سماءات.. سلاح “بن سلمان” للتجسس على معارضيه
التغيير
تتصاعد المخاوف أوساط السعوديين المعارضين لنهج آل سعود سيما الهاربين من المملكة، من أسلحة التجسس الإلكترونية التي ينفق محمد بن سلمان المليارات لشرائها من إسرائيل وأميركا في سبيل قمعهم والتجسس عليهم.
وتعد شركة “سماءات” سلاح عمليات التجسس التي تستهدف معارضي بن سلمان في الخارج، وتتشابك بعلاقات مشبوهة مع شركات عالمية، خارج حدود المملكة.
وترتبط “سماءات” التي تتخذ من العاصمة، الرياض، مقرا لها، بعلاقات وطيدة مع عدد من الشخصيات في الأسرة الحاكمة وهي تقدم خدمات تسويقية على وسائل التواصل لصالح الأسرة.
وتتنامى المخاوف من دور مشبوه للشركة في تسهيل عمليات قذرة، على غرار عملية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، أكتوبر/تشرين الأول 2018.
كشف معارض سعودي بارز، فضحية جديدة داخل صندوق الاستثمارات الذي يشرف عليه محمد بن سلمان، ويقوم باستثمار مليارات المملكة خارجها ويفرض في ذات الوقت سلسلة إجراءات قاسية بحق السعوديين.
ويتساءل هؤلاء عن جدوى دفع المليارات للاستحواذ على أصول خارج المملكة فيما يترك البلد وسط أزمات اقتصادية غير مسبوقة؟.
وقال الأكاديمي السعودي د. سعد الفقيه: إن صندوق الاستثمارات العامة، الذي يفترض أن يستثمر فائض أموال الدولة، يقوم بالاقتراض من البنوك في مملكة آل سعود والأجنبية “باسم الدولة”.
وأضاف الفقيه أن “الأسوأ من ذلك يعجز صندوق الاستثمارات عن السداد ويعتذر للدائنين بسوء الأوضاع الاقتصادية!”.
وأشار إلى أن البنوك بمملكة آل سعود والأجنبية تطالب حاليا، صندوق الاستثمارات، بأموالهم وسداد الديوان، لكن إدارة الصندوق تجيبهم: لا يوجد بداخله فلوس”.
وأكد الفقيه أن مليارات المملكة توضع حاليا في استثمارات فاشلة، مدللا بأن الصندوق يرفض جدولة الديون للبنوك.
وتبلغ قيمة الديون المعلنة لصندوق الاستثمارات العامة 10 مليارات دولار، وهو رقم شكك الفقيه بدقته، وقال إن ديوان الصندوق أكبر من ذلك بكثير.
وتساءل: أنت صندوق استثمارات لماذا تستدين؟ المفروض أنك تستثمر الأموال الفائضة في البلد وليس الاستدانة حتى تثقل كاهل البلد؟. واصفا استدانة صندوق الاستثمارات بـ”الفضيحة”.
ويعد الفقيه أحد أبرز النشطاء الإسلاميين الإصلاحيين الموقعين على بيان المطالب في أبريل 1991 ومذكرة النصيحة في يوليو 1992 وهما خطابان قدما للملك فهد بن عبد العزيز للمطالبة بالإصلاح السياسي ومحاربة الفساد ثم شارك عام 1993 في تأسيس لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية.
وبعد تأسيس اللجنة اعتُقِل الفقيه لأربعة أسابيع في إطار سلسلة اعتقالات شملت بعض مؤسسي اللجنة وداعميها وتعذيب بعضهم وفصلهم جميعًا من وظائفهم بأمر ملكي وإغلاق مكاتب محاماة بعضهم وفرض الإقامة الجبرية عليهم والتشهير بهم إعلاميًا ومنعهم من السفر.
وفي عام 1994 غادر الفقيه مملكة آل سعود مع زوجته وأبنائه الأربعة متجهًا إلى لندن بدعوى وجود دعوة وجهت له لحضور مؤتمر طبي بسويسرا حتى يقنع وزارة الداخلية بالسماح له بالسفر بعد منعه من السفر والتنكيل به في الداخل، فسافر إلى سويسرا ومنها إلى بريطانيا ليعلن في أبريل 1994 برفقة الدكتور محمد المسعري معاودة نشاطات لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية في المملكة ولكن هذه المرة من لندن.
ويستحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على حصص بقيمة نحو ثمانية مليارات دولار في شركات عالمية ضخمة، من بوينغ إلى فيسبوك، في فورة إنفاق تتزامن مع إجراءات تقشف صارمة داخل المملكة.
وبتأثير من صدمة انخفاض أسعار النفط بالإضافة إلى أزمة فيروس كورونا المستجد، قرّرت سلطات آل سعود رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 15 في المئة وإيقاف بدل غلاء المعيشة، وذلك في إطار مسعى تخفيف عجز الميزانية.
وتخالف هذه الإجراءات الصارمة عرفا اجتماعيا معتمدا منذ عقود كان ينعم المواطنون بموجبه بإعانات وإعفاءات من الضرائب ورخاء، تقدمها الدولة مستخدمة عائداتها الكبيرة من الثروة النفطية.
وقام الصندوق في الربع الأول من 2020 بالاستحواذ على حصص في شركات متعددة بقيمة 7,7 مليار دولار من بينها بوينغ ووالت ديزني وستاربكس وماريوت وسيتي غروب.
وقام أيضا بشراء حصص في شركات طاقة عملاقة مثل رويال داتش شل وتوتال، في خطوة تتناقض مع خطة تنويع الاقتصاد المرتهن للنفط. واشترى أيضا حصصا في فيسبوك.
ويعد الصندوق السعودي أيضا الطرف الأبرز في صفقة الاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد الإنكليزي لكرة القدم، والتي تقدّر قيمتها بنحو 300 مليون جنيه استرليني (372 مليون دولار). بينما تبدو الصفقة في خطر بسبب اتهامات موجهة لسلطات آل سعود بالوقوف خلف قناة “بي آوت كيو” التي قرصنت بث العديد من البطولات الرياضية.
الإنفاق والتقشف
ورأى كارين يونغ من معهد “أمريكان إنتربرايز” أن “الشركات سعيدة برؤية الطلب على أسهمها وارتفاع أسعار قيمة الأسهم، لكن الأهم التفكير بكيفية رؤية المواطنين السعوديين لإنفاق سلة مدخراتهم الوطنية الجماعية في أسواق الأسهم العالمية في مرحلة عنوانها أزمة اقتصادية وطنية”.
ويتساءل أصحاب متاجر في الرياض همساً عن سبب عدم استخدام هذه الاستثمارات الضخمة لدعم الأعمال الصغيرة والمتوسطة التي تعاني بسبب جائحة كوفيد-19.
ويقول موظف حكومي سعودي يعمل في وظيفة جزئية ثانية في تطبيق لاستئجار سيارات الأجرة: “نادي كرة قدم. ترفيه ومشاريع ضخمة. تبديد المال على كل هذا أمر غير ضروري في وقت تقشف حاد”.
ويستبعد أن تطمئن هذه الاستثمارات الشباب السعودي الذين يتخوفون من إمكانية عدم حصولهم على عمل مع نسبة بطالة عالية بين الشباب.
وكتب خالد السليمان في مقال في صحيفة “عكاظ” “يشعر المواطن بالقلق من أن الضغط على مستوى معيشته سيكون أطول أمد من فترة الأزمة الراهنة”، متوقعا أن يكون تأثير زيادة الضريبة المضافة “على القدرة الشرائية في المجتمع” كبيرا.
وشهدت قيمة احتياطي آل سعود بالعملات الأجنبية التي يديرها المصرف المركزي هبوطا في آذار/ مارس ونيسان/ أبريل مع إعلان الحكومة تحويل 40 مليار دولار إلى صندوق الاستثمارات.
ويتوقع محللون أن يتم استنفاد الاحتياطات التي هبطت لتصبح نحو 450 مليار دولار في شهر نيسان/ أبريل الماضي، في تراجع قدره 50 مليار دولار عن العام الماضي، لتمويل العجز المتزايد في الميزانية.
ورأى الخبير السعودي علي الشهابي أن “صندوق الاستثمارات يقوم برهانات كبرى على أسهم قليلة”.
وبحسب الشهابي، فإنه مع مرور الوقت، سيتضح إن كانت هذه الاستثمارات في محلها أم لا؟.
وواجه الصندوق، بحسب تقارير، صعوبات في السابق لجذب شركة رحلات بحرية إلى البحر الأحمر حيث تسعى المملكة إلى تطوير مشروع سياحي ضخم بالإضافة إلى مشروع منطقة “نيوم” بقيمة 500 مليار دولار.
ويستبعد الباحث في معهد الخليج العربي في واشنطن روبرت موغيلنيكي أن يسفر العديد من هذه الاستثمارات “عن عائدات كبيرة على المدى القصير”.
وأثار الاستثمار في فيسبوك مخاوف متعلقة بالخصوصية لدى منظمات غير حكومية أمريكية بعد اتهام موظفين في “تويتر” العام الماضي بالتجسس لصالح آل سعود.
وقال مدير في مركز السياسة الدولية في واشنطن بن فريمان: “أنا قلق بشكل خاص من شراء الأسهم الكثيرة في فيسبوك نظرا لأنه من المعروف أنه كان لدى السعوديين جواسيس في تويتر للتجسس على المعارضين السعوديين”.
ارسال التعليق