عودة ترامب لسدة الحكم تعتبر مواجهة لمنطقة الخليج المتحولة
تعتبر عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مواجهة لمنطقة الخليج المتحولة، التي تتمتع بثقة وطموح كبيرين، ومن الضروري أن يستفيد ترامب من هذه الديناميكية الجديدة من خلال التشاور مع المنطقة وأخذ وجهات نظرها بعين الاعتبار.
وخلال السنوات الأربع الماضية، شهدت العلاقات بين دول الخليج والولايات المتحدة تدهورًا ملحوظًا، خاصة مع إدارة الرئيس جو بايدن، التي بدأت ولايتها بتصنيف السعودية كدولة “منبوذة”، في هذا السياق، اتبعت دول مجلس التعاون الخليجي استراتيجية جديدة تهدف إلى بناء علاقات أكثر تنوعًا وعدم الاعتماد الكلي على الولايات المتحدة.
وقد تجلت هذه الاستراتيجية في اتفاقيات أبراهام، التي تعتبر من الإنجازات البارزة لإدارة ترامب السابقة، حيث أسست لعلاقات جديدة مع إسرائيل بعيدًا عن الديناميكيات التقليدية في المنطقة.
وتتمتع دول الخليج، خاصة الإمارات والسعودية، بعلاقات عمل مريحة مع ترامب خلال ولايته الأولى، مما يشجع واشنطن على اعتماد سياسات تدعم الاستقرار والتواصل الثنائي.
وتحت إدارة ترامب الثانية، قد تحظى قضايا مثل ضمانات الأمن السعودية والمساعدات النووية المدنية باهتمام إيجابي، خاصة مع علامات التهدئة في العلاقات الإماراتية الأمريكية التي تجلت في زيارة الرئيس الإماراتي محمد بن زايد إلى واشنطن.
ومع ذلك، فإن الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة ستختبر علاقات دول مجلس التعاون الخليجي مع الولايات المتحدة، خاصة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، فبينما تركز الولايات المتحدة وأوروبا على الحرب في أوكرانيا، فإن دول الخليج تراقب عن كثب التصعيد في الشرق الأوسط، متخوفة من تداعياته على الاستقرار الإقليمي والتعاون الاقتصادي ونفوذ الولايات المتحدة في المنطقة.
ويتعين على ترامب، الذي تعهد بإنهاء الحروب المستمرة في الشرق الأوسط، أن يأخذ في اعتباره العواقب المحتملة لتصاعد الفوضى العالمية، فالسلام المستدام يتطلب معالجة أعمق من مجرد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بل يجب أن يتناول الفجوة الأوسع بين إيران وإسرائيل.
ورغم أن النهج المتشدد قد يبدو مغريًا، إلا أن هناك فائدة أكبر في دراسة جهود دول الخليج الأخيرة لتخفيف التوترات مع إيران.
وقدمت العلاقات الخليجية الإيرانية تطورات جديدة منذ ولاية ترامب الأولى، مما يوفر ديناميكية جديدة يمكن للولايات المتحدة الاستفادة منها لتعزيز الاستقرار الإقليمي.
إن سياسة الضغط الأقصى قد تلبي احتياجات إسرائيل على المدى القصير، لكنها لن تساهم في تحقيق الاستقرار على المدى الطويل، فبدلاً من ذلك، فإن الدبلوماسية الإماراتية تجاه إيران، والمصالحة السعودية الإيرانية المدعومة من الصين، ومبادرات الأمن البحري العمانية، تقدم بدائل بناءة قد تخدم مصالح إسرائيل بشكل أفضل من النهج العسكري.
إضافة إلى ذلك، يجب أن تدرك إدارة ترامب الثانية الفرص التي يوفرها إعادة توجيه دول الخليج نحو علاقات استراتيجية مع دول غير غربية.
إن تزايد وجود الصين في المنطقة يثير قلقًا في واشنطن، لكن استراتيجيات بكين المتمثلة في “عدم التدخل” و”المسافة المتساوية” سمحت لها بتسهيل التخفيف من التوترات بين الخصوم التقليديين في الخليج.
وتسعى دول الخليج أيضًا إلى توسيع انخراطها في مجموعات مثل منظمة شنغهاي للتعاون وBRICS، مما يُظهر تحولًا نحو تعدد المحاور ويبرز الحاجة إلى إعادة تقييم الاستراتيجية الأمريكية، هذه التحديات ليست مجرد عقبات، بل تمثل فرصة للولايات المتحدة لإعادة تعريف دورها في المنطقة.
ويمكن لإدارة ترامب الثانية إعادة تشكيل هذا الديناميكية من خلال التركيز على حل النزاعات، والعودة إلى إطار اتفاقيات أبراهام، وتنشيط مبادرات التعاون الإقليمي مثل I2U2 وIMEC، وذلك من خلال القيام بذلك، ويمكن لواشنطن إعادة تأكيد نفسها كفاعل إقليمي بناء، متقدمةً بأجندة تحظى بدعم دول الخليج ومنطقة أوسع.
إن اهتمام ترامب بإنهاء النزاعات في الشرق الأوسط يتماشى مع تطلعات المنطقة، مما يوفر فرصة تاريخية لبناء شراكة جديدة، من خلال صياغة سياسة مبتكرة تركز على السلام والاستقرار الإقليمي والتعاون، ويمكن لإدارة ترامب الثانية إعادة تعريف دور أمريكا في الشرق الأوسط وتعزيز مكانتها في المنطقة.
ارسال التعليق