محمد بن سلمان وسعودية ما بعد الوهابية!
استخدم محمد بن سلمان، سلاح العصا والجزرة لكي يحاول فرض رؤيته في الحكم والتي تشمل كافة مناحي الحياة في المملكة التي كانت دومًا محافظة وملتزمة – ولو ظاهريًا – بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وذلك في محاولة منه للحصول على الدعم من الغرب لاعتلائه العرش رغم انتهاكاته.
فمع رقص المغنية الأسترالية الإباحية، إيغي أزاليا، على أنغام كلمات تسيء فيها للذات الإلهية في وسط الرياض، بدأت حقبة جديدة في المملكة شعارها فكر مجتمعي جديد، فرغم الرفض الشعبي الكبير لما حدث؛ إلا أن “ابن سلمان” تجاهل كل ذلك الرفض وفرض رؤيته المجتمعية على المجتمع السعودي المحافظ، وفي سبيل ذلك اتخذ عددًا من الخطوات.
– تدجين المؤسسات الدينية والدعاة:
استخدم “ابن سلمان” سلاح العصا هنا في التعامل مع المؤسسات الرسمية الدينية، مثل؛ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهيئة كبار العلماء، حيث بدأ “ابن سلمان” ولاية عهده بحملة قمع شديدة ضد الدعاة من المصلحين والذين من الممكن أن يشتم من ورائهم معارضة لقرارته التي ستقلب المجتمع السعودي.
فراح “ابن سلمان” يسجن هذا، ويصدر حكم الإعدام بحق هذا، ويعذب ذاك بكل قوة حتى يكونوا عبرة لغيرهم من العلماء والدعاة، حتى لم يتبق سوى من يصفق له ويشجع تغييراته المجتمعية سواء كانت صالحة للمجتمع السعودي أو لا.
عقب ذلك أجرى “ابن سلمان” تغييرات هيكلية وتشريعية داخل المؤسسات الدينية الرسمية، وبدأ بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي سحب اختصاصاتها تمامًا ومنع أفرادها من الحسبة على أفراد المجتمع كما هو معروف في المملكة منذ السبعينيات، ولملاحظة أثر تلك التغييرات علة الهيئة، كفى أن نرى أحد رجالها ومديرها بمنطقة مكة المكرمة، أحمد الغامدي، وهو يجري لقاء مع قناة عبرية يروج فيه بالتطبيع بين السعودية والكيان الصهيوني!
وقال “الغامدي” في الحوار إن “هناك اختلاف من الناحية الفقهية بين علماء المسلمين حول مشروعية الصلح مع اسرائيل، ولا أعتقد أن الرأي الفقهي الممانع في الصلح سيكون له دور مؤثر في استقرار المنطقة”!
ثم انتقل “ابن سلمان” لهيئة كبار العلماء فأعاد تشكيلها من العلماء الذين تبقوا بعد حملة القمع الشديدة لتكون مجرد هيئة تفتي في أحكام الطهارة والصلاة والصوم بعيدًا عن عالم السياسة والمجتمع، ومن تجرأ منهم وتحدث بذلك فالأعين مرصودة ضدهم تسمع وترى كل ما يقولونه، والعاقبة إما الإقالة أو الاعتقال.
فقد كشف حساب “الديوان” عبر “تويتر”، والمشهور بدقة تسريباته من داخل أروقة الحكم بالمملكة، في نوفمبر 2019، عن إقالات تمت داخل الهيئة، وعن إهانات من ولي العهد لاثنين من أعضائها بسبب خطاب “مناصحة” خفيف اللهجة وجهه له 3 من أعضائها.
وقال الحساب في سلسلة تغريدات له: “مع التغيرات في المملكة والتي مست أخلاقيات المجتمع والبصمة الذهنية عنها انتهض ثلاثة من أعضاء هيئة كبار العلماء بكتابة خطاب خفيف اللهجة وناعم جدًا لمحمد بن سلمان يذكرونه بحرمة بعض البرامج وعدم مناسبتها في السعودية.. ودبجوه بكل عبارات التلطيف والنعومة”.
وتابع الحساب قوله: “بمجرد استلامه – ابن سلمان – للخطاب طلب لقاءهم فورًا في جدة وأن يأتونا سويًا في طائرة واحدة وموعدهم سيكون الثانية ظهرًا، فانطلقوا جميعًا من الرياض على الموعد إلا واحد منهم وهو (د.أحمد سير مباركي)”.
وأشار “الديوان” إلى أنهم حينما “وصلوا ديوان جدة استقبلوهم ببرود شديد وبقوا ينتظرون ابن سلمان حتى الثانية ليلاً وهم على كراسيهم، فأبلغوهم أن الموعد تأجل للغد الخامسة عصرًا، فخرجوا آخر الليل ومن بينهم المفتي كذلك”، مضيفًا أنهم “حضروا بالموعد وانتظروا مرة أخرى للثانية ليلاً، فخرج عليهم ابن سلمان وقتها وأهانهم أيما إهانه وقزمهم، وأخبرهم بالنطاق المسموح لهم يتحدثوا فيه، وأن لا يتدخلوا فيما لا يعنيهم”.
واستطرد “ابن سلمان” في شرح نظرته للأمور الشرعية بتأكيده على “أنه يعرف الدين قبلهم ولا يتقيد إلا بإجماع! وليس لهم علاقة بأي جهة، ويبقوا في مكاتبهم يفتوا من يسألهم فقط؛ دون الشأن العام، وضغط بشكل فج ولما أراد “المطلق” تلطيف الجو هدده بنشر حسابه البنكي”!
وقال “ابن سلمان”: “أنا ولي الأمر وحكمي يرفع الخلاف وكل من يتجاوز يلقى جزاءه”، وبالغ بالإساءة بطريقة لم تمر عليهم منذ تأسيس الهيئة.
أما عن مصير الشيخ ” مباركي” فأوضح الحساب أنه “من يوم غد ولأن أحمد سير مباركي لم يحضر، تم التوجيه بفصله من الهيئة واللجنة الدائمة وتم إنزال اسمه من مكان اللوحة ويداوم مكانه الآن العضو الجديد عبدالسلام السليمان”.
واختتم “الديوان” تغريداته بقوله: “هذه الهيئة واللجنة الدائمة وهذا مقام فتاويها عند ابن سلمان التي لا يستعملها إلا في إذلال الناس وسلب حقوقهم وتضمينها في الأحكام الأمنية القضائية، للحكم على الإصلاحيين والعلماء الحقيقيين والمفكرين المستقلين”.
– نشر الفجور من خلال الترفيه:
ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، في تقرير لها، أن نهج ولي العهد محمد بن سلمان، بإغراق السعودية بفعاليات الترفيه يحمل أهدافًا خفية للتغطية على قمع الحريات السياسية الحاصل في المملكة.
وأبرزت الصحيفة في تقرير لها أن “ابن سلمان” عمل على تكريس عقد اجتماعي جديد في المملكة بمنح الشباب حريات اجتماعية مثل الذهاب إلى السينما والرقص وارتداء الملابس غير التقليدية، مقابل الصمت عن قمع الحريات السياسية وعدم انتقاد الحكومة.
ورأت الصحيفة أن “التغييرات الاجتماعية التي يجريها ابن سلمان لا تعالج قضايا حقيقية عميقة، لأنها تغييرات مصطنعة ومفاجئة للأعراف الاجتماعية وستصطدم بمجموعة من التحديات”.
وأشارت إلى أنه في المملكة الإسلامية المحافظة تراهن سلطات محمد بن سلمان على أن مهرجانات الموسيقى والرقص والاختلاط بين الجنسين، ستمنح الشباب السعودي منفذاً للترفيه، لتساهم بهدم الأعراف الاجتماعية الراسخة.
ودليل على ما قالته الصحيفة فإنه منذ أن تأسست هيئة الترفيه تزايد الانفاق عليها بشكل ملحوظ، وغابت الشفافية والإضاحة في الكشف عن الميزانية والأرقام الحقيقية لتلك الأموال، وبات المواطن السعودي يفتقد التوظيف والدعم، وحرم من المشاريع التي تخدم الصالح العام.
والرفض الشعبي مستمر رغم الضغوط والقمع الذي يمارسه “ابن سلمان”، فبعد حفلة “أزاليا” تصدر وسم #نرفض_ما_يحدث_في_بلاد_الحرمين الترند في الخليج وعديد الدول العربية والإسلامية تنديدا بسياسة النظام السعودي القائمة على نشر الإفساد والانحلال والإساءة للمملكة حاضنة المقدسات ومهد الإسلام
كما أصدرت حركة الإصلاح السعودية المعارضة بيانا شجبت فيه الحفل الذي نفذته هيئة الترفيه في الرياض وغنّت فيه “إحدى الفاجرات بألفاظ فيها سبٌّ لله والأنبياء والدين”.
وقالت الحركة في بيان إن ما حدث في الحفل تجاوز الكفر البواح إلى سبّ الذات الإلهية والأنبياء والدين وتحدي المسلمين في عقر دارهم وإهانتهم في دينهم ومعتقداتهم.
كما أبرز موقع Yahoo News أن محمد بن سلمان يحث المسؤولين على توجيه إنفاق الحكومة السعودية نحو الرياضة والترفيه والتسلية؛ كأداة سياسية لتعزيز حكمه.
ونبه إلى أن الحكومة السعودية تُتهم بشكل متكرر بمحاولات الغسيل الرياضي، لتشتيت الانتباه عن انتهاكات حقوق الإنسان.
ويلاحظ العديد من المحللين بأن تأثير الدولة الكبير على نشاط الاقتصاد خنق الإبداع، ويحاصر المشاريع الخاصة، ويُبطئ النمو العام في السعودية.
وبحسب الموقع قد يجادل المتشددون في الملاكمة حول القيمة الرياضية للقتال بين نجم تلفزيون الواقع ومخادع سابق على YouTube. لكن القيمة التجارية للحدث الضخم في فبراير 2023 كانت واضحة لكل من المتسابقين (شارك تومي فيوري وجيك بول في محفظة جائزة تزيد قيمتها عن 13 مليون دولار أمريكي (10.7 مليون جنيه إسترليني) والدولة التي نظمتها – السعودية.
في حين أن استضافة قطر لكأس العالم لكرة القدم للرجال استحوذت على اهتمام العالم في عام 2022، فإن جارتها الأكبر والأكثر ضوضاءً تنخرط الآن في خطط رياضية أكبر.
القوة المالية للمملكة ومستوى طموحها – مثل قطر على المنشطات. من المتوقع على نطاق واسع أن تطلق المملكة عرضًا مشتركًا لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030 لكرة القدم للرجال، وهي في حاجة ماسة إلى زيادة حضورها في الرياضة الدولية.
حتى الآن، كان ناجحًا جدًا. في عالم كرة القدم، تم اختيار المملكة العربية السعودية مؤخرًا لاستضافة كأس العالم للأندية هذا العام وستنظم كأس آسيا في عام 2027. كما ورد أن هيئة السياحة في البلاد قد وقعت صفقة لرعاية كأس العالم لكرة القدم للسيدات هذا العام في أستراليا.
ارسال التعليق