تُنتَهك حقوق الانسان عندما تصبح العدالة في خبر كان
بقلم: السد ابو ايمان...
يقال ان من الحِكَم المشهورة عند العرب مقولة أن "الملك عقيم"، الذي اول من صدحت بها حنجرته الخليفة العباسي هارون الرشيد قالها بعده وحتى قبله سلاطين وحكام ولو بصيغ اخرى لفضية او فعلية تنفيذية قطعية.
احدى السبل التي توسل بها الحكام والملوك والامراء لحفظ سلطانهم وكراسي حكمهم الزائلة، الاعدامات وقطع الرؤوس والتصفيات الجسدية، ومن ذلك ما صدحت به حنجرة نفس الخليفة العباسي السالف الذكر الذي قال لابنه المأمون عندما حاجج اباه لماذا "لا تسلم الملك لابن عمك جعفر بن محمد _بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب_ وهو أعلم منك وافقه منك وأحق بالملك منك"، فقال له الرشيد، أما الملك فانه عقيم واعلم انك لو نافستني عليه لأخذت الذي فيه عينيك.. (أي لقطعت راسك).
رباط الكلام، يتمحور حول ما نددت به منظمة العفو الدولية “أمنستي” في 24 أيار/مايو الماضي ضمن تقرير لها، حول إارتفاع عمليات الإعدام في السعودية بأكثر من الضعف منذ العام 2020، وذلك في تعبير عن تنامي القمع والحكم الاستبدادي.
كما جاء في احد التقارير التي نشرتها مؤخرا صحيفة الـ"واشنطن بوست" الاميركية، ان السلطات السعودية أعدمت 120 شخصا في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري 2022، وهو ما يقرب من ضعف عدد الذين تم إعدامهم في العام الماضي بأكمله على الرغم من الوعود المعسولة التي أطلقتها تلك السلطات بتخفيضها عقوبة الإعدام، ومن ذلك ما وعد به من أسمته الصحيفة بـ"الحاكم الفعلي" للمملكة وتقصد به ولي العهد محمد بن سلمان في 2018 عن تأكيده تقليص عقوبة الإعدام بغرض الترويج لإصلاحات مزعومة.
في هذا العام 2022، نفذت السلطات السعودية معظم عمليات الإعدام في يوم واحد من شهر آذار/مارس عندما أُعدمت 81 مدنيا في أكبر عملية إعدام جماعي منذ سنوات، كان بينهم 41 مسلما شيعيا لمشاركتهم باحتجاجات مؤيدة للديمقراطية، حسب ما افادت به منظمة "هيومن رايتس ووتش" في نيويورك، ولم تتم إعادة أي من الجثث إلى ذويهم.
في تقرير جديد نشره اليوم موقع "سعودي ليكس" المعارض، رأى ان أحد أسباب عدم ارجاع وتسليم الجنازات هو الخوف من يتحول تشييعها الى احتجاجات أو أن القبور يمكن أن تصبح نقاط تجمع للمعارضين للحكم، خصوصا وان الاعدامات جاءت بعد محاكمات صورية مشكوك فيها.
من بين المسلمين الشيعة المعدومين رجلان هما محمد الشاخوري وأسعد شبر، كتب بشأنهما في آب (أغسطس) الماضي، سبعة من مسؤولي الأمم المتحدة رسالة إلى السلطات السعودية اثر حكمها بالاعدام بحق الرجلين، حيث اكدت الرسالة "التي وقعها المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي"، أن محاكمات الرجلين “لم تفي بضمانات الإجراءات القانونية الواجبة و [كانت] لجرائم لا يبدو أنها تفي بأخطر الجرائم” أ, “الحد الأدنى المطلوب بموجب القانون الدولي”.
بدورها، المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، إن هذا القرار “يجسد الغموض في نظام العدالة الجنائية السعودي”، وذلك ما اثبتته بيانات المنظمات الحقوقية التي تم جمعها من الإعلانات الحكومية والتي اشارت الى إن 72 من أحكام الإعدام هذا العام كانت على “جرائم تقديرية” (غير محددة في الشريعة الإسلامية)، على الرغم من وعود ‘بن سلمان بإنهاء استخدام عقوبة الإعدام لمثل هذه الجرائم.
يرى حقوقيون دوليون وكذا منظمة العفو الدولية “أمنستي" ان اتجاه هذه المملكة إتجاه قاتم مظلم استمر في عام 2022 بإعدام 81 مدنيا بتهمة الارهاب في يوم واحد، وان 48% من مجمل الإعدامات التي نفذت منذ العام 2015 كانت بناء على رأي وتقدير القاضي والتي لا تعتمد على نص شرعي أو قانوني وهي التي تسمى بأحكام التعزير.
من بين الاعدامات الجماعية التي نفذتها السلطات السعودية بعد 2015 الاعدام الجماعي الذي رجل الدين الشيعي نمر النمر وشبان واجهوا تهما تتعلق بالمشاركة في مظاهرات حيث تم اعدام 47 شخصا في 2 كانون الثاني/يناير 2016 بينهم 4 قاصرين على الأقل.
بالرجوع الى بحث ودراسة الاسباب الفعلية والواقعية وراء التصفيات الجسدية والاعدامات التي تطال عند الحاكم والولاة والامراء ورؤساء الدول والملوك، حتى الاقارب من الدرجة الأولى في بعض المواقع ، نجد أنها تمارس غالبا من قبل أنظمة مستبدة ديكتاتورية تغيب عمدا المؤسسات والقوانين والدساتير ليكون فيها الحاكم او الملك او الامير اوالحاكم الاوحد المطلق ويحتكر كل السلطات بيده، ولا يترك متنفسا لا للمشاركة ولا للتشاور ولا حتى لتعدد وجهات وجهات اتخاذ القرار.
مثل هذه الممالك المستبدة، عادة ما يخضع المواطنون فيها لأهواء ورغبات الحاكم المطلق المستبد الذي يفتقد لكافة معاني للعدالة الاجتماعية بعد ان تصبح في خبر كان.
ارسال التعليق