السلطات السعودية توسّعُ فنون استبدادها وانتهاكاتها
أصدرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي حول واقع حقوق الإنسان في الجزيرة العربية. وأكدت في مقدمة تقريرها أن "الحصانة التي مُنحت لمحمد بن سلمان والتي أدت إلى ممارسات مستجدة وانتهاكات غير معتادة لحقوق الإنسان، كانت سمة العام ".
وبحسب التقرير بقد ظهر هذا العام نهج متفاقم من الإخفاء القسري والاعتقال التعسفي، في ظل سحق للقوانين التي روجت الحكومة إلى إنها إصلاحات جذرية، وبينها نظام الأحداث ونظام الحماية من العنف ونظام مكافحة جرائم المعلوماتية، ومع اتساع في سوء استخدام قانون الإرهاب.
وترافق ذلك، مع محاولات حثيثة ومتصاعدة لغسيل صورة البلاد والتعمية على الحقائق باستخدام مختلف الوسائل بما في ذلك الهيئات الرسمية والترفيه والاحتفالات والاستثمارات الرياضية.
عام الإعدامات السرية:
وفنّدت المنظمة في تقريرها الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي رصدتها خلال العام، منها إعدام شابين يمنيين أحدهما قاصراً. وكان أحدهما قد سافر إلى "السعودية" للبحث عن عمل ولكن سرعان ما جرى اعتقاله واختفت اخباره عن عائلته لمدة خمس سنوات.
وجرى اعدام الشابين دون توجيه تهم واضحة لهما، كما جرى من دون أن يتم رصد بيانات رسمية من وزارة الداخلية.
إلى جانب إعدام شخصين من الجنسية البحرانية على الرغم من تأكيد المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة أن أحكامهما تعسفية.
في شهر أبريل، أعلنت "السعودية" عن تنفيذ أول إعدام خلال شهر رمضان في سابقة خطيرة، ما رفع المخاوف على حياة المعتقلين المحكومين بالإعدام. وبعد نشر المنظمة تقريرا عن الخبر، ومشاركته مع وسائل الإعلام العالمية، دفع "السعودية" إلى التلاعب بتواريخ خبر الإعدام واضطرارها لتعديل البيان.
إلى جانب إصدار حكما بالقتل بحق المواطن محمد الغامدي بتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي على منصة "اكس".
تجريم التعبير عن الرأي:
ذكرت المنظمة في تقريرها أن عام 2023 "شهد تصعيدا ضد حرية الرأي والتعبير، تجلى في حكم الإعدام ضد محمد الغامدي على خلفية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب أحكام لعقود بحق ناشطات على وسائل التواصل". وتابعت "يأتي ذلك في ظل استخدام للقوانين المحلية، بما في ذلك قانون مكافحة جرائم المعلوماتية، وقانون مكافحة الإرهاب لتجريم ممارسات هي حقوق مشروعة".
إضافة إلى ذلك، "اتسعت رقعة ممارسات قمع حرية الرأي والتعبير واعتقالات، من بين ذلك منع رياضيين من التضامن مع فلسطين، فيما يظهر على أنه حصر لدور الرياضة في التلميع لصورة الحكومة. إلى جانب اعتقالات تعسفية طالت مواطنين ومقمين وزوار على خلفية التضامن مع غزة، بينهم عبد الرحمن محمد عبد الرحيم".
اتجاه ناشئ في الإخفاء القسري:
تحت عنوان "اتجاه ناشئ في الإخفاء القسري"، أفادت المنظمة أن "الإخفاء القسري يشكل أحد أبرز الانتهاكات التي تمارسها الحكومة السعودية بشكل مستمر، إلا أن 2023، أظهر اتجاها ناشئا من الممارسات بحق معتقلين من المفترض أن يتم الإفراج عنهم، أبرزهم المدافعان عن حقوق الإنسان عيسى النخفي ومحمد القحطاني، اللذان أخفتهم من دون أي معلومات عنهم لأكثر من عام".
وأضافت "على الرغم من انعدام الشفافية، ظهرت قضايا متعددة لإخفاء قسري، بينها إخفاء المواطن المصري أحمد ضيوف عدة أشهر قبل إطلاق سراحه من دون توجيه تهم، وقضية مواطن باكستاني هو عمر حافظ الذي إخفي قسريا لمدة 5 أشهر، قبل أن تعرف عائلته مكانه. كما وثقت المنظمة قضية مواطن من الجنسية اللبنانية.
ارتفاع صخب الاحتفالات ومحاولات الغسيل:
أظهرت المنظمة كيف أن ملامح مساعي "السعودية" الماضية للمارسة الغسيل الرياضي بدأت تظهر ملامحها اكثر هذا العام، وصولا إلى إعلان الفيفا استضافة السعودية لكأس العام 2034. مذكرة بما أقرّ به محمد بن سلمان خلال مقابلة مطولة حين أكد أن بلاده مستمرة بممارسة الغسيل الرياضي.
وإلى جانب الأحداث الرياضية، استمرت السعودية بتنظيم المهرجانات والاحتفالات من بين ذلك يوم التأسيس، واليوم الوطني 93، الذي حل في ظل محاولات لفرض الولاء على الشعب من خلال الأحكام القاسية بما في الإعدام والترهيب والتخويف.
وبيّنت أنه على الرغم من الأصوات العديدة التي عارضت تمكين "السعودية" من استغلال المهرجانات لإخفاء واقع مرّ يعيشه سكان الجزيرة العربية خلفه، حين فازت "السعودية" باستضافة اكسبو في شهر ديسمبر 2030.
وخلال شهر نوفمبر، عقدت "السعودية" حوارها الثالث مع الاتحاد الأوروبي في بروكسل، في ظل محاولات حثيثة لغسيل صورتها أمام العالم، ونكران الانتهاكات التي نسفت الوعود السابقة التي كانت قد قدمتها.
تحركات دولية عديدة للإضاءة على سوداوية الواقع:
ذكرت المنظمة انه على الرغم من مساعي "السعودية" الحثيثة على تبييض صفحتها أمام المجتمع الدولي، إلا أن منظمات وجهات دولية عديدة أعربت مرارا عن عدم رضاها عن الواقع الحقوقي المرير في الجزيرة العربية.
واحدة منها كانت في أبريل، حيث أرسل مقررون خاصون تابعون للأمم المتحدة ثلاث رسائل إلى كل من "الحكومة السعودية"، ورئيس مجلس إدارة شركة نيوم، وصندوق الاستثمارات العامة في السعودية، أبدوا فيها قلقهم البالغ حول انتهاكات تتعلق بتنفيذ مشروع نيوم.
وفي مايو أعرب 7 خبراء من الأمم المتحدة عن قلقهم على حياة ثلاثة أفراد من قبيلة الحويطات المحكومين بالإعدام على خلفية رفضهم لعمليات الإخلاء القسري بسبب مشروع نيوم، وحثوها على وقف العقوبة.
إضافة إلى ذلك، بيّن التقرير السنوي للمفوض السامي لحقوق الإنسان والأمين العام للأمم المتحدة حول عقوبة الإعدام أن السعودية لا زالت ضمن أبرز الدول التي تمارس انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان فيما يتعلق بهذه العقوبة.
وفي ختما تقريرها السنوي، قالت المنظمة الأوروبية السعودية أن "نظرة عامة على مسار الانتهاكات في 2023، بين أن الرؤية الحكومية بنيت على أساس تصعيد ضد الحريات الأساسية، وأبرزها الحق في الحياة وفي السلامة البدنية، والحق في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي والحق في السكن. فمقابل الحديث عن قوانين جديدة وإصلاحات قضائية، استخفاف كامل بالآراء والالتزامات الحقوقية الدولية وسحق للقوانين المحلية، ومضي في الإعدام والتعذيب والإخفاء القسري".
وتابعت "فيما اقتصرت الخطط الحكومية على محاولات إخفاء هذا الواقع بالقمع وخنق المجتمع المدني من جهة، والغسيل بأداوته كافة من جهة أخرى، فإن أصوات الضحايا لم تخفت، واستمرت المنظمات الحقوقية والنشطاء في إيصال أصواتهم إلى العالم، ونشر الحقائق والأرقام ومناصرة القضايا والتصدي لمحاولات الحكومة طمسها".
ارسال التعليق