شرخ كبير بين المؤسسات الدينية والسياسية في السعودية فما أسبابه؟
كثيرة هي الأزمات التي عصفت بالسعودية أو منشأ الفكر الوهابي التكفيري كما يسميها البعض، حيث حاولت السعودية أن تظهر بمظهر القوة والصلابة بينما ينخر بها الفساد الفكري والأخلاقي والسياسي والديني من كل الجهات.
تضارب في الآراء السياسية والفتاوى الدينية من ناحية السينما والتلفزيون
هزَّ الشارع السعودي حدث لم يمضِ عليه إلا يوم واحد عندما قال المدعو عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ رئيس هيئة كبار العلماء في السعودية، إن "الحفلات الغنائية والسينما مفسدة للأخلاق ومدمرة للقيم ومدعاة لاختلاط الجنسين، مشيراً إلى أن السينما تعرض أفلاماً ماجنة وخليعة وفاسدة وإلحادية."
وقال المدعو آل الشيخ، الذي يتولى أيضاً منصب مفتي عام السعودية "أرجو أن يوفق الجميع للخير، نعلم أن الحفلات الغنائية والسينما فساد،" وأشار إلى أن "السينما قد تعرض أفلاماً ماجنة وخليعة وفاسدة وإلحادية، فهي تعتمد على أفلام تستورد من خارج البلاد لتغير من ثقافتنا".
حيث لاقت فتوى آل الشيخ سخطاً كبيراً في الشارع السعودي حيث إن هذه الفتوى ضربت بعرض الحائط تعهدات الحكومة التي تعهدت بها في السابق بإصلاح الجو الثقافي في البلاد ضمن خطة "رؤية 2030" التي أعلن عنها ولي ولي العهد محمد بن سلمان في العام الماضي، ناهيك عن قول الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للترفيه السعودية عمرو المدني الذي لمَّح إلى إمكانية فتح دور للعرض السينمائي وإقامة حفلات غنائية في المملكة هذا العام.
فكل هذه التصريحات ممن يعتبرهم البعض رجال ساسة سعوديين صم الآذان عنها لا بل وتم نقضها جملة وتفصيلاً بتصريحات آل الشيخ الذي قال وشدد على أن "الحفلات الغنائية لا خير فيها، فالترفيه بالأغاني ليل نهار، وفتح صالات السينما في كل الأوقات، مدعاة لاختلاط الجنسين، أولاً سيقال تخصيص أماكن للنساء، ثم يصبح الجميع رجالاً ونساءً في منطقة واحدة، فهذا كله مفسد للأخلاق ومدمر للقيم".
وفي محاولة فاشلة منه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من تضارب التصريحات بين المؤسسة الدينية والسياسية في السعودية قال آل الشيخ: "إن الترفيه بالقنوات التلفزيونية والوسائل الثقافية والعلمية لا بأس به وهو طيب."
وكان ولي ولي العهد السعودي قال في تصريحات نشرتها الأسبوع الماضي مجلة "فورين افيرز" إنه يعتقد بأن نسبة صغيرة فقط من علماء الدين مؤدلجون إلى حد لا يمكن إقناعهم، بينما أكثر من نصف هؤلاء العلماء يمكن إقناعهم عن طريق التواصل والحوار بمساندة المبادرة.
قيادة المرأة للسيارة بين تعنت رجال الدين ومحاولة تهدئة الشعب من رجال السياسة
تعد قضية قيادة المرأة للسيارة والتي تعتبر حقاً لا يقبل الجدل والنقاش موضوعاً شائكاً للغاية في المجتمع السعودي، حيث إن الجدل حول هذا الحق يحمى وطيسه بين الفينة والأخرى حيث برزت هذه القضية من داخل مجلس الشورى، وعلى يد محمد آل زلفة، عضو المجلس، والذي اعتبر أنه لا يمكن بأي حال أن يستمر منع المرأة السعودية من القيادة إلى الأبد.
فبينما يواصل العالم أجمع تطوره ونهضته العلمية والحضارية لا تزال السعودية تعيش في العصور الرملية الغابرة حيث تبحث السعودية عن طريق كبار رجال دينها وعلمائها فيما إذا كان يجوز للمرأة قيادة السيارة أم لا؟؟... وقد سبب هذا الأمر الكثير من الإحراج والارتباك لرجال الساسة فحاولوا الالتفاف على آراء رجال الدين ليجدوا أنفسهم أمام جدار عالٍ وكبير يحيط بالسعودية من كل جهاتها والذي يتمثل بالفكر الوهابي والتكفيري.
وكان آخر تعليق ديني حول حق المرأة بقيادة السيارة قول آل الشيخ، إن قيادة المرأة للسيارة قد تفتح عليها أبواب شر وقد لا تنضبط أمورها، لذا يجب ألّا يتم إقرار هذا الأمر لأنه خطير على حد تعبيره.
وهنا يبزر التضارب الكبير بين الدين والسياسة في السعودية حيث قال الأمير الوليد بن طلال، مطالباً بحسم النّقاش وإيقافه، داعياً السلطات لإعادة النظر بالقوانين التي تمنع النساء من قيادة السيارات، وكتب "كفى نقاشاً: حان وقت قيادة المرأة للسيارة".
ويرى نقاد أن الشرخ والتناقضات التي تعصف بالسعودية من الناحية الدينية والسياسية أكبر بكثير مما تبدو عليه حيث يسعى رجال السياسة السعوديون لتعديل الأوضاع الراهنة ليس بسبب عدم اقتناعهم بها ولكن لأنهم وجدوا أنفسهم بموقف محرج للغاية أمام المجتمع الدولي. فكيف للسعودية التي تمنع النساء من القيادة أن تطالب بحقوق الإنسان في سورية واليمن، نعم السعودية كما يحب أن يسميها البعض هي أم الأزمات العالمية من اليمن إلى سورية والعراق، فهذا الفكر الوهابي العفن بات اليوم يعاني ما يعانيه بسبب الملوك والأمراء ورجال الدين الذي لا يكتفون بجلب الفوضى والضرر لشعوب المنطقة بل يمارسون سياستهم القمعية على أبناء الشعب السعودي.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الغباء السعودي في اتباع سياسة الملوك والأمراء والطواغيت التي من المفترض أن تكون الآن فقط قصصاً للأطفال قبل نومهم ليأخدوا منها العبر.
فالسعودية تظن أنها بإشغال شعوبها فقط بالسعي لنيل أبسط الحقوق من قيادة السيارة وحضور حفلات غنائية... تلهي الشعب عن السعي في المشكلة الكبيرة والحقيقة التي يعاني منها أبناء الشعب السعودي وهي أننا نحن اليوم في العام 2017 وما زالت السعودية مملكة أي أنها تحت سلطة الأمير الذي يأمر بما يشاء ويفعل ما يشاء.
ارسال التعليق