اجتماعات متسارعة.. هل يمتد الحلف القطري - التركي إلى ليبيا؟
التغيير
في مواجهة تحالف الرباعية العربية (مصر، الإمارات، البحرين ومملكة آل سعود) شهدت العلاقات القطرية التركية تسارع كبير ومرّـ باختبارات وتحديات صعبة، اكتسبت خلالها زخماً كبيراً من خلال إبرام عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية والسياسية، وصولاً إلى تفاهمات سياسية حول قضايا مختلفة، أبرزها مؤخراً التطورات العسكرية في ليبيا.
وخلال الأشهر الأخيرة عزز البلدان من علاقتهما؛ بعقد اجتماعاتٍ مكثفة لقيادات من البلدين، كان أبرزها زيارة الرئيس التركي إلى الدوحة، واللقاءات العسكرية التي جمعت الطرفين بحضور ممثلين عن حكومة الوفاق الليبية، التي تسعى قواتها مؤخراً لاستعادة مدينة سرت من قبضة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
ومنذ نحو شهرين، تعيش ليبيا على صفيح ساخن، بعد أن تمكنت الوفاق، المدعومة من تركيا، من استعادة مناطق واسعة واستراتيجية كان يسيطر عليها حفتر المدعوم من مصر ودول خليجية كالإمارات ومملكة آل سعود، وسط حراك دبلوماسي عربي ودولي.
لقاءات متلاحقة
كانت العاصمة التركية أنقرة مقر تحركات أخيرة ولقاءات جمعت وزير الدولة القطري لشؤون الدفاع خالد العطية، مع نظيره التركي خلوصي أكار، ووزير الداخلية في حكومة الوفاق الليبية فتحي باشاغا.
ووفقاً لوكالة "الأناضول" التركية فإن الاجتماع الذي جمع العطية مع الوزير التركي بمقر وزارة الدفاع في أنقرة، في 20 يوليو 2020، جرى خلاله تبادل الآراء حول قضايا إقليمية، فضلاً عن بحث التعاون الدفاعي والأمني، وذلك بعد يوم من انتهاء زيارة أكار للدوحة.
وأضافت أن أكار أكد خلال اللقاء استمرار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في العديد من المجالات، قائلاً: "نعرب عن شكرنا لقطر إزاء الدعم الجاد للحكومة الشرعية في ليبيا، وحيال ضمان مناخ الاستقرار هناك".
وأكدت الوكالة أن زيارة الوزير القطري إلى تركيا تعتبر استكمالاً للزيارة التي أجراها أكار إلى الدوحة في 19 يوليو (التقى خلالها بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني)، وفرصة أخرى لبحث المستجدات بين البلدين.
من جهتها، قالت وزارة الدفاع القطرية، في بيان مقتضب على حسابها في "تويتر"، إن اجتماع العطية مع الوزيرين التركي والليبي، ناقش "عدداً من المواضيع ذات الاهتمام المشترك، بالإضافة إلى آخر المستجدات على الساحة الليبية".
وجاءت هذه التحركات عقب الانتصارات المتلاحقة لحكومة طرابلس على "قوات شرق ليبيا" التي يقودها حفتر، وقرار الوفاق المضي قدماً في تحرير كامل ليبيا؛ قبل أن تصدم بتهديد مصري، تدعمه أبوظبي والرياض، مفاده أن دخول سرت والجفرة يعني مواجهة عسكرية مباشرة مع القاهرة.
تفاهم مشترك
في 4 يوليو الجاري، زار وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، رفقة رئيس الأركان يشار غولار، ليبيا، وتفقد خلالها عدداً من المنشآت العسكرية الخاضعة للتنسيق المشترك مع حكومة الوفاق، بالتزامن مع تحركات لتحرير مدينة سرت.
هذه الزيارة تزامنت تقريباً مع زيارة الرئيس التركي إلى العاصمة القطرية الدوحة، في أولى رحلاته الخارجية، بعد رفع قيود السفر المفروضة للحد من انتشار فيروس كورونا، حيث لم يفصل بين الزيارتين إلا يوم واحد، مما أعطى إيحاءً عاماً بمدى التفاهم بين الدوحة وأنقره في الملف الليبي.
وقالت وكالة الأنباء القطرية "قنا" إن الاجتماع الذي عقد بين أمير قطر والرئيس التركي ناقش أبرز تطورات الأوضاع في ليبيا، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر بشأن القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك.
كما نقلت قناة الجزيرة عن لولوة الخاطر، مساعدة وزير الخارجية القطري، قولها عقب زيارة أردوغان للدوحة: إن "هناك توافقاً كبيراً في الرؤى بين قطر وتركيا، لا سيما أن كلتا الدولتين تدعمان حكومة الوفاق الوطني (في ليبيا)، وتدعمانها بشكل أساسي للمضي في المسار السياسي الذي يقوم على قرارات مجلس الأمن ذات الصلة لا سيما 2259 واتفاق الصخيرات".
وتابعت: "إذا نظرنا إلى المشهد الليبي من هذا المنظور هناك توافق كبير بين الدولتين وكلانا نستهدف بالدرجة الأولى مصلحة الشعب الليبي واستقرار ليبيا الذي يكون من خلال المسار السياسي، لكن ضمن الأطر المتعلقة بالشرعية الدولية ودعم حكومة الوفاق الوطني لبسط الاستقرار على كافة الأراضي الليبية".
توافق يدعم حكومة الوفاق
يؤكد أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة قطر، الدكتور ماجد الأنصاري، أن التوافق القطري التركي الدولي حول ليبيا من شأنه أن يدعم تثبيت الوضع السياسي هناك، ودعم الحكومة الحالية.
وأشار إلى أن الدعم القطري ينحصر في الدعم السياسي والاقتصادي لحكومة الوفاق من خلال المواقف المعلنة، إضافة إلى توفير الدعم الاقتصادي لتركيا حين حاجتها، مؤكداً في الوقت ذاته أن الدوحة تدعم الجهود التركية والوجود العسكري في ليبيا الذي جاء بطلب من حكومة الوفاق.
وأضاف، في حديثه صحفي أن هذا التوافق بين قطر وتركيا يعد "من الأسباب الرئيسية لحماية حكومة الوفاق والحكومة الشرعية من التدخلات الخارجية".
وحول ما تقوم به قطر دولياً في هذا الجانب، يشير الأنصاري إلى أنها "تسعى من خلال المجتمع الدولي وآلياته إلى دعم صلابة وقدرة الحكومة الليبية على ممارسة دورها الدولي".
وتابع: "قطر تدعم التوافق الدولي حول حكومة الوفاق وستستمر في ذلك بالمستقبل، ولذلك نرى كيف أن المسؤولين الليبيين يتحركون بين أنقرة والدوحة داعمين لأي تحرك دولي في هذا الإطار".
تحركات قطر الدولية
وتستغل الدوحة ثقلها السياسي دولياً في دعم الحكومة الليبية المعترف بها ومقرها طرابلس، حيث قدم وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، 3 حلول لإنهاء الأزمة الليبية وإيقاف الحرب، خلال كلمته أمام جلسة لمجلس الأمن لمناقشة الوضع في ليبيا، في 8 يوليو الجاري.
وقال الوزير: "إن الطريقة الوحيدة لحل الأزمة في ليبيا هي عن طريق وقفٍ شامل لإطلاق النار، ووقف دعم الفصائل غير القانونية، وضرورة دعم الحكومة لتطبيق اتفاق الصخيرات وقرارات مجلس الأمن ومقررات مؤتمر برلين"، مستثنياً حفتر من أي محادثات سلام مقبلة.
وفي 18 يونيو الماضي، أكدت قطر من خلال مندوبها الدائم لدى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، دعمها لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا ولاتفاق الصخيرات ومخرجاته.
وقال علي خلفان المنصوري، المندوب القطري، إن بلاده تدعو جميع الليبيين للعودة إلى المفاوضات والحوار الوطني واستكمال المرحلة الانتقالية بما يحفظ لليبيا سيادتها ووحدة أراضيها ويحقق تطلعات الشعب الليبي.
وفي 23 يونيو أشادت قطر، خلال اجتماع للجامعة العربية على المستوى الوزاري، بحكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دولياً، ودعت إلى احترام سيادة ليبيا، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان.
تحركات مناوئة
في المقابل شهدت الأسابيع الماضية تحركات لداعمي حفتر، بإرسال مزيد من الأسلحة لمقاتليه، في وقتٍ دعا برلمان طبرق الموالي لحفتر، مصر إلى التدخل عسكرياً في ليبيا "حفاظاً على الأمن القومي للبلدين".
كما التقى السيسي بعدد من ممثلي القبائل الليبية الذين فوضوه في التدخل عسكرياً، لمواجهة محاولات الوفاق استعادة المناطق المتبقية تحت سيطرة حفتر.
كما أجرى السيسي اتصالاً مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، في 20 يوليو، لمناقشة آخر تطورات الوضع الليبي، وقالت الرئاسة المصرية في بيان إن الرئيسين اتفقا على تثبيت وقف إطلاق النار في ليبيا، في حين منح البرلمان المصري للسيسي حق إرسال الجيش في مهمات خارجية عربية.
فيما أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، هذا الأسبوع، رفضه عرضاً مصرياً للتنسيق في ليبيا، وقال تبون إن لدى بلاده مبادرة للحل في ليبيا تحظى بقبول الأمم المتحدة، وبالتنسيق مع تونس، مؤكداً: "لا نؤيد أي قرار منفرد".
ارسال التعليق