شراء الذمم بالجنسية... عمرو أديب نموذجاً
يبدو أن حكام الخليج قد استفاقوا مؤخرا، إلى أهمية سلاح الإعلام في قدرته على تحسين صورة حكمهم وقدرته على تشكيل غطاء -هم أنفسهم يعلمون أنه هشّ- على قبح سياساتهم. وكان لإمارات محمد بن زايد حصة الأسد من هذه الإستفاقة.
وأما عن "سعودية" محمد بن سلمان فلها أساليبها الأكثر رجعية في هذا الحقل. ففي حين قام ابن زايد بتحويل بلاده لأكبر مستقطب للمؤثرين العرب والأجانب والذين بدورهم كانوا أكبر ماكينة ترويج وتبييض لنظامهم، يتخبط ابن سلمان في أساليب التبييض والترقيع على جرائم "نظامه".
إلا أن الأسلوب الأكثر اعتمادا منه، قائم على استقطاب النجوم والمشاهير بعيدا عن ملعب ابن زايد في العالم الافتراضي.
وفي هذا الميدان ذاع صيت الإعلامي المصري عمرو أديب، سيّما بعد »أنت صناعة سعودية«، الجملة التي وُصف أديب بها واشتَهرت على لسان تركي آل شيخ، عرّاب مهرجانات واحتفالات آل سعود على أرض الحرمين الشريفين.
على خطى الإمارات.. جنسيات موعودة للمطبلين:
وفي آخر صيحات عمرو أديب، أعلن مؤخرا حصوله على الجنسية السعودية، معتبرًا ذلك "تكريم وتشريف".
وتابع: "لا أعرف الكثير من المصريين الذين حصلوا على هذا التكريم، لكنني سعيد به جدا.. أرجو أن أكون أحد الجسور بين دولتين محوريتين في العالم العربي.. وأقدر على توطيد هذه العلاقات".
وتعليقا على إعلان أديب استحصاله على الجنسية، يقلل الناشط السياسي محمد العمري، من أهمية الأمر. معتبرا أن عمرو أديب هو من الأصوات الإعلامية الضعيفة التي لا يمكنها أن تخدم كثيرا الرؤية "السعودية". متابعا أن الإمارات سبقت "السعوية" باستقطاب أهم الوجوه الإعلامية المصرية.
وفي تصريح لـ"مرآة الجزيرة" يعتبر العمري أن "هيئة الترفيه والإعلام السعودي عملوا منذ فترة طويلة، خاصة فترة وجود السيسي في الحكم المصري، على شراء الإعلاميين المصريين والمشاهير بغية الوصول للجماهير المصرية للتأثير عليها مستقبلا".
وعن الجمهور المُستهدف بشراء الإعلاميين؛ يقول المعارض السعودي "لا أعتقد بأن التأثير قد يطال الجمهور السعودي الداخلي بقدر ما هو يطال الجمهور المصري. وهي عبارة عن شراء نفوذ للتاثير على هذا الجمهور الضخم".
ويستذكر العمري المحطات السابقة التي أعطت فيها "السعودية" الجنسية لغير المقيمين على أراضي الجزيرة العربية، في منتصف سبيعينيات القرن الماضي عندما "قدّم خالد الفيصل، رئيس المؤسسة العامة للرياضة حينها، الجنسية السعودية لحوالي ست لاعبي كرة قدم سودانيين، وذلك لتعزيز حظ نادي أبناء الملك الرياضي بالفوز".
ويلفت العمري إلى أن تقديم الجنسية السعودية كانت تنحصر بالشخصيات من النخب المقربة من عبد العزيز آل سعود، أما على مستوى "النخب العلمية أو على مستوى التجار، لا سيما الفلسطينيين الذين كانوا بحاجة ماسّة للاستحصال على جنسية بما يسمح لهم بالحصول على إقامة مريحة لهم، فلم تُعطَ قط هذه النواحي أي اهتمام".
ويشير في حديثه لـ"مرآة الجزيرة" إلى أن "مسألة إعطاء الجنسية السعودية ليست بالأمر السيادي بقدر ما هي حق للملك حصرا تتحكم أهواءه بها بالدرجة الأولى".
بين الأهداف الإماراتية وتلك السعودية:
في 29 أبريل/نيسان 2017 أعلن رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي عن "تشكيل مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات بهدف ترسيخ مكانة الدولة إقليميا وعالميا وزيادة معرفة شعوب العالم بها".
فكان بمثابة إعلان رسمي عن عزم الإمارات تحوّلها إلى قبلة لـ"المؤثرين" على السوشال ميديا، ولـ"المؤثرين" في المجال الفني والإعلامي.
وعن الصراع والتنافس السعودي- الإماراتي، أكد الناشط السياسي في تصريح لـ"مرآة الجزيرة"، أن الإمارات سبّاقة بسنوات على "السعودية" بشراء الاصوات ومن ضمنها تلك السعودية. وأعطى مثالا على ذلك بـ"انتقال شبكة تلفزيون "العربية" من دبي إلى السعودية، وذلك على خلفية شراء الاستخبارات الإماراتية للإعلاميين السعوديين الذين كانوا مقيمين في الإمارات وحصلوا على الجنسية الإماراتية.
إضافة إلى تمدد الدعم الإماراتي إلى المؤثرين السعوديين للترويج للسياحة الإماراتية.
مؤكدا على أن الهدف السعودي من شراء النجوم وترويضهم لتبييض صورة "السعودية" في هدفها الأول معنوي يهدف لتمييع الوعي الداخلي أكثر منه هدفا اقتصاديا؛ على عكس الإمارات التي تهدف أولا إلى إثراء قطاعها السياحي.
الإستثمار الإماراتي بصنّاع المحتوى:
يكاد لا يخلو محتوى أي "بلوغر" عربي مشهور من ترويج الصورة الناصعة للحياة في الإمارات ولمظاهرها المترفة وخاصة في إمارة دبي. هذا عدا عن صانعي المحتوى الذين أُمّن لهم كل ظروف الإستقرار في دبي فتحوّلوا لوسيلة إعلامية ناطقة بألسنة الحكام.
وفي حادثة تُظهر واقعية الأمر، حصل أن استُدعي يوتيوبرز (صانعي أفلام مصوّرة تُنشر على منصة يوتيوب) مصريين بعد عودتهم من الإمارات، للتحقيق بداعي "بحث اجتماعي من المجلس القومي للطفولة والأمومة" حول أسرة (اليوتيوبر) الشهير أحمد حسن وزوجته زينب عن أسلوب حياتهما.
وقال الزوجان خلال التحقيقات: إنهما "يحصلان على مبلغ مالي 400 دولار شهريا مقابل هذه الفيديوهات"، وهو مبلغ يمثّل الحد الأدنى من الاجور التي يتقاضاها هؤلاء.
كما شارك صانع محتوى أجنبي متخصص بالطعام، تجربته في التصوير في افخم أماكن الإمارات. حيث ذكرخلال مدحه للتجربة "أود أن أعرب عن شكري الكبير خلال زيارة دبي، بسبب حصولي على تذاكر مجانية لجميع الأماكن السياحية في هذه المدينة".
وهو الكندي مارك وينز، أشهر "يوتيوبر" يجري رحلات استكشاف الطعام حول العالم، وتتجاوز متابعات قناته على موقع "يوتيوب" أكثر من 5 ملايين متابع من مختلف الدول.
حيث يُلحظ تفرّد وتنوّع محتوى الفيديوهات التي نشرها عن الإمارات بالمقارنة مع فيديوهات باقي البلدان، وبالعودة إلى ما قاله، فإن الإمارات تبذل مجهودا أكبر بكثير من أي بلد، حتى البلدان السياحية، في تسهيل إظهار الحياة المثالية، وسعادة الشعب، ومدى فخامة وجودة الطعام الخاص بالثقافة الإماراتية. حيث هيأت له الدولة الفرصة لإظهار صورتها، وسهلت له المزارات المتعددة لمناطق مختلفة، منها أماكن رسمية.
في عام 2015، أطلقت دبي قمة "رواد التواصل الاجتماعي العرب"، برعاية وتوجيه محمد بن راشد.وكانت القمة بمثابة الحدث الأول والأكبر من نوعه في المنطقة للمؤثرين العرب على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى ممثلين من كبرى شركات التواصل الاجتماعي في العالم.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2018، عقدت الدورة الثالثة من قمة "رواد التواصل الاجتماعي العربي"، وفي بادرة خصصت اللجنة منصة للمشاهير للقاء معجبيهم ومتابعيهم المقيمين في الإمارات، كما "دكان شو" و"لوفين دبي" لتسليط الضوء على تجربة البودكاست في الوطن العربي، بعد أن أصبحت أحد أكثر الوسائل الإعلامية استخداماً.
وفي 11 ديسمبر/ كانون الأول 2018، بالتوازي مع عقد القمة، أطلقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، تغريدات حول قمة "رواد التواصل الاجتماعي" في الإمارات.
وقالت المنظمة: إن "المؤتمر يحتفي بدور المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي في دبي، بينما المؤثرون الحقيقيون يقبعون في سجون الإمارات بسبب منشورات على فيسبوك"، وتابعت بكلمة: "مهزلة!".
عن إذلال عمرو أديب:
في أيلول الماضي، خلال حلقة خاصة من برنامج (الحكاية) على "mbc مصر" الذي يقدّمه أديب، كان ضيف الحلقة رئيس "الهيئة العامة للترفيه" السعودية تركي آل الشيخ.
أغدق آل شيخ خلال الجلسة بكلمات تلقائية تنبع من تفكيره الفوقي، حيث حدّث الإعلامي المصري بالقول له أنه بنجاحه وتميّزه هذا إنما هو في الأساس صناعة سعودية، كونه انطلق إلى الأضواء عبر شاشة شبكة "أوربت" السعودية حيث استمرّ 14 سنة، قبل أن يخفق في الاستمرار على الشاشات المصرية، وتحديداً ON ويعود قبل أربع سنوات إلى "mbc مصر" التي بدأ معها موسمه الخامس من برنامج (الحكاية).
وفي حادثة سابقة، أُثيرت فيها طبيعة الدور المنوط بعمرو أديب، حيث انتشر فيديو في العام 2018 لأديب وآل شيخ خلال توقيع عقدا مع مجموعة "أم بي سي" بإشراف وحضور شخصي من تركي آل الشيخ.
وعلق آل الشيخ ضاحكا بعد إعلان توقيع العقد الذي يدوم سنتين ويقدم بموجبه عمرو أديب برنامجا أسبوعيا على قنوات "أم بي سي"، "احنا نحب نقول.. بهاي العقد هذا يصبح عمرو أغلى مذيع في الشرق الأوسط" قبل أن يضرب بقوة مبالغ فيها على كتفه.واستطرد قائلا ومعلقا على عمرو أديب باللغة الإنجليزية "لاري كينغ العرب.. ويلكوم تو ساودي أرابيا"، وختم آل الشيخ تعليقه في جلسة ثلاثية جمعته أيضا بالمذيع بقناة "أم بي سي" بتال القوس قائلا "يلاه.. إيلي بعدو".
ارسال التعليق