ال سعود يحاوِلوا استدرار عطف اليهود عن طريق استيراد الغاز والسلام
رأت ورقة بحثيّة صادِرة عن مركز بيغن-السادات للدراسات الإستراتيجيّة في تل أبيب، والتي تعتمِد بطبيعة الحال على أرفع المصادر في كيان الاحتلال، أنّ عدم الاستقرار الشديد وانعدام الثقة يزيدان من حدّة التوتّر في الخليج العربيّ، وخاصّةً بين إيران الـ”شيعيّة” والسعوديّة الـ”سُنيّة”، مُضيفةً أنّ شهية أمريكا للمشاركة العسكريّة تلاشت بعد قرابة عقدين من الحرب، وتفتقِر المنطقة إلى أيّ شكلٍ من أشكال إطار الأمن الجماعيّ، إذْ أنّ غياب الولايات المُتحدّة ترك فراغًا أمنيًا كبيرًا، كما اعتبرت الورقة في الوقت عينه أنّ مبادرات دول الخليج للتطبيع مع إسرائيل تُعتبر جزءًا من محاولة لإنقاذ الالتزام الأمنيّ الأمريكيّ بالمنطقة وتقديم الدعم عبر هذه العلاقة بهدف التخفيف من نفوذ طهران المتزايد، على حدّ تعبيرها.
وتابعت أنّ العلاقة بين إسرائيل والسعودية قد انتقلت لمرحلة الدفء عندما شعرت الرياض وتل أبيب بالقلق إزاء ضعف إدارة الرئيس الأمريكيّ السابِق، باراك أوباما في مواجهة قوّة إيران الصاعِدة، كما عارضتا الاتفاق النوويّ مع إيران، مُشيرةً إلى أنّ كلاهما تُريدان رؤية الكثير من الإجراءات الأكثر صرامةً التي تتخذ ضدّ نفوذ طهران الذي لا يتوقّف عن الانتشار والتمدد، وليس فقط في سوريّة، ولكن مع كلّ ذلك، شدّدّت الورقة البحثيّة، فإنّ إسرائيل، التي لا تستورِد أيّ شيءٍ من الخليج، تُفضِّل عدم التدّخل مُباشرةً في الصراع السعوديّ-الإيرانيّ، ذلك أنّها لن تستفيد من ذلك، لا بلْ ستلحق فيها الأضرار الجسيمة، على حدّ تعبير الورقة.
وأشارت الورقة أيضًا إلى أنّ دول الخليج المُنحازة للسعودية تعمل على تنشيط اهتمام واشنطن بالمنطقة، لكن هذا بات صعبًا ممّا كان بالماضي، وليس فقط لأنّ الأمريكيين سئموا من المشاركة العسكريّة في صراعاتٍ بعيدةٍ، بل لأنّ الرئيس دونالد ترامب صرّح بأنّ أمريكا لا تحتاج لنفط الخليج، وعلى هذه الدول دعم واشنطن ماديًا، مُوضِحةً أنّه إضافةً إلى التحدّي المذكور الذي يُواجِه الرياض، فإنّها تعمل على تحسين صورة قيادتها المُشوهة، بعد الكشف عن علاقةٍ بين محمد ابن سلمان وقتل الصحفيّ جمال خاشقجي، والانتقادات المُتزايدة للمملكة بسبب سلوكها في الحرب على اليمن، وبالتالي فإنّ أحد المخارِج من هذه الأزمات يكمن بتقديم مبادراتٍ سلميّةٍ لإسرائيل، الأمر الذي قد يُعزِّز وزنها بواشنطن، بالإضافة لفوائد أخرى، قال البحث الإسرائيليّ.
كما لفتت إلى أنّ السعودية تُواجِه عواقب وخيمة ناجمة عن اشتباكاتها مع إيران ووكلائها، حيثُ توقّف نصف إنتاج البلاد من النفط نتيجة غارات الطائرات بدون طيّارٍ التي شنّها الحوثيون على منشآت شركة (أرامكو)، وأثبتت الضربة أنّ الرياض عرضةً لهجمات طهران وعملائها، مُشدّدّة على أنّ المزيد من الضربات الحوثيّة على قطاع النفط السعوديّ ستكون كارثيّةً لأنّ النفط هو الركن الأساسيّ لاقتصاد المملكة وحجر الزاوية في تنميتها.
وأردفت أنّ السعوديّة تحتاج بشكلٍ عاجلٍ إلى طريق تصديرٍ بديلٍ لنفطها، وهذا سببٌ إضافيٌّ لمبادرات الرياض نحو تل أبيب، إذْ تتحدّث المملكة بالفعل مع الكيان عن خطٍّ إلى إيلات لاستيراد الغاز الطبيعيّ الإسرائيليّ، وهذا الخطّ يُمكِن أنْ يُشكِّل بديلاً لنقل النفط السعوديّ إلى ميناء حيفا، ومنه التصدير إلى أوروبا والغرب، حيثُ سيكون هذا الخطّ أسرع وأكثر أمانًا لأنّ المملكة ستتجنّب العدوان الإيرانيّ على مضيق هرمز ومضيق باب المندب، بالإضافة إلى أنّ الخطّ سيُوفِّر الرسوم العالية التي ينطوي عليها عبور قناة السويس، كما أكّد البحث.
وتابعت الورقة البحثيّة بأنّ الكيان يقوم بتطوير احتياطياته من الغاز الطبيعيّ، لكنّه لا يملك ما يكفي لتبرير بناء خطّ أنابيب تصدير لأوروبا، ومع ذلك، قد يؤدي الارتباط مع السعودية لرفع المقاييس لصالح خط أنابيب شرق البحر المتوسط، والذي قد يكون مُربحًا للغاية لكلا الشريكين، وسواءً كانت السعودية تضغط من أجل الحرب مع إيران أمْ لا، فإنّ خياراتها لتجنّب ذلك تضيق، ولديها الكثير لتخسره من هذه الحرب وأكثر بكثيرٍ مُقارنةً مع خسائر إيران، التي تُواصِل بسط هيمنتها الإقليميّة.
ووفقًا لها، يُمثل “الهلال الشيعيّ” المكتمِل تحديًا خطيرًا للمصالح السعوديّة في المنطقة، إذْ أنّه يُهدّد طرق التجارة الحيويّة وأمن المنطقة ككلّ، وسيجعل التدّخل في المناطق التي تُهيمِن عليها إيران أكثر تعقيدًا، مُختتمةً بالقول إنّ الوجود الإيرانيّ يُغذّي الطائفيّة المُتنامية، والتي ستُشكّل تهديدًا للاستقرار الإقليميّ لسنواتٍ قادمةٍ، وبناءً على ذلك، جزمت الورقة البحثيّة الإسرائيليّة بأنّ السعوديّة ستبذل كلّ ما في وسعها للتخفيف من هذا التهديد، حتى لو كان ذلك عبر مدّ أيادي السلام والصداقة للدولة العبريّة، على حدّ تعبيرها.
ارسال التعليق