هل دبّر النطام السعودي حريق مزارع غمسي في #الأحساء
نشب حريق هائل بأحد مزارع قرية غمسي بالأحساء، ما أدى إلى خسائر كبيرة في بساتين النخيل والمزارع، الأمر الذي أدى إلى تحوّل الموقع من مساحات خضراء تنبض بالحياة وتعكس طبيعة الريف الأحسائي إلى مساحات محترقة كلّياً تنبعث منها رائحة موت الطبيعة! بالإضافة إلى خسارة ملّاك الأرض لمحاصيلهم ونخيل يبلغ عمره الثمانين عاماً.
من الطبيعي أمام هكذا حدث، وكما جرت العادة، أن يتم تغطيته إعلاميا من قبل وسائل إعلام النظام السعودي، كأن تنشر خبر تعامل الدفاع المدني مع الحريق والسيطرة عليه، لكن وسائل إعلام النظام امتنعت عن الإتيان على ذكر الخبر من أصله وتجاهلته، وتعاملت مع الأمر كأنه لم يحدث. إلى جانب ذلك، ونظرا لطبيعة المنطقة التي طالتها ألسن اللهب، والمساحة الشاسعة التي تضررت كليا. امتنعت وزارة “البيئة والمياه والزراعة” السعودية، باعتبارها الجهة الموكل لها تقديم التعويض للمزارعين، ولديها فرع بالأحساء، امتنعت عن التعليق أو حتى التواصل مع المزارعين المتضررين، أو إرسال عناصر للكشف عن حجم الأضرار للبحث في آليات وإجراءات التعويض المفترضة.
وانسحب هذا التجاهل والاستهتار بالحدث وبالمزارعين المتضررين على غرفة التجارة بالأحساء أيضا. بالتوازي، وأمام إهمال مؤسسات النظام السعودي المتعمد من القيام بواجباتها البديهية تجاه أصحاب الأراضي، ظهر دور المتطوعين ورجال الأعمال لجهة تقديم الدعم بدلا عن النظام، الأمر الذي ساهم في تناول القضية على مواقع التواصل الاجتماعي وتوجيه الشكر للمساهمين في تخفيف مستوى الخسائر التي تكبدها المزارعون. وشملت التبرعات “أجود أنواع الفسائل وشتلات الليميون والتين لجميع المزارعين الذين تعرضت مزارعهم للحرق بطرف غمسي بالإحساء”. أمام هذا الحدث الذي قد يبدو هامشيا وعابرا لكُثر، لا بدّ من الإشارة إلى أن الوقت الذي قرر النظام السعودي “إعطاء الأذن الطرشا” ليس بريئا على الإطلاق. كما أن الحدث بذاته أثار الشكوك حول طبيعته، إن كان حدث عرضي أو بفعل فاعل، وذلك ربطا بالتوقيت.
يعمل النظام تحت شمّاعة التطوير والتوسعة على مسح مناطق برمتها في محافظة القطيف، وذلك وفق مشروعين: الأول مشروع البئر النفطي والثاني مشروع التخطيط العمراني. الأمر الذي يجعل من تبني السيناريو نفسه في الأحساء أمرا قابلا للتطبيق. على أساس أن المنفذ يحمل الحقد الطائفي نفسه تجاه المحافظتين. وكان النظام على مدى السنوات السابقة قد طبق قرارات الإزالة على عدد غير قليل من العقارات والمزارع، ففي العام 2018 جرى تهجير الأهلي من 525 عقار لصالح “مشروع الطريق الداخلي بالهفوف، وفي الفترة نفسها أعلن عن تهجير أهالي 45 عقارا بزعم تنفيذ مشروع الضلع الشمالي للطريق الداخلي. وفي العام 2013، تمت بسرية نزع ملكيات 750 عقارا من منازل ومزارع لصالح مشاريع توسعة طرقات.
يذكر أنه في العام 2020، بدأ تطوير السلطة النجدية السعودية حقل الغاز الطبيعي “الجافورة” في الأحساء بالتزامن مع إعلان شركة “أرامكو” أن حجمه في حال اكتمال تطويره قد يصل إلى 2.2 تريليون قدم مكعب بحلول عام 2036، ليحقّق بذلك دخلاً صافياً يُقدّر بقيمة 8.6 مليار دولار سنوياً. ينضم حقل “الجافورة” إلى حقول ومقرّات سكنية وصناعية أخرى تستولي عليها شركة “أرامكو” سُلبت جميعها عنوةً من أراضي وأملاك أهالي الأحساء والقطيف الذين يُحرمون من إدارة شؤون منطقتهم والتمتع بثرواتهم بل أيضاً يُقصون من الوظائف الكبرى في الشركات النفطية.
فعلى سبيل المثال حقل “الغوار” النفطي الواقع في محافظة الأحساء شرق “السعودية” يمتد على مساحة 256 كلم، ويعد أكبر حقل نفط في العالم، من حيث المساحة وكمية الإنتاج والإحتياط النفطي، إذ يبلغ إنتاجه 5 ملايين برميل يومياً.
بالإضافة إلى مدينة “الجبيل” للصناعات البتروكيميائية الواقعة في منطقة القطيف التاريخية شرق “السعودية”، على بعد 100 كم شمال مدينة الدمام، العاصمة الشرقية التي استحدثها السعوديون عام1372هـ/1953م بهدف تهميش الأحساء سياسياً واستراتيجياً، عدا عن مقرّات الظهران وهي إحدى ثلاث مجمعات صناعية وسكنية تابعة لشركة “أرامكو” شرق البلاد تقع إلى جانب مجمعات أخرى في رأس تنورة وبقيق.
هذه الحقول والمقرّات الصناعية والسكنية أُنشئت في إقليم الأحساء والقطيف المنطقة الشيعية التي تتمركز فيها ثروات البلاد من الغاز والنفط وقد استحوذ عليها عبد العزيز بن عبد الرحمن عام 1332هـ (1913م)، مع تأسيسه للدولة “السعودية” الثالثة بعدما دخلتها جيوشه وتمركزت فيها على طريقة الغزو والإحتلال.
إلى ذلك، في العام 2018، وعملا بمطالب محمد بن سلمان جرى نقل سكان هجرتي العضيلية وخريص التابعتين للمنطقة إلى قرى ومدنٍ قريبة وزعم أنه سيتم تعويض السكان من قبل شركة “أرامكو” لاحقاً. هذا فضلاً عن تشويه السلطات السعودية لمعالم المنطقة التراثية والبيئية من خلال عمليات ردم أجزاء من البحر وتدمير مساحات شاسعة من المزارع والبساتين وهدم المواقع الأثرية والتاريخية.
آل سعود ينهبون ثروات القطيف والأحساء ويفقرون أهلها إن ثروات إقليم الأحساء والقطيف هي مصدر الثراء الفاحش الذي يتمتّع به الملوك والأمراء وذوي النفوذ في “السعودية”، ثروات تُهدر على شهوات وملذات الأمراء والأميرات، وفي الصفقات الجنونية والمشاريع الخيالية وشراء حماية الغرب للعرش السعودي، وهكذا فإن معظم عائدات البلاد تذهب دون رجعة إلى بنوك الدول الأجنبية وتُهدر على منتجعاتها السياحية وعلى شراء اليخوت والقصور.
وتؤكد الأمم المتحدة أن الفقر وغياب المساواة ليستا قضيتين حتميتين، وأنهما نتاج ” لقرارات مقصودة أو تقاعس عن العمل مما أضعف الفئات الأشد فقرا وتهميشا في مجتمعاتنا وانتهك حقوقهم الأساسية”.
يبدو ذلك جليّاً في حالة السعودية، التي تسيطر فيها الجهات الرسمية على كافة المرافق الاقتصادية والاجتماعية، والتي أعلنت عن خطط تنموية شاملة تنضوي معظمها تحت رؤية 2030. تنعدم الشفافية في تعامل “السعودية” في موضوع أرقام وحقائق الفقر، ويعزز غياب المعلومات انعدام أي دور للمجتمع المدني أو المنظمات التي من الممكن أن تنقل الوقائع.
على الرغم من ذلك، تبيّن المؤشرات أن نسبة الذين يعانون من الفقر في “السعودية” لا زالت مرتفعة: ففي ظل القمع الشديد ومنع الأفراد من التعبير عن رأيهم، وانعدام وسائل الإعلام المستقلة، يجأ الأفراد إلى وسائل التواصل الاجتماعي لنشر قضاياهم، ويمكن رصد العديد من الحملات التي تظهر انتشار الفقر والحاجة بشكل كبير، حيث يعمل المؤثرون على وسائل التواصل على جمع التبرعات لمساعدة أشخاص بحاجة إلى علاج طبي أو سكن أو غيرها. ومؤخرا وبسبب ارتفاع أرقام المحتاجين، بدأت تظهر منصات خاصة من أجل تنظيم هذه الحملات.
في يناير/كانون ثاني 2018 فرض النظام السعودي ضريبة على القيمة المضافة، وفي يوليو/حزيران 2020 رفعت هذه الضريبة إلى 15%. على الرغم من الوعود الرسمية بخفض الضريبة مع انخفاض العجز في الميزانية، لم يتم ذلك، فيما تشير الاحصاءات الرسمية إلى ارتفاع معدلات التضخم أكثر من 2.7% مع زيادة في أسعار المواد الغذائية.
إضافة إلى ذلك فرضت السعودية عام 2020 ضريبة على المقيمين، ومعظمهم من العمال الأجانب الذين كان مقرر الفقر قد أكد عام 2017 أنهم من أفقر شرائح المجتمع ما يشير إلى تدهور وضعهم منذ ذلك.
ففي ظل القمع الشديد ومنع الأفراد من التعبير عن رأيهم، وانعدام وسائل الإعلام المستقلة، يجأ الأفراد إلى وسائل التواصل الاجتماعي لنشر قضاياهم، ويمكن رصد العديد من الحملات التي تظهر انتشار الفقر والحاجة بشكل كبير، حيث يعمل المؤثرون على وسائل التواصل على جمع التبرعات لمساعدة أشخاص بحاجة إلى علاج طبي أو سكن أو غيرها. ومؤخرا وبسبب ارتفاع أرقام المحتاجين، بدأت تظهر منصات خاصة من أجل تنظيم هذه الحملات.
وفي سبتمبر/أيلول 2022 أعلنت “السعودية” أن 10 مليون شخص تقريبا يستفيدون من برنامج الدعم الاجتماعي “حساب المواطن”، الذي من المفترض أن يطال المتضررين من السياسات الحكومية الاقتصادية وخاصة بعد رفع الدعم عن أسعار منتجات الطاقة والمياه والكهرباء عام 2017.
وعلى الضفة المقابلة، أبرزت صحيفة “نيويورك تايمز” وجود إجماع في “السعودية” من أن دفع الحكومة نحو فعاليات الترفيه، تهدف لإلهاء الشعب عن التحديات الاقتصادية.
وذلك مثل ارتفاع معدل البطالة بين الشباب، والتحديات السياسية، مثل الافتقار إلى حرية التعبير وسحق الحريات العامة.
وبحسب الصحيفة، “تركت هذه التغييرات بعض السعوديين في حالة من الذهول، والبعض الآخر غاضبا، حيث لا يمكن التعرف على البلاد تقريبا للأجانب والمواطنين على حد سواء”. ونبهت إلى أن الحكومة السعودية تستخدم مزيجاً من التلاعب والسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي؛ مما أدى إلى خطاب موحد بشكل متزايد يبجل بن سلمان وخطته رؤية 2030″.
ارسال التعليق