NYT تروي مآسي مهاجرين أفارقة في مملكة آل سعود
التغيير
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا عن أوضاع المهاجرين الإثيوبيين في مملكة آل سعود، فكل عام يركب أكثر من 100 ألف إثيوبي وصومالي، وغيرهم من شرق أفريقيا، على قوارب المهربين المكتظة عبر البحر الأحمر أو خليج عدن إلى اليمن، بحسب الأمم المتحدة، على أمل أن يستطيعوا إكمال رحلتهم شمالا لمساعدة عائلاتهم من خلال الحصول على عمل كخدم في البيوت ورعاة غنم وعمال في دول الخليج الغنية، التي يعتمد اقتصادها على عمالة المهاجرين.
والرحلة قاتلة في كل مرحلة من مراحلها. في البحر يمنع المهربون الماء والطعام، ويلقون بالمسافرين الذين لا يلتزمون عن القوارب، وفي اليمن يكون المهاجرون تحت رحمة المهربين، الذين يعذبونهم ويغتصبونهم ويعتدون عليهم، ويطلبون مبالغ كبيرة من عائلاتهم الفقيرة لشراء حريتهم، بحسب الأمم المتحدة، وهيومان رايتس ووتش وغيرهم، إضافة إلى مقابلات مع العديد من المهاجرين.
وبحسب دراسات الأمم المتحدة، فإن معظم المهاجرين لا يعرفون عن القتال الدائر في اليمن قبل وصولهم، ولكن الاشتباكات والغارات الجوية تصلهم على أي حال. وعلى الحدود بين اليمن ومملكة آل سعود يقوم الحرس السعودي بفتح النار عليهم وقتلهم، حيث تتناثر جثث المهاجرين فيما أصبحوا يسمونها "وديان المجازر"، بحسب ما يقوله المهاجرون ومسؤولو الخدمات الإنسانية. ومن عاش منهم تحتجزه سلطات آل سعود ثم يتم ترحيله.
وقال مسؤول سعودي، طلب عدم ذكر اسمه، إن تهم سوء معاملة المهاجرين الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني غير صحيحة، وتعدّ وصمة عار للقيم لآل سعود.
ولأنه تم إغلاق الحدود خلال جائحة كورونا، فإن تدفق المهاجرين إلى اليمن توقف تقريبا، حيث تراجع من 18904 في أيار/ مايو 2019 إلى 1195 شخصا خلال أيار/ مايو هذا العام، بحسب الأمم المتحدة. ولكن هناك حوالي 14500 لا يزالون في اليمن. كثير منهم وصلوا في السنوات السابقة، وبقوا لمحاولة كسب قوتهم أو التوفير قليلا للتمكن من الوصول إلى مملكة آل سعود.
وغادرت فاطمة محمد، البالغة من العمر 23 عاما، مدينة كميس في إثيوبيا بعد الطلاق منذ عامين، على أمل أن تكسب ما يكفي من المال في مملكة آل سعود كخادمة لإعاشة أمها الأرملة وطفلين تركتهما معها. وظل المهرب الذي أخذها لليمن يضربها ويهدد بقتلها إن لم ترسل عائلتها المال.
وعندما لم تستطع دفع المال، تقول فاطمة إنها بيعت لمهرب آخر وضعها للعمل في مقهى شيشة في مستوطنة الغار، حيث أرغمها صاحب المحل أن تمارس الجنس مع الزبائن.
أما خضر جنة، فكان يعمل في فندق في الغار، وكان الوحيد من بين مجموعة من الأصدقاء من بلدة Harage الإثيوبية، الذي استطاع أن يصل إلى اليمن. فكان هو وحوالي 70 آخرين اكتظوا على قارب صغير من السواحل الصومالية، وحرموا من الحركة أو الأكل أو الشرب لمدة يومين في الطريق إلى اليمن، وعندما طلب صديقان الماء، طعنهما المهربون، وألقوا بهما من القارب.
وقال جنة إنه بينما كان يشاهدهما يغرقان "بكيت بصمت، لأنني كنت أعلم أن مصيري سيكون مثلهما إن سمعوني".
ويقول محمد عبدي خير، مدير فرع القرن الأفريقي والشرق في المنظمة الدولية للهجرة: "إن هذا الشكل من أشكال الوصم للمهاجرين يهدد حياتهم". وأضاف أن بعض المهاجرين منعوا من الحصول على الماء والطعام، وآخرون منعوا من الحصول على العلاج.
واستطاع علي محمد وستة آخرون معه الوصول إلى الحدود من الهديان بالفرار من الرصاص بالاختباء في ظل الصخور، لكن خمسين شخصا الآخرين في مجموعتهم قد قتلوا.
وقال عدد من المهاجرين، الذين تمت مقابلتهم بالهاتف من سجون آل سعود، إن السعوديين قاموا بجعل الرجال يخلعون ملابسهم، والبقاء بالملابس الداخلية فقط، وأخذوا حقائب النساء، وضربوا خضر جنة على صدره بعقب بندقية، وأكرهوه على تسليم نقوده، ويقول: توفير أربع سنوات ذهب هباء.
ثم تم نقلهم إلى سجون آل سعود، وفصل الرجال عن زوجاتهم وأطفالهم.
وفي مقابلات هاتفية لإثيوبيين في سجون آل سعود، قالوا إنهم لم يتلقوا أي شيء للطعام عدا بعض البسكويت أو الخبز أو شيء من الأرز كل يوم. والأرض الإسمنتية هي المرحاض والسرير في نفس الوقت. وقالوا إنهم يقومون بتنظيفها بقدر الإمكان قبل النوم.
وقالت فاطمة محمد، المسجونة في مدينة جدة وترى رضيعها يذبل أمام عينها: "أخشى أن يموت يوما بين يدي، نحن بشر ولكننا فقراء. أريد أن أذهب إلى بلدي وأموت على أرضي". وقد يتحقق لها ما تتمناه.
فقد رحّلت سلطات آل سعود حوالي 300 ألف إثيوبي على مدى العامين الماضيين؛ لوجودهم في المملكة بشكل غير قانوني، بحسب مسؤولين في العمل الإنساني. واستمر الترحيل خلال الجائحة، مع أن الحكومة الإثيوبية عارضت، قائلة إنها لا تستطيع التعامل مع آلاف العائدين.
وقال مسؤول سعودي إن حكومة آل سعود التي تتعامل مع تفشي كبير في البلد تقوم بغربلة المرحلين لأعراض المرض، وتعالج مجانا كل المصابين بالفيروس بدل ترحيلهم.
لكن بالنسبة للمهاجرين، العودة تعني الاستسلام.
وقال خضر جنة: "وعدت أخوتي وأخواتي الستة الأصغر مني بأني سأذهب لمملكة آل سعود؛ لأعمل وأرسلهم إلى المدارس، لكن ذلك لم يكن سوى حلم جامح".
ارسال التعليق