السلطات السعودية مُتّهمة بتزوير وثيقة كوب لمكافحة التغير المناخي
بعد الأخذ والرد الذي نتج عن مؤتمر كوب 29 الذي انعقد في أذربيجان خلال الأسبوع الماضي، سيما ما صرّح به الموفد السعودي عن تراجع بلاده الالتزام باتفاقية الحد من استخدام الوقود الأحفوري، إلى جانب الجدل الذي أُثير على خلفية عدم توافق الدول المشاركة على رقم المبلغ الذي سيتم تقديمه لـالدول النامية لمكافحة التغير المناخي، كُشف مؤخرًا عن فضيحة قامت بها السعودية عبر التلاعب بالنص التفاوضي الرسمي للمؤتمر وتغيير بنود الوثيقة التي تُعدّ غير قابلة للتغيير والتحرير ما اعتُبر أنه يُعرّض القمة للخطر.
هذا ما كشفت عنه صحيفة الغارديان البريطانية السبت 23 من نوفمبر، مشيرة إلى أن باسل السبيتي وهو المندوب من وزارة الطاقة السعودية حصل على النسخة الرئيسية من الوثيقة والتي كانت تتضمن برنامج عمل لمساعدة البلدان على الانتقال إلى مستقبل أنظف وأكثر مرونة، وأجرى عليها بعض التعديلات قبل أن توزعها الرئاسة الأذربيجانية على المشاركين.
وإذ علمت الصحيفة أنه لم يتم إرسال النسخة إلى أي من الدول الأخرى ما عدا السعودية، للاطلاع عليها قبل نشرها، لفتت إلى أن التغييرات شملت حذف قسم من النص الذي يشجع الأطراف على النظر في مسارات انتقالية تتماشى مع نتائج التقييم العالمي الأول والأحكام ذات الصلة من اتفاق باريس والتي من شأنها وضع استراتيجيات إنمائية منخفضة الانبعاثات على المدى الطويل.
أتت هذه الفضيحة في وقت تتجه فيه الأنظار إلى السعودية كمعرقل رئيسي أمام التدابير الرامية إلى خفض حرق الوقود الأحفوري، في مؤتمرات الأطراف المعنية.
كما يأتي هذا الكشف الأخير بعد أن قال البراء توفيق، وهو المتحدث باسم المجموعة العربية في كوب 28، إن الدول العربية ستعارض أي اتفاق مناخي يستهدف الوقود الأحفوري في باكو.
وهو تصريح انتقده المشاركون في المؤتمر الصحفي، فقالت كاثرين ماكينا، وزيرة المناخ الكندية السابقة ورئيسة مجموعة الأمم المتحدة المعنية بالتزامات صافي الانبعاثات الصفرية: “لقد سئمت من معارضة السعودية لأي اقتراح بالتحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
وأضافت: نحن في أزمة مناخية سببها الوقود الأحفوري. يرجى اتخاذ موقف قوي في قمة المناخ في أذربيجان وتحقيق التقدم المطلوب.
كما وجهت وزيرة المناخ السويدية، رومينا بورمختاري، انتقادات حادة للسعودية في قمة المناخ في باكو، واصفة الرياض بأنها كمن يصب الزيت على النار.
وشهد المؤتمر أيضاً عودة الخلافا بين الإمارات السعودية،وهذه المرة حول قضية المناخ.
فالموقف السلبي الذي أظهرته السعودية خلال (كوب 27) تعارض مع قرارات مؤتمر (كوب 26) الذي انعقد خلال العام الماضي في دبي، وحينها اعتُبر الالتزام بالانتقال عن الوقود الأحفوري إحدى النتائج الرئيسية لتلك القمة، قبل أن تعود السعودية وتُبدي تراجعا عنه.
وفي سياق الخلافات التي شهدها المؤتمر، فإن اعتراض الدول النامية كان على الفارق الكبير بين المبالغ التي كانت ترصدها لتتمكن من مكافحة التغير المناخي وتلك التي كانت الدول الأخرى تطرحها.
وبعد أسبوعين من المفاوضات المكثفة، جرى التوصل الأحد إلى اتفاق تاريخي في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين (كوب 29) في باكو عاصمة أذربيجان، يوفر تمويلاً سنوياً بقيمة 300 مليار دولار لصالح الدول النامية.
وفي ذات السياق، اعتبر ممثل أفقر دول العالم إيفانز نجيوا أن الاتفاق لا يرقى إلى مستوى الطموحات المطلوبة لمكافحة تداعيات التغير المناخي بشكل فعال، وهو ما اتفقت معه فرنسا أيضاً.
وأضاف في الجلسة العامة هذا الهدف ليس ما كنا نأمله بعد سنوات من المناقشات.
وحثت أذربيجان الدول على مواصلة السعي، فيما حددت المسودة هدفاً أوسع لجمع 1.3 تريليون دولار في تمويل المناخ سنوياً بحلول عام 2035، بما يشمل التمويل من جميع المصادر العامة والخاصة.
وضمن ردود فعل الدول الأكثر فقراً على المبلغ الذي تم إقراره، علق محمد رياض حميد الله، مسؤول وزارة الخارجية في بنغلاديش قائلاً: نحن بعيدون كل البعد عن 1.3 تريليون دولار.
وأضاف أن محاولة التوافق على رقم يرضي الأطراف، يشبه إلى حد ما المساومة في سوق السمك، وهو ما نفعله غالباً في منطقتنا من العالم.
ارسال التعليق