العفو الدولية: السعودية تقرّ بانتهاكاتها وتستمرّ بها
عرضت الأمم المتحدة عبر مجلس حقوق الانسان؛ خلال الأسبوع المنصرم، السجل الحقوقي للسعودية. وقد تضمن التقرير 354 توصية مقدمة من 135 دولة عضو في الأمم المتحدة، يدعو العديد منها "السعودية" إلى اتخاذ تدابير جوهرية لضمان تحقيق الإصلاحات، ومنها ما يتعلق بضمان الحقوق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها والتجمع السلمي، وإلغاء عقوبة الإعدام، وحماية حقوق العمال الأجانب، والقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
والاستعراض الدوري الشامل هو عملية فريدة تنطوي على استعراض سجلات حقوق الإنسان الخاصة بجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة مرة كل أربع سنوات. كما يوفر الاستعراض فرصة لجميع الدول للإعلان عن الإجراءات التي اتخذتها لتحسين أحوال حقوق الإنسان في بلدانها والتغلب على التحديات التي تواجه التمتع بحقوق الإنسان.
وتعليقا على التقرير، قالت منظمة العفو الدولية إنه عقب الاستعراض العام للسجل الحقوقي للسعودية، يجب أن يشكل تقرير الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، خطة عمل للحد الأدنى من التدابير التي يجب على السلطات السعودية اتخاذها للتقيد بالواجبات المترتبة عليها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وقالت دانة أحمد، باحثة معنية بالشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية، إن "اغتنام عدد كبير جدًا من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة هذه الفرصة لمواجهة السعودية بشأن سلسلة انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها، ولحثّ السلطات السعودية على إجراء إصلاحات، يبين أنه بدون إصلاحات حقيقية على صعيد حقوق الإنسان، لا يمكن لأي مبلغ من المال يُنفق على تلميع الصورة وعلى حملات الغسيل الرياضي لتحسين السمعة أن يخفي القمع المتصاعد بسرعة في المملكة".
وتابعت أحمد "على السلطات السعودية انتهاز فرصة التوصيات المنبثقة عن الاستعراض كجرس إنذار لها لوضع حد للانتهاكات الفظيعة التي ترتكبها ضد حقوق الإنسان، ومن ضمنها التضييق المتواصل بلا هوادة على حرية التعبير، والحكم على الجناة من الأطفال بالإعدام، وممارسة التعذيب والمعاملة السيئة ضد المهاجرين. ويجب ألا ينخدع المجتمع الدولي بأي وعود بالتغيير تقدمها السعودية، بل عليه بدلًا من ذلك ممارسة تأثيره الجماعي لضمان إجراء الإصلاحات الحقوقية الضرورية في المملكة".
وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أن "السعودية" تقاعست عن تنفيذ العديد من التوصيات التي أيّدتها خلال الاستعراض الأخير لسجل السعودية في عام 2018. حيث يُطلب عادة من الدولة قيد المراجعة، بعد إنهاء الاستعراض، إخطار مجلس حقوق الإنسان بالتوصيات التي ترغب في قبولها وتلك التي ترفضها.
ومن الأمور التي سبق أن وافقت "السعودية" عليها خلال الدورة السابقة في عام 2018، والتي لم توفي بتعدجيلها؛ كانت تلك المتعلقة بمواءمة نظامَيْ مكافحة جرائم المعلوماتية وجرائم الإرهاب لديها مع المعايير الدولية، وضمان وحماية الحقوق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها والتجمع السلمي، والإفراج عن مدافعي حقوق الإنسان وجميع من سُجِنوا بسبب ممارسة حقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها والتجمع السلمي، وضمان اتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة وعقد محاكمات عادلة، وحماية العمال من جميع أنواع إساءة المعاملة.
ومن التوصيات التي وجهتها 135 دولة عضو في المجلس، أصدرت 21 دولة توصيات للسعودية لحماية الحق في حرية التعبير.
على سبيل المثال، أوصت غانا المملكة العربية السعودية "بتعزيز جهودها لتعزيز حرية الرأي والتعبير، سواء عبر الإنترنت أو خارجها، وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان".
وقدمت دول أخرى توصيات محددة بشأن الحاجة إلى إصلاح قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية. أوصت سويسرا المملكة العربية السعودية "بتعديل النظام الأساسي [] ونظام مكافحة الجرائم الإلكترونية وجعلهما يتماشى مع المعايير الدولية المتعلقة بالحق في حرية التعبير". وفي سياق مماثل، أوصت نيوزيلندا السعودية "بضمان عدم تجريم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير السلمي".
وخلال شهر تموز من سنة 2023، قدمت منظمة العفو الدولية مذكرة معلومات في إطار الدورة الخامسة والأربعين للفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل.
أثارت العفو الدولية في المذكرة؛ بواعث القلق بشأن تصاعد قمع حرية التعبير وتزايد استخدام نظامي مكافحة جرائم المعلوماتية وجرائم الإرهاب لإسكات المُعارَضة؛ وكذلك بشأن مقاضاة المدافعات عن حقوق الإنسان؛ واستمرار انتهاكات الإجراءات القانونية الواجب اِتّباعها والمحاكمات الجائرة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة؛ وارتفاع أعداد عمليات الإعدام المُنفَّذة؛ وتقنين التمييز المجحف بحق المرأة عبر نظام جديد للأحوال الشخصية؛ واستمرار الاحتجاز التعسفي والترحيل القسري لعمال مهاجرين؛ والإخلاء القسري لآلاف السكان في إطار خطة لتطوير مدينة جدة؛ والانتهاكات التي يرتكبها التحالف العسكري بقيادة السعودية في اليمن.
وأشارت في المذكرة إلى مسألة الإعدامات، "على الرغم من وعود السلطات السعودية بالحد من استخدام عقوبة الإعدام، فإنها أعدمت 556 شخ ًصا بين 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 ويونيو/حزيران".
وفي ضوء تفنيدها لتراجع "السعودية" عن العديد من مزاعم تطوير واقعها الحقوقي، استذكرت العفو الدولية أن في يناير/كانون الثاني 2021، أعلنت هيئة حقوق الإنسان السعودية وقف تنفيذ عمليات الإعدام للمعاقبة على الجرائم 26 المتعلقة بالمخدرات. إلا أن السلطات استأنفت تنفيذ مثل هذه العمليات في نوفمبر/تشرين الثاني ،2022 لُتعدم 57 شخصا على خلفية جرائم متعلقة بالمخدرات بحلول نهاية 2022 .
ارسال التعليق