ أو تعويضات قبل هدهم منازلهم.
وتشير المعطيات إلى أن عمليات التهجير أدت إلى ارتفاع أرقام الفقراء في هذه المناطق.
وأكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن انعدام الشفافية في تعامل الحكومة السعودية في كافة الملفات تجعل من الصعب الوصول إلى الحقائق، إلا أن المؤشرات تبين مسارا مقلقاً في التعامل الرسمي مع ملف الفقر.
فعلى الرغم من تأكيد المقرر الخاص المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان فيليب ألستون، أهمية إشراك المواطنين والمقيمين في السعودية في الخطط والمشاريع، تستمر السعودية في تهميش الأفراد ومنعهم من التعبير عن رأيهم حتى في الاجراءات التي تطالهم وتطال منازلهم.
فإلى جانب استخدام القوة والسلاح، أصدرت السعودية مؤخرا أحكام إعدام بحق أشخاص بسبب رفضهم سياسات التهجير في منطقة تبوك، ولا زالت تعتقل العشرات على خلفية مماثلة.
إضافة إلى ذلك لا زال المدافع عن حقوق الإنسان عيسى النخيفي يتعرض لانتهاكات بعد أن حكم عليه بالسجن 6 سنوات، بسبب تعاونه مع المقرر الخاص بالفقر خلال زيارته.
وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن السعودية استمرت خلال الأربع سنوات التي تلت زيارة مقرر الفقر لها في تجاهل التوصيات التي تضمنها تقريره النهائي، بما في ذلك احترام حقوق العاملات الأجنبيات والتوعية بها، والعمل على تعريف وقياس الفقر، والتعهد بنشر الاحصاءات فيما يتعلق به.
ارسال التعليق