الفيفا تغطي على جرائم السعودية وتمنحها استضافة كأس العالم
قالت منظمة حقوقية إن محاولات السعودية لاستضافة كأس العالم 2034 لكرة القدم لا ترقى إلى الحد الأدنى من معايير حقوق الإنسان الخاصة بالاتحاد الدولي لكرة القدم، وتترك المجال مفتوحًا على مصراعيه لخطر حدوث انتهاكات تتعلّق بحقوق العمال والحقوق المدنية الأساسية.
وذكرت منظمة القسط لحقوق الإنسان أنه عندما تتخذ الفيفا قرارها النهائي بشأن منح حقوق الاستضافة في 11 ديسمبر، يجب أن تطالب بتغييرات كبيرة وضمانات موثوقة لحماية الحقوق، أو رفضها واتخاذ ترتيبات بديلة.
وأصدرت القسط ملخصا مكوّنا من 23 صفحة، حقل واسع للانتهاكات: ملف استضافة المملكة العربيّة السعوديّة لكأس العالم 2034، بفصل ملف الترشّح السعودي واستراتيجيّة حقوق الإنسان المصاحبة لكأس العالم، بالإضافة إلى “التقييم المستقل للسياق” حول حقوق الإنسان الذي أجرته شركة المحاماة AS&H Clifford Chance، والتي تتخذ من الرياض مقرًا لها.
ووجدت أن أوجه القصور الخطيرة في وثائق تحديد المصالح الفضلى تشير إلى وجود خطر حقيقي بحدوث انتهاكات واسعة النطاق، من الاستغلال في العمل والتهجير القسري إلى القيود المفروضة على الحرّيّات الأساسيّة والإساءة التمييزيّة.
نشرت الفيفا تقييمها الخاص للعروض في 29 نوفمبر. كما يعكس تقرير الفيفا العيوب الأساسيّة نفسها الموجودة في ملف الترشّح نفسه، حيث يقلّل بشكل كبير من مخاطر حقوق الإنسان المحتملة المرتبطة بالبطولة، ويمنح السعوديّة تصنيفًا “متوسّطًا” لمخاطر حقوق الإنسان بشكل عام ويقرّر أن ملفّ الترشّح “مؤهّل” للنظر فيه، ممّا يؤدي إلى تمريره دون أيّ تحدي.
حتى الآن، لم تلتزم الفيفا ولا الاتحاد السعودي لكرة القدم، الذي أعدّ ملف الترشح، بأكثر من مجرد الكلام عن متطلبات مشاركة أصحاب المصلحة في عمليّة تقديم العروض: لم يحظَ الشعب السعودي بفرصة التعبير عن رأيه.
وبهذه الطريقة والعديد من الطرق الأخرى، فإن منح هذا الحدث للسعوديّة كما هو من شأنه أن ينتهك سياسات وإجراءات الفيفا الخاصة، في حين يمنح السلطات القمعيّة القاسية في السعوديّة شرعيّة زائفة ورخصة لمضاعفة انتهاكاتها السيّئة السمعة.
وعلّقت رئيسة قسم الرصد والمناصرة في القسط، لينا الهذلول، قائلةً: “تحظى كرة القدم بشعبيّة كبيرة بين السكان الشباب في السعوديّة، ولا شك أن السلطات لديها الموارد اللازمة لاستضافة مثل هذه البطولة”.
وتابعت “لكن، في الوقت الحاضر، تفوق المخاطر هذه الحجج ببساطة – المخاطر التي تهدّد سلامة وحتى حياة مئات الآلاف من العمّال الأجانب الذين سيبنون الملاعب والبنيّة التحتيّة الأخرى، والقيود المفروضة على حرّيّات المشجّعين والصحفيّين الزائرين والمحليّين.”
يحدّد ملف الترشح السعودي خطط البنية التحتية الشاملة، بما في ذلك 15 ملعبًا حديثًا في خمس مدن مضيفة ومرافق التدريب المرتبطة بها وروابط النقل والإقامة الفندقيّة.
ونظرًا لانتشار انتهاكات حقوق العمّال في البلاد في الوقت الحاضر، في ظل نظام الكفالة المسيء والذي لم يتم إصلاحه إلا جزئيًّا، فإن هذه الخطط تشكّل مخاطر جسيمة لاستغلال العمّال ووفيّات العمّال على نطاق واسع.
وكشفت الأبحاث التفصيليّة التي أجرتها القسط في الفترة التي سبقت عمليّة تقديم العروض عن انتهاكات مرتبطة بالاستيلاء التعسّفي على الأراضي والتهجير القسري للسكان والتي تحدث بالفعل في مكانين من أماكن البطولة الرئيسيّة، نيوم ووسط جدة.
والجدير بالذكر، بأنه لا يوجد في وثائق العرض ما يستبعد أو يخفف بشكل موثوق من مخاطر حدوث انتهاكات مماثلة في أماكن أخرى أثناء بناء البنية التحتية المقترحة للبطولة.
كما وتشكل القيود الصارمة التي تفرضها السلطات السعوديّة والقمع الشامل للحرّيّات الأساسيّة للتعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، التي تشمل تجريم نشاط حقوق الإنسان والعمل الصحفي، مصدر قلق آخر قد فشل العرض في ملف الترشح بمعالجته بشكلٍ مقنع أيضًا.
إلى جانب ذلك، تلتزم سياسات الفيفا بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان ودعم حريّة الصحافة، وكلاهما يتم تجاهلهما بشكل روتيني في السعوديّة.
كما تسمح أنظمة البلاد بالتمييز المنهجي على أساس الجنس والدين والتوجه الجنسي، مما يؤثّر على المواطنين والمقيمين بشكل مباشر ويخلق حالة من عدم اليقين للزوار الأجانب.
إضافةً إلى ذلك، إنّ استخدام السلطات المتفشي لعقوبة الإعدام، حيث قد تم تنفيذ أكثر من 300 عمليّة إعدامٍ في عام 2024 بالفعل، فضلاً عن تعذيب السجناء وإساءة معاملتهم، يوضّح مرةً أخرى مناخ القمع في البلاد ويؤكّد كذلك عدم ملاءمة السعوديّة لاستضافة البطولة في ظل الظروف الحاليّة.
وبحسب منظمة القسط يجب أن يكون إشراك أصحاب المصلحة عنصرًا أساسيًا في الخطط الراميّة إلى تنظيم أي حدث رياضي ضخم مثل كأس العالم، وهو ما يتطلّب مشاركة عامة وخبراء.
يتقوض احتمال حدوث ذلك في السعوديّة بشدة بسبب القيود التي تفرضها السلطات على الحقوق الأساسيّة، بما في ذلك تقليص عدد أصحاب المصلحة من المجتمع المدني الذين من المفترض أن يشكلوا جزءًا رئيسيًّا من المشاورات اللازمة.
وعليه فإنّ تعامل الفيفا مع أصحاب المصلحة الخارجيين أصبح أكثر أهميّة، ولكن الهيئة والاتحاد السعودي لكرة القدم بالكاد أقرا بهذا المطلب، كما تجاهلت الفيفا دعوات من جماعات حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية والقسط للمساهمة في دعم المشاورات.
وأكدت منظمة القسط أنّ منح السعوديّة حق استضافة بطولة 2034، على أساس عرض يفشل في تلبية سياسات وإجراءات الفيفا الخاصة، من شأنه أن يترك مطالبة الاتحاد بدعم حقوق الإنسان في حالة يرثى لها.
ويشمل ذلك سياستها الخاصة بحقوق الإنسان، والتي تتعهد فيها بالتعاون مع البلدان المضيفة لتقليل أي آثار سلبية على حقوق الإنسان الأساسية.
ومن المقرّر أن تتّخذ الفيفا قرارًا نهائيًّا بشأن منح حقوق الاستضافة في 11 ديسمبر 2024، مع كون السعوديّة المرشّح الوحيد لاستضافة بطولة 2034. وقبل التصويت، نشرت الفيفا تقييمها الخاص للعروض في 29 نوفمبر.
وعلى الرغم من أن التقييم يبدو أنه يمنح الضوء الأخضر للعرض السعودي المعيب في 11 ديسمبر، إلا أنه يجب على كونغرس الفيفا المطالبة بتغييرات كبيرة وضمانات موثوقة لحماية الحقوق، أو رفضها والعمل على اتخاذ ترتيبات بديلة.
ارسال التعليق