حل الأزمة الخليجية من بوابة كورونا.. فرصة واقعية أم بعيدة؟
التغيير
خرجت دعوة قطرية من وسط جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" التي تضرب العالم، حول إمكانية استثمار هذه الأوقات العصيبة بتعزيز التعاون بين الدول، وتحديدا دول الجوار، كمدخل لحل الأزمة الخليجية التي اندلعت في حزيران/ يونيو 2017.
وبدأت الأزمة الخليجية عام 2017 بعد قطع كل من آل سعود والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، ثم فرض حصار عليها بذريعة تمويل منظمات إرهابية، وهو ما تنفيه الدوحة، وتتهم الدول الأربع بمحاولة السيطرة على قرارها السيادي.
ودعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية القطرية لولوة الخاطر في مقابلة مع قناة "التلفزيون العربي" مساء الاثنين، إلى اتخاذ الأزمات فرصة للتقارب المنشود لحل الأزمة الخليجية، مشددة على أهمية تضافر جهود الدول، خاصة المتجاورة منها، لمحاصرة وباء كورونا.
واقعية الحل
واستدركت الخاطر بقولها: "الدوحة لا ترى مؤشرات على ذوبان الجليد في الأزمة الخليجية رغم كورونا".
ومع امتداد عمر الأزمة الخليجية واقترابها من ثلاثة أعوام، تسلط "التغيير" الضوء حول واقعية البدء في حلها، من خلال استثمار جائحة كورونا القاتلة، بتجاوز جميع الأطراف خلافاتهم، في سبيل تحشيد التعاون المشترك لمواجهة الجائحة.
بدوره، يرى أستاذ الإعلام السياسي في قطر علي الهيل أن "وباء كورونا فرصة أكثر من ذهبية، لكل دولة لها خلاف مع دولة أخرى"، موضحا أن "الفيروس وحد جهود العالم للقضاء عليه، وهذا يمنح فرصة لكل الدول بالخروج من الخلاف مع حفظ ماء الوجه".
ويضيف الهيل في حديثه لوسائل إعلامية أن "حكومة آل سعود والإمارات يمكنهما الخروج من اليمن، بذريعة التفرد للقضاء على كورونا، وهو ما ينطبق على الأزمة الخليجية"، مشيرا إلى أن قطر منذ بداية الأزمة دعت للحوار، وعدم تأثيرها السلبي على الشعوب، وشمولهم في الخلاف السياسي.
وحول فرص حل الأزمة الخليجية، يؤكد الهيل أن "سلطات آل سعود والإمارات تتعنتان إزاء حلها، وتنظران إليها بشكل شخصي، وتتمسكان بشروطهما"، لافتا في الوقت ذاته إلى أن كورونا تسببت بأزمات للدول وتحديدا مملكة آل سعود.
ويشدد الهيل على أن "حل الأزمة الخليجية في ضوء العارض الصحي الحالي ممكن، لكن قطر قدمت مبادرتها، والأمر يحتاج لمبادرة من الأطراف الأخرى".
من جهته، يعتقد الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية أمجد جبريل أن "الدعوة القطرية هي بادرة طيبة، وتكشف عن رغبة الدوحة في حل هذه الأزمة"، مشيرا إلى أن قطر كانت أحرص على الدعوة إلى الحوار والتواصل طيلة فترة الأزمة، مقارنة بأطرافها الأخرى.
قيد التفاعل
ويؤكد جبريل في تصريحات صحفية أن تأثير كورونا على تقريب وجهات النظر الخليجية، لا يزال قيد التفاعل، ولا يمكن إصدار أحكام قاطعة في مثل هذا الوقت المبكر، مستدركا بقوله: "لكن بشكل عام، أدت أزمة كورونا إلى شعور العالم بهذا الخطر، الذي يجتاح الحدود دون تفريق".
ويتابع قائلا: "لا أظن أن الخليج العربي استثناء من هذا الشعور بالخطر، لكن ترجمة هذا الشعور إلى سياسات وإجراءات لم يحدث حتى الآن، فالأمر مثلا يستحق قمة خليجية افتراضية أو عبر تقنيات الفيديو"، وفق قوله.
ويشير جبريل إلى أن "سلطات آل سعود لجأت إلى عقد قمة افتراضية لمجموعة العشرين في آذار/ مارس الماضي، إلى جانب عقد وزراء الطاقة والمالية والاقتصاد في المجموعة اجتماعات أيضا، لكننا لم نرصد دعوات مماثلة لمجلس التعاون الخليجي أو جامعة الدول العربية".
ويعتقد أن "جائحة كورنا تشكل فرصة لحلحلة الأزمة الخليجية، أو إعادة طرحها للتداول الدبلوماسي والسياسي، عبر استثمار الشعور بالخطر من هذه الجائحة"، مشددا في الوقت ذاته أن "الدول الخليجية رسمت خططها وخطواتها لمعالجة الأزمة على صعيد داخلي، وليس على صعيد خليجي، وربما يكون هذا مؤقتا، بما أن الفيروس لم يشهد انتشارا كبيرا في دول الخليج، مثل بؤر أخرى قريبة كإيران".
ويردف قائلا: "فكرة تعزيز التعاون الخليجي لمواجهة الوباء تبقى قائمة كفكرة، لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية لدى صنّاع القرار، خصوصا في مملكة آل سعود، البلد الأكبر خليجيا، لتحويل الفكرة إلى خطوات وربما تعليمات لوزراء صحة الخليج، بالتعاون والتنسيق أو عقد لقاءات وزارية خليجية، حتى لو كانت افتراضية".
ويصنف جبريل الدعوات للتعاون الخليجي، سواء في جائحة كورونا أم غيرها، ضمن الإطار الإيجابي، بغض النظر عن مسألة تنفيذها، منوها إلى أن العلاقات الخليجية-الخليجية بطبيعتها متغيرة، والخلافات موجودة دائما، لكنها لم تفضِ إلى قطيعة إلا في أزمة حصار قطر.
وبناء على ذلك، يرى الباحث بالشؤون الإقليمية أن "تغيير المقاربة الخليجية لجائحة كورونا، يبقى مرتبطا بالقرار السعودي إلى حد كبير"، مبينا أنه لو رغبت الرياض بإعادة مجلس التعاون الخليجي للحياة وتجاوز حالة تجميده غير المعلنة، فإن ذلك قد يسمح بانتهاء الأزمة الخليجية الراهنة أو تهدئتها على أقل تقدير.
ويفيد جبريل أنه من المبكر قراءة تأثيرات أزمة كورونا على موضوع حصار قطر، موضحا أنه "بعد ظهور التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لهذه الجائحة، فربما يمكن نشوء أشياء إيجابية في الخليج والعالم العربي عموما، بما في ذلك احتمال اندلاع احتجاجات أو موجات جديدة من المظاهرات، في حال فشل الأنظمة الخليجية والعربية في التصدي لهذه الجائحة".
ارسال التعليق