السلطات السعودية تبطش بالعمالة الأجنبية
أجْلت حكومة كمبوديا العشرات من مواطنيها من السعودية بعد أن استُقدموا إلى الأخيرة وفقا لعقود عمل مزيّفة. حيث تم خداعهم بعدد ساعات العمل المُتفق عليها والبدل المادي، كما أفادوا بحرمانهم من وجبات الطعام.
وكانت العاملات الكمبوديات البالغ عددهن 78؛ حصلن على عقود عمل وتأشيرات من السفارة السعودية في العاصمة بنوم بنه، وبعد الوصول إلى جدة والرياض والدمام اكتشفن أنهن استقدمن للعمل في مهن لا علاقة لها بتخصصاتهم ومخالفة للعقود الموثقة والمتفق عليها.
وكانت قد ناشدت إحدى الضحايا في فيديو لها على حساب فيسبوك في 18 أبريل الحالي، أن عقد عملها وزميلاتها مع شركة Fatina Manpower Co Ltd الكمبودية يتطلب منهنّ في الأصل القيام بأعمال التنظيف كمجموعة لمدة ثماني ساعات في اليوم وسيتقاضَين راتبا شهريا قدره 1500 ريال (400 دولار).
ولكن في الوقاع فقد عملنَ لأكثر من 16 ساعة يوميا ولم يحصلنً على ما يكفي من الطعام، وهو ما يخالف ما وعدت به الشركة في العقد. وقالت أنه "خلال أسبوع، تلقينا ثلاث وجبات فقط، وبعض الناس لم يحصلوا إلا على الخبز بينما لم يحصل آخرون على أي طعام لمدة خمسة أيام"، مضيفة أنه لم تعد لديهم طاقة للعمل. ومن ثم فقد ناشدوا رئيس الوزراء هون مانيه والسلطات مساعدتهم على العودة إلى كمبوديا.
كما قالت إحدى الضحيات أن صاحب العمل السعودي قد أخذهم إلى "الاحتجاز" وهددهم بالجوع إذا لم يعودوا إلى العمل، ذلك بعد رفعهم مطالبات من الوزارات والمنظمات تسهيل عودتهم إلى كمبوديا منذ الأول من أبريل الحالي، إلا أن مناشداتهم الصامتة تلك لم تلقَ آذان صاغية لا من الجهات السعودية ولا الكمبودية إلا بعد أن تم نشر مقطع الفيديو الذي يفضح واقعهم.
وقد تمكّنت الحكومة الكبودية من استعادتهنّ إلى البلاد على مراحل، كانت أولها في التاسع عشر من شهر أبريل الجاري.
ومسلسل انتهاكات العمال الاجانب في السعودية طويل، فإن ما يفوق التسعة آلاف عامل أجنبي لا يزالون ينتطرون مستحقاتهم من الشركات التي عملوا بها في بعض الأحيان أكثر من عقد، من أصل 21 ألف عامل على الأقل من باكستان، وبنغلادش، والفليبين، ونيبال. وقدّرت محكمة التنفيذ في الرياض في 2019 أن سعودي أوجيه -وحدها-، التي تمت تصفيتها الآن، مدينة بأكثر من 2.6 مليار ريال سعودي (693 دولار أمريكي) كأجور غير مدفوعة وغيرها من المستحقات للعمال.
بدأت الأزمة عام 2016، بعد فترة من انخفاض أسعار النفط والركود الاقتصادي في السعودية، حين تخلفت شركات عدة عن سداد أجور مئات آلاف العمال الوافدين، الذين تقطعت بهم السبل نتيجة ذلك.
وفي أواخر 2023، أعلن أمناء تصفية “شركة سعودي أوجيه المحدودة” وأمين إفلاس “مجموعة محمد المعجل”، وهم أمناء الشركتين السعوديتين اللتين واجهتا تحديات من هذا النوع، وتخضعان حاليا للتصفية والإفلاس على التوالي، أن على الموظفين التسجيل للحصول على مستحقاتهم. لكن ثمة ثغرات عديدة في خطة السداد تعرّض الأجور للخطر.
وفي تقرير هيومن رايتس ووتش السنوي تحدثت عن معاناة العديد من العمال من جراء الانتهاكات و الاستغلال، وأشارت فيه بشكل خاص الى الظروف القاسية للعاملات المنزليات. وابرز الانتهاكات تمثلت بـ: الافراط في العمل، تقييد الإقامة وعدم سداد الأجور وتدنيها، الحرمان من الطعام، الأذى النفسي والبدني والجنسي . كما حرمانهم من امتلاك هواتف لحجج واهية.
وتعزو منظمات حقوقية ارتفاع نسبة التجاوزات الكثيرة في السعودية الى ما يطلق عليه نظام الكفالة وهو نظام قانوني يُتبع في معظم دول الخليج ويحدد العلاقة بين صاحب العمل والعامل الاجنبي.
يقوم نظام الكفالة الموجود منذ 7 عقود في السعودية على السماح باستقدام عمال اجانب، يلزم العامل بالعمل لدى صاحب عمل واحد، دون السماح له بترك الوظيفة او ايجاد ظروف عمل أفضل في وظيفة اخرى؛ دون موافقة الكفيل. كما تصادر جوازات السفر للعمال في اغلب الحالات. ولا يمكنهم مغادرة البلاد إلا بترخيص من الكفيل.
وفق التعديلات الجديدة التي خضع لها هذا القانون، فبات يمكن للعامل ان ينتقل بين الوظائف في البلاد، ولكن بشروط وظروف محددة. أما تعديلات فتستثني العاملين في خمسة قطاعات وهي: السائق الخاص، الحارس، العمالة المنزلية، رعاة الماشية والبستاني. وللمفارقة فإن هذه الفئات المستثناة؛ هي الفئات التي تعتبرها المنظمات الحقوقية انها الاكثر عرضة للاستغلال.
لكن خبراء شككوا في الإصلاحات الأخيرة هذه على نظام الكفيل التي أعلنت عنها سلطات آل سعود لإنهاء معاناة العمالة الوافدة في البلاد لوجود عدة عقبات.
وعلى الرغم من القوانين المُسنّة لهم والتي تلحظ حقوقهم، إلا أنه لا يجري تطبيقها في عديد من الأحيان بحسب ما تشير اليه تقارير المنظمات الحكومية. التي ترصد العديد من الانتهاكات كل عام من ناحية هروب بعض العمالة وخاصة عاملات المنازل بسبب العنف.
و في رسالة تلخص المخاطر التي تتعرض لها العمالة الأجنبية، لعدد من المقررين الأمميين من المختصين في قضايا الرق المعاصرة وحقوق المهاجرين والاتجار بالأشخاص، أعربوا خلالها عن المخاطر التي يتعرض لها العامل الأجنبي في "السعودية".
وقالت الرسالة إن “العقود غالبا ما تكون باللغة العربية، وهو ما لا يفهمه كثير من العمال المهاجرين، إضافة إلى تهميش العاملات والتمييز في الرواتب بين الرجال والنساء”.
وأشارت الرسالة، أيضا، إلى الضرائب والرسوم التي تفرضها الرياض على العمال المهاجرين، مما يؤدي إلى ما وصفته “عبودية الديون”.
ارسال التعليق