تأجيل القمة وجولة تيلرسون وتعنت السعودية
بدأ وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون يوم أمس السبت جولته الجديدة في الشرق الأوسط بزيارة الرياض في إطار مساعي الولايات المتحدة الأمريكية لاحتواء الأزمة الخليجية التي أشعلتها السعودية وتوابعها ضد قطر، بالطبع هذه ليست الجولة الأولى للوزير الأمريكي وفي اعتقادي أنها لن تكون الأخيرة في ظل تعنت السعودية و"حلفائها" وإصرار المملكة على أن تكون جزءاً من المشكلة بدلاً من أن تكون جزءاً من الحل.
* إصرار الإدارة الأمريكية على إنهاء الأزمة الخليجية ليس حباً في قطر أو بغضاً في السعودية، بل إن أمريكا وجدت أن مصالحها في المنطقة قد تعرضت للخطر بسبب هذه الأزمة، وبينما تدعي السعودية ودول الحصار أن قطر تدعم الإرهاب نجد أن هذه الأزمة تسببت في إضعاف التحالف الدولي ضد الإرهاب وداعش، مما يدفعنا للتساؤل: هل افتعال هذه الأزمة مع قطر لتقوية الإرهاب أم لتحجيمه؟ هل مكافحة الإرهاب تتطلب حصار دولة تحتضن أهم قاعدة أمريكية تنطلق منها عمليات عسكرية مهمة ضد الإرهاب؟ وهذه التساؤلات توصلنا إلى معلومة في غاية الخطورة قيلت سابقاً عن الدول والأنظمة التي احتضنت داعش وتقوم بتمويلها ورسم سياساتها الإجرامية، ولا يخفى على أحد أن أسطول سيارات داعش من الماركة اليابانية الشهيرة قد وصل إليها عن طريق ميناء جبل علي!
* من اللافت أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون قد أدلى بتصريحات تشاؤمية قبيل بدء جولته الخارجية، حيث عبر عن عدم تفاؤله في حديث أدلى به لوكالة "بلومبرغ" الألمانية يوم الخميس الماضي وقال بالنص حين سئل عن توقعاته في حل الأزمة الخليجية: "لا أتوقع التوصل إلى حل سريع"، وقد وجه الوزير - ولأول مرة - لومه للسعودية وللدول الأخرى وحملها مسؤولية استمرار الأزمة .. وربما يعلم تيلرسون أن جولته لن تكون حاسمة بعد أن توصل إلى قناعة بأن دول الحصار لا تملك أدلة ولا براهين تثبت من خلالها صدق اتهاماتها لقطر، وفي اعتقادي أنه يقوم بهذه الجولة وهو في قمة تشاؤمه من عدم إبداء السعودية مرونة في حلحلة الأزمة وألا تقبل بالجلوس إلى طاولة الحوار والمفاوضات مع قطر التي أبدت منذ اليوم الأول مرونتها وقبولها لمبدأ الحوار الذي لا يتعارض مع السيادة، وبما أن دول الحصار تريد الانتقاص من سيادة قطر فلذلك ترفض هذه الدول الحوار والتفاوض لأنها لا تملك مبرراً ولا منطقاً ولا دليلاً.. وتصديقاً لذلك أطل د. عبد الخالق عبد الله لسان نظام أبوظبي بتغريدة استباقية قبل وصول تيلرسون إلى الرياض حيث وصف مساعي الوزير الأمريكي بـ "الخائبة" كزياراته السابقة وأكد أن تصريحات تيلرسون لا قيمة لها وقال إنه "لا يعول على زيارته". وطبعاً من المعروف أن عبد الخالق يعمل بالريموت كنترول وهو لا يطلق التغريدات إلا بعد أن تصله التوجيهات عن طريق "قروب الواتس الشهير"، فمن هنا ومن هذه النقطة لا نتوقع أن تبدي السعودية مرونة مع زيارة تيلرسون خاصة وأنها أثبتت أنها لا تملك القرار في إنهاء الأزمة بعدما اتضح أن قرار الحل والعقد يأتي من أبوظبي.
* في غضون ذلك كله تأكدت معلومات أن القمة الخليجية المقرر عقدها في الكويت في ديسمبر القادم قد تأجلت بعد أن تكرر رفض السعودية لجهود الوساطة الكويتية التي تهدف في الأساس إلى الإصلاح وتقوية البيت الخليجي ومحاولة علاج الشرخ الكبير الذي تسببت به دول الحصار.
ختاماً.. كل الشكر والتقدير لسمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الشقيقة على صبره وطول باله وإصراره على إنجاح وساطته في ظل التعنت الواضح الذي تبديه السعودية والدول الأخرى، والشيخ صباح يعلم أن قطر تفتح ذراعيها له وللوساطة وهي الوحيدة التي قدرت جهوده واحترمت مبادرته وأعلنت دعمها الوساطة كما أنها دعمت الجهود الأمريكية لحل الأزمة.. لكن بما أن الطرف الآخر في النزاع لا يرغب في الحل فإنني أطالب دول الحصار بأن تملك الشجاعة لأن تعلن أنها ترفض الوساطة وأنها لا ترغب في الحل حتى يعلم الرأي العام الخليجي أن القصة ليست إرهاباً قطرياً بل هي محاولة يائسة لفرض الوصاية وسعي محموم للتمتع بالثروات القطرية لتعويض خسائرهم في إفشال الربيع العربي وحرب اليمن وتحويل المزيد من "الرز" للنظام المصري.
بقلم : صادق محمد العماري
ارسال التعليق