الدول الخليجية.. سباق نحو التطبيع وإقرار صفقة القرن
يبدو أن للدول الخليجية مآربها في التقارب مع الكيان الصهيوني، على وقع الأزمة بينها؛ بحثا عن الرضا الإسرائيلي، ظنًا باصطفاف واشنطن مع أحد الأطراف المتصارعة؛ قطر من ناحية، والسعودية والإمارات والبحرين من ناحية أخرى.
واللافت، أن توقيت الأزمة الخليجية، يتزامن مع ما تسمى بصفقة القرن الأمريكية، التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية بضم القدس بالكامل للكيان الصهيوني، وإغلاق ملف عودة اللاجئين، ومن الواضح أن حكومات الدول الخليجية تستمر في جهودها لإتمام الصفقة المشبوهة.
في إطار متابعة عملية التطبيع بين النظام في البحرين وكيان الاحتلال، كشف وزير الاتصالات الإسرائيلي، أيوب قرا، أن الأمير البحريني، مبارك آل خليفة، يزور الأراضي الفلسطينية المحتلة في الوقت الراهن، ونشر صورة تجمعه مع آل خليفة، وقال إنه يلتقي لأول مرة وبشكل علني في تل أبيب الأمير البحريني من أجل تعزيز العلاقات بين البلدين، بحسب تعبيره، وأضاف أن الأمير البحريني سيزور الكنيست الإسرائيلي، اليوم الاثنين.
ورغم أن بعض وسائل الإعلام العبرية حاولت التشويش على الزيارة البحرينية، بالقول إن الأمير البحريني يعيش في لندن، وأن الحكومة البحرينية حاولت منعه، إلا أن التشويش لم يفلح في ظل تقارب السلطات البحرينية مع العدو الإسرائيلي، فقبل شهرين نقلت قناة التليفزيون الإسرائيلي الثانية، مقاطع فيديو لوفد بحريني مؤلف من 24 شخصا، من جمعية “هذه هي البحرين”، داخل الأراضي المحتلة، في زيارة استمرت لأربعة أيام “لتحقيق رسالة ملك البحرين عن التسامح والتعايش والحوار بين الديانات المختلفة”، بحسب القناة، وجاءت الزيارة عقب القرار الأمريكي باعتبار القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
وحول زيارة الأمير البحريني الأخيرة لتل أبيب، نقل شمعون آران، المراسل السياسي لهيئة البث الإسرائيلية، عن مكتب الوزير أيوب قرا، أن “مبارك آل خليفة والذي قرر دفع العلاقات الإسرائيلية ودول الخليج إلى الأمام بشكل علني، له علاقات وطيدة ومتشعبة مع دول الغرب، وهو من أكثر المقربين من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان”.
وبين الإمارات والكيان الصهيوني تعاونًا عسكريًا يزداد متانة وتنوعًا حسبما ذكرت مجلة “إنتلجنس أون لاين” الفرنسية المتخصصة في قضايا الدفاع العسكري، وصحيفة معاريف العبرية، اللتان أكدتا أن التعاون العسكري بين الإمارات وإسرائيل يزداد متانة وتنوعا، وأضافتا أن التعاون يشمل تزويد تل أبيب الإماراتيين بطائرات من دون طيار، كما أن هناك شبكة مراقبة مدنية إسرائيلية في أبو ظبي توصف بأنها فريدة من نوعها على المستوى العالم، وتتمثل في رصد تحركات كل شخص في إمارة أبو ظبي، الأمر الذي يكشف تورط الإمارة بتنسيق أمني مع إسرائيل.
ومن الأمثلة التي ساقتها الصحيفة الفرنسية لتقارب أبو ظبي مع تل أبيب، تزويد الإماراتيين بمنظومات دفاع إسرائيلية لحماية حقوقهم النفطية، كما أن شركتي “إلبيت” و”أيرونوتكس” الإسرائيليتين المتخصصتين في إنتاج وسائط الطيران غير المأهولة تواصلتا مع أبو ظبي لتزويدها بطائرات من دون طيار.
ويذكر المعلق العسكري في صحيفة معاريف العبرية، أن شخصا اسمه آفي لئومي، أكثر رجال الأعمال الإسرائيليين نفوذا داخل أبو ظبي، وقال إن القائد الأسبق لسلاح الجو الإسرائيلي إيتان بن إلياهو، ساعده في إنجاز الصفقات بين شركته وإمارة أبو ظبي، وأضافت معاريف، أن رجل أعمال اسمه كوخافي، نقل قادة عسكريين إسرائيليين سابقين يعملون معه مستشارين بطائرة خاصة إلى أبو ظبي، وقال موقع إنتليجانس، إن شركة إيه جي تي الإسرائيلية، وقعت عقدًا مع الغمارات بقيمة 800 مليون دولار أمريكي.
وكانت وثائق ويكيليكس المسربة أواخر العام الماضي، كشفت عن تنسيق اقتصادي ودبلوماسي وأمني وعسكري يتنامى بين أبوظبي وتل أبيب، لاسيما أن الإمارات شاركت في مناورات سلاح الجوي الإسرائيلي طرف فيها.
وبالنسبة للسعودية، هرولت أيضا، إلى إسرائيل، وحتى الآن لم يكشف عن هوية الأمير السعودي الذي سافر إلى تل أبيب سرًا، لكن حينها حامت التسريبات حول ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وفي الشهر الماضي ذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية، أن الحكومة السعودية أبدت اهتمامها بشراء نظام القبة الحديدية الإسرائيلي، لكي توقف هجوم “أنصار الله” الصاروخي ضدها من اليمن.
أما قطر، خصم الدول الخليجية في الأزمة، ليست بأفضل حال، فهي الأخرى تسعى لتعميق تقاربها مع الكيان المحتل، حيث كشفت صحيفة هآرتس العبرية قبل أيام، أن أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، التقى زعيم المنظمة الصهيونية الأمريكية، مورتون كلاين في الدوحة، فى إطار حملة قطرية من أجل نيل دعم اللوبي اليهودي فى الولايات المتحدة لتخفيف الضغط عليها فيما يتعلق بملف دعمها للإرهاب والمنظمات الإرهابية، وهي التهمة التي تستند عليها بقوة الدولة المقاطعة لقطر في الأزمة الخليجية، وجرت المقابلة فى نفس الفترة التى استقبلت فيها الدوحة شخصيات أمريكية معروفة بدعمها لإسرائيل، مثل آلن ديرشاوتز ومايك هاكابي.
وكان الأكاديمي القطري، ماجد الأنصاري، كشف عن علاقة الاتصال بين الدوحة وتل أبيب، فخلال مشاركته في ندوة بالمركز العربي بواشنطن الخميس الماضي، قال “ينبغي أن تدركوا أنه وبعد أن أغلقت مصر حدودها مع غزة، فإن التمويل القطري ومساعدة القطاع في البنى التحتية كان يمر عبر الإسرائيليين، وبالتنسيق مع الولايات المتحدة وإسرائيل”.
ويرى مراقبون أن الخلافات الخليجية غير المبررة حتى الآن، قد توظف أمريكيًا وخليجيًا كستار لتمرير الصفقة الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية، فالتقارب الخليجي مع واشنطن وتل أبيب بات الحكومات الخليجية تبرره في ظل الأزمة، الأمر الذي يصب في صالح العدو الإسرائيلي.
بقلم : خالد عبدالمنعم
ارسال التعليق