تراجع عائدات النفط يُحجّم نفوذ السعودية (مترجم)
ركزت استراتيجية السعودية في الشرق الأوسط لسنوات طويلة على منح الأموال لبعض دول المنطقة؛ من أجل مواجهة إيران، ولكن الأزمة المالية التي تمر بها الآن بدأت تحد من قدرتها على منح الأموال، كما بدأت تحد من قوتها في شبه الجزيرة العربية.
تمول السعودية الجماعات الإرهابية لكنها لم تحقق النتيجة المرجوة، وأثبت ظهور تنظيم داعش أن هذه الاستراتيجية لها نتائج غير مقصودة، وفي الواقع، فإن محاولة السعودية لتوسيع نفوذها على الصعيد الإقليمي قد تكون أضعفت بالفعل من قوتها على الصعيد الداخلي وفي شبه الجزيرة العربية.
وعلى هذا النحو، يتأكد السعوديون أنهم لا يمكنهم تشكيل ديناميات المنطقة، فيمكن للرياض أن تخلق مشكلات لخصومها، ولكن لا يمكنها السيطرة على مسار ومستقبل الأحداث، وقد دفعت هذه التجربة السعوديين للتركيز أكثر على المناطق المجاورة مثل اليمن.
في الوقت نفسه، لا تزال أسعار النفط المنخفضة تشكل عبئا على ميزانية الرياض، مما يعيق قدرتها على تمويل الجماعات الإرهابية، وكذلك القيام بأعمال عسكرية في شبه الجزيرة العربية.
كشفت رسائل البريد الإلكتروني المسربة بين السفير الأمريكي السابق لإسرائيل وسفير الإمارات العربية المتحدة، عن معرفته بالعجز في الميزانية، حيث قال إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أعرب عن رغبته في الانسحاب من الصراع في اليمن، وكذلك إصلاح العلاقات السعودية مع إيران.
تعلم طهران والرياض أن العجز المالي السعودي يحد من قدرة السعودية على حماية مصالحها الداخلية، وأي مفاوضات مباشرة بين البلدين سوف تفسر هذا الضعف، وتصب في صالح إيران أكثر من السعودية، وبالتالي أي تراجع سعودي سيتيح لإيران فرصة الضغط على السعوديين لقبول ما لا يريدون قبوله.
يحاول السعوديون إخفاء مشاكلهم الاقتصادية من خلال تقديم ميزانية متوازنة، ولكن مع التحقيق الدقيق، تنهار كل هذ الأكاذيب.
تراجعت بالفعل نفقات السعودية بنسبة 1.3% في الربع الثاني من العام، ولكن انخفاض عائدات النفط بنسبة 28% يشكل العجز الأكبر، وعلى الرغم من أن السعودية تحاول تنويع اقتصادها، فإن إيراداتها غير النفطية تقلصت بنسبة 17%.
تؤكد هذه الدلائل على أن السعودية لا يمكنها الاعتماد على بديل للنفط، وحتى مع ارتفاع أسعار النفط بنسب طفيفة في الشهر الماضي، تظل منخفضة نسبيا على المدى الطويل.
يشكل الإنفاق العسكري والأمني نسبة 37% من الميزانية السعودية لعام 2016، ولكن في عام 2017، 32% فقط.
تستنزف حرب اليمن الميزانية السعودية بشدة، ولا تفعل المملكة حتى الآن أي شيء يثبت تقدمها في هذه الحرب، ولم تحقق الهدف من الحرب وهو تحجيم دور الحوثيين في البلاد.
إذا واجهت السعودية إمكانية استمرار المشاركة في حرب لا تستطيع إكمالها، قد تضطر لقبول نوع من تقاسم السلطة مع إيران، وسيكون هذا اعترافا من الرياض بعدم قدرتها على تحديد مصير شبه الجزيرة العربية، وهنا عليها الاستعانة بالولايات المتحدة بمثابة وسيط في الاتفاقيات مع أعدائها؛ لحماية مصالحها.
لا يريد السعوديون أن يعتمدوا كثيرا على الولايات المتحدة، خاصة مع تخفيف واشنطن العقوبات على البرنامج النووي الإيراني، بينما تفضل السعودية مواجهة إيران في اليمن، فإن ميزانيتها المعتمدة على النفط تجبرها على إعادة النظر في اتفاق توسط سيحد من التأثير الإيراني على شبه الجزيرة العربية، هذا أفضل ما تستطيع السعودية القيام به.
ترجمة : ريهام التهامي
ارسال التعليق