مليون شخص ضحايا التهجير القسري وتدمير الأحياء في جدة
كشف توثيق حقوقي أن نحو مليون شخص باتوا ضحايا عمليات التهجير القسري وتدمير الأحياء في مدينة جدة من دون تلقي تعويضات مناسبة سواء للمواطنين السعوديين أو الأجانب الذين تضررت أو دُمرت ممتلكاتهم أو أصبحت غير صالحة للسكن.
وأبرزت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) أنه في 17 ديسمبر/كانون الأول 2021، كشف ولي العهد محمد بن سلمان عن خطة تطوير كبرى لمشروع وسط جدة.
وقد كان مشروع وسط جدة، الذي كان يُعرف سابقًا باسم جدة داون تاون الجديدة، جزءًا من رؤية محمد بن سلمان 2030 الطموحة.
ويتصور مشروع وسط جدة هدم الأحياء الموجودة في جنوب جدة لتحويلها من سلسلة من أحياء خاصة بالطبقة الوسطى والطبقة العاملة إلى منازل فاخرة عالية التكلفة ومطاعم راقية وأماكن عامة لجذب الأثرياء السعوديين والمغتربين.
وفي حين أنه من المتوقع أن تنفق الحكومة أكثر من 20 مليار دولار على مشروع التطوير الراقي هذا، إلا أنها على ما يبدو خصصت القليل جدًا من ذلك المبلغ لتعويض 1.5 مليون سعودي ممن فقدوا أو سيفقدون منازلهم وسبل عيشهم وأحيائهم بسبب عمليات الهدم.
وقد بدأت عمليات الهدم ببطء في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، لكن بحلول ديسمبر/كانون الأول، بدأت السلطات السعودية في هدم أجزاء كبيرة من عدة أحياء، وتهجير السكان قسرًا دون سابق إنذار ودون التشاور معهم مسبقًا أو تقديم تعويض مناسب لهم بعد ذلك.
وبين أكتوبر/تشرين الأول 2021 ومايو/أيار 2022، هدمت السلطات السعودية ما بين 16 و 20 حيًا على مساحة 4,000 كيلومتر مربع.
وكانت سرعة واتساع عمليات الهدم داخل جدة غير مسبوقة في التاريخ السعودي الحديث، وسيكون تأثير عمليات الهدم على المواطنين السعوديين كبيرًا.
وتظهر خريطة للمشروع نُشرت مؤخرًا أن عمليات الهدم التي من المتوقع أن تكتمل هذا الشهر ستؤثر على 1.5 مليون سعودي في 63 حيًا موزعة على 3 ملايين كيلومتر مربع.
وخلص البحث الذي أجرته منظمة (DAWN) أن عمليات التهجير القسري للحكومة السعودية تنتهك القانون الدولي، لأن هذه الإجراءات لا تتوافق مع الضمانات القانونية المعترف بها دوليًا لضمان حقوق السكان وحمايتها.
وفشلت الحكومة السعودية في استنفاد البدائل المناسبة لعمليات التهجير، واتباع الإجراءات القانونية، بما في ذلك تقديم إشعار مسبق وفرصة للطعن أو تقديم تعويض سريع وكاف وفعال.
علاوة على ذلك، فإن عمليات التهجير القسري تنتهك أيضًا القانون السعودي، لا سيما قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، الذي يتطلب من الحكومة استنفاد جميع بدائل نزع الملكية، بما في ذلك الاستملاك العام، وتقديم تعويض عادل وإشعار مناسب ومعقول.
وأكدت المنظمة أنه يتوجب على الحكومة السعودية أن توقف جميع عمليات الهدم في جدة وحولها إلى أن تتمكن من ضمان التزام المشاريع التنموية بالمعايير القانونية الدولية والقانون السعودي، بما في ذلك تقديم مهلة كافية وفرصة للطعن في القرار والتعويض الفوري والكافي عن الممتلكات.
وجدة هي ثاني أكبر مدينة في المملكة ويبلغ عدد سكانها حوالي 4.5 مليون نسمة.
وفي حين أن جدة مركزًا رئيسيًا للتجارة والتجارة والثقافة، بما في ذلك الحي التاريخي المحمي من قبل اليونسكو، إلا أن جدة تعاني من عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية وأنها مركز حضري شديد الازدحام، بالإضافة إلى النقص في المساكن للسعوديين من الطبقة الدنيا وحتى المتوسطة.
في أكتوبر/تشرين الثاني 2021، بدأت السلطات السعودية بهدم آلاف المنازل في العديد من أحياء جنوب جدة كجزء من خطة إعادة تطوير المنطقة في إطار مشروع وسط جدة.
على الرغم من أن الانتقاد العلني للحكومة السعودية نادر ولا يتم التسامح معه، إلا أن المواطنين السعوديين تظاهروا في تواريخ مختلفة في فبراير/شباط 2022 ضد عمليات الهدم والتهجير القسري، التي حدثت في الغالب في الأحياء المكتظة بالسكان بما في ذلك العديد من أحياء الطبقة العاملة التي يعتبرها المسؤولون السعوديون أحياء فقيرة.
إنّ الحاجة إلى تحسين وتطوير أجزاء من جدة، لا سيما في الجزء الجنوبي المتعثر تنمويًا منها، هي قضية قديمة بالنسبة للحكومة السعودية.
صاغ مخططو المدن والمسؤولون الحكوميون لسنوات خططًا ومشاريع مختلفة، وبينما ظل معظمها مجرد احتمالات تخمينية، نفذت الحكومة بعضًا من هذه المشاريع. ساهمت البيروقراطية الحكومية والفساد في انخفاض مستويات التنفيذ.
على الرغم من أن عمليات الهدم بدأت في أكتوبر/تشرين الأول، إلا أن الحكومة لم تكشف النقاب بشكل كامل عن الخطة الكامنة وراء عمليات الهدم هذه في إطار مشروع وسط جدة، حتى منتصف ديسمبر/كانون الأول 2021.
كان تأثير عمليات الهدم على المواطنين السعوديين والأجانب، وخاصة المهاجرين لأسباب اقتصادية، الذين يعيشون ويعملون في هذه الأحياء كبيرًا بالفعل وسيظل كذلك.
تُظهر خريطة المشروع المنشورة مؤخرًا أن عمليات الهدم هذه ستؤثر على ما يصل إلى 1.5 مليون ساكن—حوالي ثلث سكان المدينة—في 63 حي. تخطط السلطات السعودية لإكمال عمليات الهدم بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2022.
إنّ التصور العام السلبي لعمليات الهدم في جدة مستمد من الإجراءات الحكومية السابقة، حيث استخدم المسؤولون السعوديون ذريعة السلامة العامة والتنمية لاستهداف الأقلية الشيعية في البلاد، ونشروا القوات العسكرية في يونيو/حزيران 2017 لتدمير حي المسورة الذي له تاريخ يقارب 400 عام في مدينة العوامية بالمنطقة الشرقية.
قتلت القوات الحكومية، في إطار تنفيذ هذه الإجراءات، ما لا يقل عن عشرين شخصًا وشرّدت الآلاف.
وعمليات الهدم قد تؤدي إلى مشاعر معادية للحكومة في المناطق المستهدفة والتي يسكن العديد منها، مزيجًا من السعوديين والأجانب من دول عربية أخرى وآسيا.
ارسال التعليق