صدمات وشيكة بين محمد بن سلمان والوهابية (مترجم)
أصبح محمد بن سلمان، ولي عهد السعودية، وبات خليفة والده، والأمير الذي يبلغ 31 عاما، لم تشهد المملكة شخصا مثله؛ فتم منحه مسؤوليات وصلاحيات واسعة جدا، حيث يتولى وزارة الدفاع، والمشرف على تحويل .
لا شك أن هناك ما يدفع الأمير، الذي يعتقد ضرورة أن تنوع السعودية اقتصادها، بجانب تحديث الدولة وحكومتها على جميع المستويات، ومنها الاجتماعي، فهو من عصر التغيير التكنولوجي السريع، ويؤمن بضرورة خلق اقتصاد قائم على المعرفة.
ويؤمن الشباب السعودي بإمكانية تغيير البلاد، وليس هناك شك في أن بن سلمان هو مصدر إلهامهم، وما ينقصنا هو رؤية ما إذا كان بإمكانهم وبإمكان ولي العهد الجديد النجاح.
السعودية بلد متحفظ للغاية، حيث لن يكون التغيير الاجتماعي بشكل عام وخاصة للمرأة أمرا سهلا، لأن المؤسسة الدينية ستقاوم هذا التغيير وتقليص دوره، كونها تصدر نوعا غير متسامح من الإسلام.
وتتحكم المؤسسة الدينية في التعليم والمناهج الدراسية والأعراف الاجتماعية، كجزء من صفقة مع العائلة المالكة، لكن ربما يقاومهم ولي العهد الجديد، ويقطع عنهم الأموال التي كانت دائما متوفرة لهم.
وفي عصر انخفاض أسعار النفط، أصبحت مهمة ولي العهد أكثر صعوبة، بالفعل هناك تخفيضات في الرواتب التي فرضتها عجز الميزانية، لكن بعد تذمر السعوديين تراجعت الحكومة عن التخفيضات.
ورغم هذه الصعوبات، يتحرك بن سلمان إلى الأمام، واعدا بتنويع مصادر الإيرادات والعمل على تغيير الثقافة، ليجلب الحفلات الموسيقية وفرق الرقص إلى المملكة، حتى أنه يسعى لتحويل نظام التعليم السعودي، حيث يرغب في التخلص من كتب التعليم القديمة والاستعاضة عنها بأسلوب تدريس جديد من خلال الأقراص الرقمية بدلا من الكتب.
التحديات ليست داخلية فقط، يوجد تهديدات خارجية أيضا، حيث يرى بن سلمان أن إيران تمثل التهديد الخارجي الأكبر، ويصر على التصدي لها، ورسمت السعودية خطا في اليمن لإيقاف إيران، نظرا لاعتقادها بأن طهران لها يد في الإطاحة بالحكومة اليمنية من قبل الحوثيين، وأقنعت إدارة الرئيس الأمريكي السابق أنها لن تتحرك ضد إيران، وبالتالي اتخذت الخطوة.
وثبت أن تدخل المملكة في اليمن مكلف للغاية، حيث تدفع السعودية والإمارات ثمنا باهظا، بجانب معاناة اليمن البلد الفقير، كما تتشارك السعودية مع مصر والإمارات والبحرين، في محاولة لإجبار قطر على تغيير سياستها المتمثلة في التعامل المزدوج، كونها شريكا مفترضا للولايات المتحدة، في حين أنها توفر الدعم المادي لجماعات إرهابية مثل الإخوان وطالبان والقاعدة وحماس.
وأشاد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في البداية بحملة الضغط السعودي على قطر، لكن يبدو أن إدارته غيرت مسارها، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في تصريح لوكالة فرانس برس، إن الإدارة كانت متخوفة مما يفعله السعوديون مع قطر، فهي لم تقدم شروطا واضحة لينفذها القطريون، ويبدو أنهم يحاولون تغيير النظام القطري وليس سياسته.
بوساطة كويتية، قدم السعوديون ثلاثة عشر شرطا للقطريين، منها ما يعد دربا من الخيال، وحتى الآن، لم تقبل الدوحة هذه الشروط، التي من بينها قطع العلاقات مع الجماعات الإرهابية، ووقف تمويل المنظمات والأفراد التي تراهم السعودية والولايات المتحدة إرهابيين.
الشرط الأكثر رفضا بالنسبة للقطريين ويرونه مبالغ فيه، هو إغلاق قناة الجزيرة الفضائية، التي يرى السعوديون أن الوقت حان لوقفها لأنها منبرا لمن هم مثل يوسف القرضاوي، الذي يشرع الإرهاب.
من السهل أن نفهم سبب رغبة إدارة ترامب في إنهاء الوضع المعقد بين السعوديين والقطريين، لكن عليها دعم الجهود الرامية لتغيير طرق قطر، إلا أن السعوديين ليسوا الطريق الصحيح لتحقيق التغيير.
بقلم : ريهام التهامي
ارسال التعليق