اقتصاد
انخفاض أسعار النفط يهدد سياسة زيادة الانتاج السعودي
انخفضت أسعار النفط الخميس مع عكوف المستثمرين على تقييم احتمالات حدوث فائض في المعروض وضعف الطلب في الولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم.
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 38 سنتا بما يعادل 0.6 بالمئة إلى 63.14 دولار للبرميل .ونزلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 47 سنتا أو 0.8 بالمئة إلى 59.13 دولار.
انخفضت أسعار النفط عالميا للشهر الثالث على التوالي في أكتوبر تشرين الأول بسبب المخاوف من فائض في المعروض بعد زيادات الإنتاج من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها إلى جانب استمرار تزايد إنتاج المنتجين من خارج المنظمة.
وقال جون كيلدوف الشريك في أجين كابيتال "لا تزال السوق تحت تأثير أكبر شبح تخمة معروض في التاريخ، وهو ما يضع بدوره ضغوطا على الأسعار".
وفي نفس الوقت، لا يزال ضعف الطلب محط تركيز. وذكر جيه.بي مورجان في مذكرة لعملائه أن الطلب العالمي على النفط زاد 850 ألف برميل يوميا في 12 شهرا المنتهية في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني، وهو أقل من توقعات البنك السابقة التي كانت عند 900 ألف برميل يوميا.
وقال في المذكرة "هناك مؤشرات تتكرر بوتيرة كبيرة تشي بأن استهلاك النفط في الولايات المتحدة لا يزال ضعيفا"، لافتة إلى ضعف نشاط السفر وتراجع نشاط شحن الحاويات.
وفي الجلسة السابقة، تراجعت أسعار النفط بعد أن أعلنت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية ارتفاع مخزونات الخام 5.2 مليون برميل إلى 421.2 مليون برميل الأسبوع الماضي.
وقال كيلدوف "أظهر انخفاض معدلات تشغيل المصافي تراجع الطلب على الخام في الولايات المتحدة في الفترة الراهنة نتيجة لموسم صيانة كبير للمصافي. وهو ما له تأثير كبير على الأسعار".
وخفضت "السعودية"، أكبر مُصدر للنفط في العالم، أسعار خامها للمشترين الآسيويين بشكل حاد لشهر ديسمبر كانون الأول استجابة لوفرة المعروض في السوق وزيادة الإنتاج من قبل منتجي أوبك+.
وأشارت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس في مذكرة إلى أن "الضغوط على أسعار النفط ستستمر مما يدعم توقعاتنا بسعر 60 دولارا للبرميل بنهاية 2025 و50 دولارا بنهاية 2026".
وقال محللون إن العقوبات التي فرضت على أكبر شركتي نفط روسيتين قبل أسبوعين تثير بعض المخاوف بشأن اضطراب الإمدادات رغم ارتفاع إنتاج أوبك وحلفائها.
وأفادت رويترز هذا الأسبوع بأن عمليات شركة لوك أويل في فروعها الخارجية تواجه صعوبات في مواجهة العقوبات.
وقال خورخي مونتبكي من أونيكس كابيتال جروب "هناك تأثير (للعقوبات) على الأسعار ولكنه ليس كبيرا" بناء على الأرقام، كان ينبغي أن يكون التأثير أكبر، لكن السوق لا تزال بحاجة إلى الاقتناع بوجود تأثير فعلي".
من جهته اعتبر توشيتاكا تازاوا المحلل في شركة فوجيتومي للأوراق المالية "تؤجج المخاوف بشأن فائض المعروض الناجم عن زيادة إنتاج الدول المنتجة للنفط، إلى جانب المخاوف من تباطؤ الاقتصاد جراء تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، ضغوط البيع".
وأضاف "بينما تُصعّد الولايات المتحدة ضغوطها على مشتري الخام الروسي، فإن القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين تضيف المزيد من الضبابية إلى التوقعات، مما يجعل من الصعب على بعض المستثمرين تعديل مواقفهم".
وعلى الرغم من هبوط أسعار النفط وعدم شراء المستثمرين الأجانب للمشاريع الضخمة، تسعى “السعودية” للظهور بمظهر المسيطر على الأمور، حيث تحاول أن توحي للمطلعين على الصناعة قدرتها على التعايش مع انخفاض أسعار الطاقة، بحسب رويترز. يُعزى ذلك إلى ادعاء بعض الخبراء أن “السعودية” باتت في وضع مالي “يحسدها عليه الكثيرون”، وقادرة على”إنفاق أموال أكثر بكثير مما تجنيه”، وهو ادعاء تنفيه الوقائع خاصةً مع استمرار اعتماد 61% من إيرادات السعودية على النفط، وفقاً لميزانيتها لعام 2025.
فرغم محاولات “السعوديين” طمأنة السوق والإصرار على التزام الحكومة بتنفيذ “رؤية 2030″، إلا أن الهبوط المستمر لعائدات النفط يفرض تحديات فعلية قد تدفع إلى إعادة تقييم الجدوى الاقتصادية لبعض هذه المشاريع، بما في ذلك نيوم، التي تعد أحد أبرز رموز طموح محمد بن سلمان.
مفهوم “نقطة التعادل النفطية” الذي يستخدمه المحللون للدلالة على المستوى الذي تحتاجه “السعودية” إلى أن يبلغه النفط لتجنب عجز الموازنة، يُعد حاسماً في فهم هذا الوضع: وبحسب أوكسفورد أناليتيكا، تحتاج “السعودية” إلى سعر نفط يتجاوز 100 دولار للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها في عام 2025، عند احتساب الإنفاق من قبل صندوق الاستثمارات العامة على المشاريع الضخمة. وهو رقم يعكس فجوة كبيرة بين الواقع والطموح.
ووفقا لوكالة “رويترز”: بينما تموّل “السعودية” برنامج “رؤية 2030 ” من خارج الميزانية، فإن الحكومة تحتاج إلى الإنفاق على مشاريع البنية التحتية الضخمة المرتبطة بالمشاريع، الذي كان هدفه بداية إفطام الاقتصاد عن ” إدمان النفط”. ويعتمد صندوق الاستثمارات العامة، الذي تبلغ قيمته 925 مليار دولار، والذي يموّل رؤية 2030 بشكل أسياسي، على النفط، بما في ذلك من خلال أسهمه في أرامكو.
ارسال التعليق