الاخبار
النظام السعودي...مربي الأفاعي السامة سينال نصيبه من لدغاتها القاتلة
في (1) أيار-2017، أعلنت وزارة الداخلية السعودية أنها فككت ما سمتها (خلية جدة)، وأوقفت 46 عنصراً من أعضائها لارتباطهم بالأنشطة الإجرامية للخلية، التي سبق كشفها في أواخر كانون الثاني الماضي، وبين الموقوفين32 سعودياً، و14 أجنبياً من جنسيات باكستانية ويمنية وأفغانية ومصرية وأردنية وسودانية.
وقالت الوزارة في بيان لها، أن التحقيقات مستمرة مع عناصر الخلية، وكشفت لحد الآن عن مشاركة هذه الخلية في عدة جرائم إرهابية أبرزها العمل الإرهابي الذي استهدف المصلين في المسجد النبوي الشريف في أواخر شهر رمضان الماضي، عبر تأمين الحزام الناسف المستخدم في هذه الجريمة وتسليمه للانتحاري النجيدي وهو سعودي الجنسية وقد فجر نفسه عندما اعترضه الأمن لمنعه من دخول المسجد...كما كشف التحقيق ضلوع الخلية في العمل الإرهابي الذي وقع في باحة مواقف مستشفى الدكتور سليمان فقيه في جدة بتاريخ4/7/2016، وكشف إقدام عناصر الخلية على ذبح أحدهم بعد شكهم في نيته تسليم نفسه للجهات الأمنية وخوفهم من وشاتيه عليهم وافتضاح أمرهم..وقال المتحدث الأمني باسم الداخلية السعودية اللواء منصور التركي أن الخلية المقبوض عليها كانت تتلقى الأوامر مباشرة من التنظيم الدولي لداعش، وتقوم بتنفيذها مباشرة من دون التفكير فيها..(كل هذا حسب الرواية السعودية للاحداث).
واضح أن نبرة بيان الداخلية السعودية تعبّر عن إنجاز أمني كبير حققته الأجهزة الأمنية، حتى ولو جاء متأخراً جداً، لأن هذا التأخر سيحط من قدر هذا الانجاز السعودي لا محالة، ان أسياد آل سعود، الأميركان والغربيون بدأوا يصرحون علانية بخطورة " التربية السعودية" والترويج للفكر الوهابي في المدارس والمراكز الثقافية والدينية وما إليها. فالباحث كارلوجوس فيسنت كارو قال في مقالة له نشرتها مجلة الشؤون الخارجية الأمريكية في 11/3/2017 انه " ليس بوسع الولايات المتحدة تجاهل مخاطر الفكر السلفي "مشيراً إلى أن تعاليم ابن تيمية لا تزال تلعب دوراً مركزياً في الفكر السلفي، وبأن مراكز التعليم في السعودية تروج لتعاليمه ".كما قال هذا الباحث " أن النظام السعودي يقوم بتصدير هذا الفكر من خلال تمويل المدارس المنتشرة في العالم الإسلامي، وان بعض أشكال السلفية أدت إلى ارتكاب أعمال دموية حول العالم على غرار تلك التي استهدفت مدناً مثل نيويورك وباريس ولندن".
وعلى خلفية هذه التربية الوهابية الإجرامية زادت مظاهر الأجرام في المجتمع السعودي بشكل لافت في الآونة الأخيرة، فقبل عدة أشهر طالعتنا الأنباء عن قيام آخرين بذبح أمهما السعودية، وشقيق يذبح شقيقه البالغ 17عاماً في جدة، وفي هذا السياق تقول المغردة السعودية إيمان تعليقاً على تلك الجرائم "...ان جرائم قتل الرجال لأقاربهم زادت! ماعاد استغرب، كأنه صار روتين، كل أسبوع جريمة".وأيضاً جاءت التعليقات متشابهة حينما قامت أم سعودية بنحر طفلتها البالغة عدة سنوات، في محافظة الأحساء.
ولم يقتصر النظام السعودي على دائرة المملكة في تدريس وتربية الأجيال على هذا الفكر الوهابي القاتل، بل راح يصدر هذا الفكر إلى الدول الإسلامية، العربية منها خصوصاً، وحتى إلى الدول الأوربية، من خلال تأسيسه المدارس والمراكز الثقافية التي تدرس الفكر الوهابي للشباب في تلك الأماكن والمواطن، وعلى أي حال فالنظام يريد توجيه رسائل للداخل والخارج، للداخل بالقول ان أجهزته الأمنية تمتلك زمام المبادرة وترصد الشاردة والواردة، في تحذير يستبطن تخويف ابناء الشعب في الجزيرة العربية من التحرك واستغلال حالة الضعف التي يعاينها النظام حالياً للأسباب التي باتت معروفة ومنها حرب اليمن.. وللخارج رداً على التقارير الغربية المتواترة التي تقول إن النظام السعودي بات في حالة ضعف ومهدد من القطعان التكفيرية التي أشرف بنفسه على إنتاجها والاستثمار فيها، في سوريا والعراق واليمن و.و.الخ...ومفاد هذا الرد أن قبضته الأمنية قوية، وانه "ضحية للإرهاب "!!
على أن أكثر الخبراء والمطلعين على شؤون الجماعات التكفيرية يرون، أن هذا الرد السعودي، أو الرسالة السعودية الأنفة، لا تقنع الرأي العام بأن النظام السعودي هو ضحية الإرهاب، وان حلوله الأمنية لهذا الإرهاب ستخلص المملكة من أخطاره لأسباب عديدة نذكر فيها ما يلي:
إن هذه الخلية ليست الأولى التي يدعي النظام السعودي تفكيكها ولن تكون الأخيرة بالتأكيد، فأجهزة النظام كانت قد ادعت تفكيك خلايا قبلها وقبضت على المئات من هؤلاء ، وستظل البيئة السعودية حاضنة لإنتاج وتفريخ المزيد من هذه الخلايا، لأن مرتكزات هذا النظام الفكرية والأيديولوجية قائمة على الفكر الوهابي التكفيري الاقصائي ، فهذه المناهج المدرسية وبكل المراحل،الابتدائية والمتوسطة والإعدادية، وحتى المراحل الجامعية تدرس الطالب في مملكة آل سعود وتربيه وتغذيه بالفكر الوهابي. ذلك فضلاً عن المدارس التي تخرج سنوياً الآلاف من هذه الأجيال المجرمة والإرهابية، ومادام النظام راض وسادر على هذه التربية فسيظل ينتج أجيالاً متتابعة من هؤلاء الإرهابيين.يد مدرسين وهابيين ترسلهم السلطات السعودية إلى تلك المدارس أو المساجد للقيام بمهمة الترويج للفكر الوهابي. وفي هذا السياق يقول الشيخ محمد العنزي والإمام السابق لجامع أبي يوسف بالرياض، والذي أعلن في 8حزيران2016،أنه ترك المنهج الوهابي التكفيري وتاب إلى الله..." أن داعش تتبع حرفياً مناهج الوهابية السعودية التعليمية في كل جرائمها، وان آل سعود مازالوا يصرون على تلقين الأطفال في المدارس والشباب في المعاهد والجامعات نفس الفكر التكفيري الاقصائي بالرغم من علمهم أن الإرهابيين ينهلون من هذا المنبع التخريبي الخبيث." من جهتها صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية وفي مقال لها نشرته يوم 7 أيار2016، قالت إن السعودية تسببت بإحباط صناع السياسة الأمريكيين منذ سنين، مشيرة إلى أن الرياض أنفقت مبالغ طائلة من أجل الترويج للوهابية، وأضافت الصحيفة أن هذا الفكر الوهابي هو الذي ألهم مرتكبي هجمات الحادي عشر من سبتمبر وهو الذي يحرض تنظيم داعش. وتعرضت الصحيفة إلى نشر السعودية هذا الفكر في كوسوفو، مشيرة إلى التحاق المئات من شباب كوسوفو الذين تشربوا بالفكر الوهابي، بتنظيم داعش.
واستطراداً...أن المرشحة للرئاسة الفرنسية مارين لوبان، رئيسه حزب الجبهة الوطنية اليميني، كانت قد قالت في 27أبريل2016، "أن بناء المساجد في أوروبا بأموال من قطر والمملكة العربية السعودية تهديد واضح لامننا القومي . وهناك الكثير من الشهادات الغربية والأمريكية الصحفية والسياسية حول دور السعودية في نشر هذا الفكر الإرهابي بين شباب العالم.وكانت الحصيلة بالطبع من كل هذا الجهد هو هذه القطعان التكفيرية المجرمة التي تنشر الخراب والدمار والقتل البشع في العراق وسوريا، وفي اليمن وسيناء مصر، وليبيا وفي بعض العواصم الأوربية.
2- الدور الضخم الذي اضطلع به النظام السعودي في تأسيس جماعات وحركات مسلحة من هذه القطعان التكفيرية التي تخرجت من المدارس والمراكز الوهابية السعودية في داخل وخارج المملكة السعودية، وذلك في إطار التوجه الأمريكي الصهيوني الذي أصاب المنطقة منذ أكثر من أربع سنوات تحت عنوان ما يسمي "بالربيع العربي" والرامي إلى استنزاف الأمة الإسلامية وتدمير وتشويه دينها وعقيدتها، وتمزيق جغرافية أوطانها، بتقسيمها إلى كانتونات طائفية ودينية وعرقية وحتى مناطقية وقبلية متطاحنة فيما بينها، يتسيدها الأمريكي والصهيوني، يتحكم بمصائر وبمستقبلها وبثرواتها...فالنظام السعودي، إلى جانب اعداده الفكري لهذه القطعان من خلال مدارسه ومعاهده في داخل السعودية وفي خارجها كان له الدور الأساسي في تمويل وتسليح وتدريب، هذه الجماعات وإعدادها عسكرياً وإرهابيا لتقوم بدورها بأفضل ما خطط لها الأمريكي والصهيوني في عمليات تخريب للأوطان، وقتل وتشويه للإسلام وما إلى ذلك مما بات معروفاً عن تصرفات وانحرافات هذه الجماعات ، ومنها القاعدة والنصرة وداعش، وباقي الجماعات والتسميات الأخرى.ففيما يخص تنظيم القاعدة كانت رئيسة وزراء باكستان السابقة بي نظير بوتو قد أعلنت في التسعينات أن المخابرات الأمريكية والسعودية والباكستانية هي من أسست حركة طالبان والقاعدة في أفغانستان، كما أن نائب مساعد الرئيس الأمريكي السابق لشؤون الأمن القومي بن رودس، كأن قد أعلن في 19 أبريل2016، أن تنظيم القاعدة تأسس بأموال من السعودية وان الأموال الأولى التي أنفقت على تأسيس التنظيم جاءت من السعودية بالذات.
في السياق ذاته كشفت وثائق موصوفة سرية للغاية لدى أجهزة المخابرات الأمريكية عن تورط إدارة أوباما وحلفائه في ظهور داعش في الشرق السوري عام 2012..ويقول موقع هذه الوثائق، أنها أي تلك الوثائق لم تثبت فقط بأن جهاز السي آي اي الأمريكي وحلفاءه في المنطقة عملوا على تأسيس قوة موازية لنظام الأسد في شرق سوريا وحسب، بل قاموا بتدريب عناصر التنظيم في معسكرات المخابرات المركزية الأمريكية في الأردن عام 2012. وكشفت هذه الوثائق عمليات التسليح الأمريكي لداعش، ورعاية السعودية وتركيا لهذه القطعان التكفيرية. والى ذلك كشفت وثيقة سرية عثر عليها باحثون أمريكيون في منطقة قبلية بباكستان عن دور"ً إسرائيل" في تأسيس تنظيم داعش، وبحسب تقرير لصحيفة الديلي ميل البريطانية نشر يوم18/8/2015م، فأن الوثيقة تتألف من 32 صفحة وتضمنت رسالة مكتوبة باللغة الأردية، عن تأسيس هذا التنظيم والدور الذي سيقوم به في تدمير الأوطان الإسلامية، وحتى الأوربية وتقول الصحيفة أن مسؤولين أمريكان أكدوا صحة الوثيقة وإنها لم تخضع للتزوير، وبالطبع ما يؤكد ذلك هو احتضان الكيان الصهيوني لجرحى التنظيم وتسليحهم ودعمهم عسكرياً في مواجهة الجيشين السوري والعراقي..ما يعني كل ذلك أن الدواعش والقاعديين وغيرهم من الأرهابيين هم صناعة سعودية أمريكية صهيونية، وهم أدوات الاميركان والصهاينة لتخريب الأوطان وتشويه الإسلام وابتزاز الأنظمة الحليفة لأميركا وللكيان الصهيوني، مثل السعودية نفسها والدول الأوربية، وهذا ما أكده الكاتب الأمريكي ستيفت ليندمان في مقاله الذي نشره مركز الأبحاث الكندي" جلوبال سيرش" في 9/1/2016، وبأدلة دامغة تثبت أن واشنطن تستخدم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى كجنود في سوريا والعراق وأماكن أخرى.
وفي ضوء كل هذه المعطيات يمكن القول إن نظام أل سعود والقطعان التكفيرية هم وجهان لعملة واحدة، يستخدمهم الصهاينة والاميركان في تسويق مشاريعهم المعادية للأمة وللمنطقة، ويستخدمونهم أيضاً ضد بعضهم البعض الأخر، وما يجري في السعودية من بعض عمليات التفجير، أو كشف خلايا إرهابية، إنما هو في الواقع إما توظيف صهيوني أمريكي للضغط على النظام السعودي، أو هو تعبير عن صراع بين أجنحة العائلة المتصارعة على السلطة، وفي كل الأحوال، فأن النظام السعودي يتجرع من السم الذي أعده للآخرين.
عبدالعزيز المكي
ارسال التعليق