"كورونا" يوقف توسعة الحرم المكي.. تعرّف على مراحلها التاريخية
التغيير
يكتسب الحرم المكي أهمية كبيرة بالنسبة لملايين المسلمين، ويحتضن أكبر تجمع على مستوى العالم بشكل سنوي في موسم الحج، كما يستقبل ملايين المعتمرين على مدار العام.
ويترتب على ذلك ضرورة توفر قدرة استيعابية ضخمة لخدمة هؤلاء الملايين الذين تستقبلهم مدينة مكة في آن واحد؛ خاصة أن أعداد الحجاج والمعتمرين تزداد مع تقادم السنين.
وعلى مدار القرون الماضية كان الحرم المكي يشهد تطورات وتوسعة في البناء؛ خاصة مع ازدياد أعداد المسلمين، والتطور في النقل الذي شهده العالم؛ ما أتاح سرعة في الوصول إلى مكة والمدينة المنورة من مختلف بقاع الأرض لأداء مناسك الحج والعمرة.
ولكن تبقى هناك مراحل مهمة شهدها الحرم المكي، الذي ما زال يشهد إعماراً كبيراً لتوسعته بدأ في السنوات الأخيرة، ومن المقرر أن تنتهي في غضون ثلاثة أعوام المرحلة الثالثة من التوسعة الجديدة التي توقفت مؤخراً بفعل فيروس "كورونا" المستجد.
مراحل تاريخية
كان ربط الحرم المكي بالكهرباء عام 1954 نقلة نوعية في تاريخ تنظيم وإدارة بيت الله الحرام، إذ أضيء المسجد بالكامل، ووُضعت فيه المراوح الكهربائية.
وفي عهد الملك سعود والملك فيصل والملك خالد استمرت عملية توسعة وتطوير المسجد الحرام، لتصبح مساحة الحرم 193 ألف متر مربع، وبلغت طاقته الاستيعابية نحو 400 ألف مصلٍّ.
واستمرت عمليات التوسعة في عهد الملك فهد بن عبد العزيز، الذي وضع في 1988 حجر الأساس لأكبر توسعة للحرم المكي في حينها.
شملت التوسعة إضافة جزء جديد إلى المسجد من الناحية الغربية، والاستفادة من السطح العلوي للمسجد، الذي وصلت مساحته إلى 61 ألف متر مربع.
ووصل استيعاب الحرم لأكبر عدد من المصلين آنذاك، ليصل إجمالي القدرة الاستيعابية للحرم إلى 1.5 مليون مصلٍّ، كذلك بُنيت مئذنتان جديدتان، ليصبح إجمالي عدد المآذن وقتها 9 مآذن بارتفاع 89 متراً للمئذنة.
مع تزايد أعداد زوار بيت الله الحرام، أمر الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز بالبدء بمشروع توسعة جديدة تهدف إلى إحداث أكبر توسعة للحرم المكي الشريف، تتناول تطوير الحرم في مختلف النواحي العمرانية والفنية والأمنية.
ولضخامة المشروع وتنوع أبعاده كان من الضروري تقسيمه إلى ثلاث مراحل.
هدفت المرحلة الأولى إلى توسعة مبنى الحرم المكي ليستوعب أكبر عدد ممكن من المصلين، تصل إلى مليوني مصلٍّ في وقت واحد.
أما المرحلة الثانية فهدفت إلى توسعة الساحات الخارجية للحرم التي تضم دورات مياه وممرات وأنفاقاً، إضافة إلى مرافق أخرى، بهدف تسهيل دخول وخروج المصلين وزوار بيت الله الحرام.
وهدفت المرحلة الثالثة إلى تطوير منطقة الخدمات التي تُعد أحد أهم المرافق المساندة التي تشمل محطات التكييف ومحطات الكهرباء، إلى جانب محطات المياه وغيرها من المحطات التي تقدم الدعم اللازم لمنطقة الحرم.
ورافق التوسع وتطوير الحرم المكي جهود كبيرة في تطوير باقي المشاعر الدينية لتسهيل حركة الحجاج والمعتمرين.
شملت هذه المشاعر طريق الملك عبد العزيز، ومشروع قطار المشاعر المقدسة، وقطار الحرمين، وتطوير المنطقة المركزية، وتصريف السيول بالمشاعر المقدسة، ومنشأة الجمرات الحديثة، والطرق الدائرية.
كورونا يوقف التوسعة
فيروس كورونا المستجد الذي ظهر في الصين وانتشر في أغلب دول العالم، ظهر في الجزيرة العربية وما زال يسجل انتشاره بين المواطنين، وعلى إثره أعلنت السلطات إيقاف رحلات العمرة من جميع بلدان العالم.
والخميس (26 مارس) أعلن الشيخ عبد الرحمن السديس، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، إغلاق التوسعة الثالثة للمسجد الحرام في مكة المكرمة؛ في إطار الإجراءات الاحترازية المعمول بها في الحرمين الشريفين.
وجاء في بيان رسمي لهيئة شؤون الحرمين: "باشرت الرئاسة العامة العمل على حزمة من الإجراءات الوقائية حفاظاً على سلامة قاصدي الحرمين الشريفين في الآونة الأخيرة، وتوسعة تلك الإجراءات لتشمل إغلاق الأبواب غير الرئيسية بالمسجد الحرام، وتكثيف عمليات التعقيم لأنظمة التكييف والتهوية بالحرمين الشريفين، وإغلاق سطح وقبو المسجد الحرام، وكذلك تقليص أعداد العاملين والعاملات بالحرمين الشريفين".
وأشار البيان إلى أن "استمرارية الأعمال في الحرمين الشريفين ما زالت قائمة عن بعد، وتقوم جميع الإدارات بتسيير أعمالها وفق الآليات المحددة للعمل عن بعد مع ضمان جودة العمل".
يذكر أن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي تعمل على اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة كافة للحد من انتشار "كورونا"، بالتعاون مع الجهات الصحية والأمنية بالمسجد الحرام.
وكانت وزارة الداخلية بنظام آل سعود أعلنت، في الرابع من الشهر الجاري، تعليق العمرة وزيارة المسجد النبوي للمواطنين والمقيمين مؤقتاً، وذلك لتفادي تفشي فيروس كورونا المستجد.
جدير بالذكر أن فيروس كورونا انتشر بدول الخليج مع توسُّع انتشاره في إيران، بسبب وقوعها بالضفة المقابلة للخليج العربي ووجود حركة تنقُّل واسعة بينهما.
ارسال التعليق