صورة فاضحة تجمع ابن سلمان وأشهر قواد في العالم
في تطور مدوٍّ يزيد من تعقيد صورة محمد بن سلمان على الساحة الدولية، نشرت مؤسسات إعلامية مستقلة اليوم صورة مسرّبة تجمعه بجيفري إبستين، رجل الأعمال الأميركي المدان بتهم الاتجار بالقاصرات واستغلالهن جنسيًا في شبكة دعارة نخبوية طالت مشاهير وساسة من الصف الأول.
وتُظهر الصورة، التي وُجدت معلقة داخل الغرفة الخاصة لإبستين في إحدى ممتلكاته الخاصة، محمد بن سلمان وإبستين في لحظة ودّية واضحة، ما يبدو أنه جلسة خاصة في موقع غير رسمي، ويظهر فيها ولي العهد وهو يضحك ويضع يده على كتف إبستين.
وتؤكد مصادر إعلامية مطلعة أن الصورة كانت مؤطّرة بعناية ومعلقة ضمن مجموعة صور اعتبرها إبستين “رموزًا لعلاقاته الاستراتيجية حول العالم”.
ووجود ابن سلمان ضمن هذه المجموعة يفتح الباب أمام أسئلة شائكة تتعلق بطبيعة العلاقة بين الطرفين، ولماذا افتخر إبستين بتوثيقها وتخصيص مساحة لها في غرفته الخاصة، التي وُصفت في تقارير سابقة بأنها كانت “المعبد السري لعلاقاته مع النخب العالمية المتورطة في فضائحه”.
علاقة محرجة في توقيت حرج:
تأتي هذه الفضيحة الجديدة لتُضيف فصلاً جديدًا في سجل محمد بن سلمان المثقل بالانتهاكات والارتباطات المشبوهة، من اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، إلى تصعيد القمع في الداخل، مرورًا بتحالفات مالية غير شفافة مع شخصيات مثيرة للجدل.
ورغم محاولاته المتكررة لتلميع صورته دوليًا، خصوصًا من خلال مشاريع ضخمة كمدينة نيوم وفتح البلاد أمام السياحة والترفيه، فإن هذه الصورة – في هذا التوقيت بالذات – تُعيد تسليط الضوء على الشبهات الأخلاقية والسياسية التي تحيط به وتفضح علاقاته في الدوائر المظلمة للنخب الفاسدة عالميًا.
إبستين.. اسم يطارد الجميع:
جيفري إبستين، الذي توفي في ظروف غامضة داخل زنزانته في أغسطس 2019 بعد توجيه تهم جنائية له تشمل استغلال القاصرات وإنشاء شبكة دعارة عالمية، ارتبط اسمه بعدد من أقوى الرجال في العالم، من رؤساء دول إلى رجال أعمال كبار.
لكن ما يميّز هذه الفضيحة هو أن الصورة مع ابن سلمان كانت بحوزة إبستين نفسه، ومعلّقة في أحد أكثر الأماكن خصوصية له، ما يوحي بعلاقة غير عابرة، بل ربما شراكة أو تنسيق في مشاريع أو مصالح لا تزال طي الكتمان.
وسبق أن ورد اسم شخصيات عربية في ملفات إبستين، لكنها المرة الأولى التي يظهر فيها محمد بن سلمان بشكل مباشر، وبصورة موثقة.
تجاهل سعودي وصمت رسمي:
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم يصدر أي تعليق رسمي من الديوان الملكي السعودي أو أي جهة تابعة للحكومة على ما نُشر، رغم تصاعد التفاعل الإعلامي والحقوقي الدولي مع هذه الصورة، وبدء موجة من التساؤلات والانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويبدو أن السلطات السعودية تعتمد مجددًا سياسة “الإنكار والتجاهل” كما فعلت في قضايا سابقة، على أمل أن تتجاوز العاصفة، لكن مراقبين يرون أن تراكم الفضائح، خصوصًا ذات الطابع الأخلاقي أو الجنائي، يُضعف قدرة الرياض على الدفاع عن قيادتها دوليًا.
بن سلمان.. ولي عهد الفضائح:
تُضاف هذه الصورة إلى سلسلة طويلة من الفضائح التي تلاحق محمد بن سلمان:
جريمة قتل خاشقجي، والتي حمّلت تقارير استخباراتية أمريكية مسؤوليتها له مباشرة.
حملة الاعتقالات التي طالت أمراء ورجال أعمال ومسؤولين سعوديين في فندق الريتز، والتي وُصفت بأنها “ابتزاز رسمي مقنّن”.
الحرب الكارثية في اليمن، التي أودت بحياة آلاف المدنيين، واعتُبرت “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.
انتهاكات حقوق الإنسان بحق الناشطين والصحفيين والمعارضين في الداخل.
استغلال صندوق الاستثمارات العامة في صفقات دعائية كشراء نادي نيوكاسل، أو الدخول في مشاريع غامضة مع مستثمرين دوليين مثيرين للريبة.
والآن، تضع صورة إبستين علامة استفهام جديدة حول نوع الدوائر التي اختار ابن سلمان أن يبني معها نفوذه العالمي، وعن طبيعة صفقات الظل التي قد تكون تمت بعيدًا عن أعين القانون والرقابة.
الرأي العام الغربي تحت الصدمة:
تلقّت الصحافة الغربية، وخاصة في بريطانيا وفرنسا وكندا، هذه الصورة بذهول، وسط دعوات لإعادة تقييم العلاقات مع السعودية، ومطالبة بفتح تحقيق مستقل حول هذه الصلة، ومعرفة ما إذا كان هناك أي تورط مالي أو سياسي أوسع بين إبستين والنظام السعودي.
وفي ظل سعي ولي العهد للظهور كـ”إصلاحي عالمي” و”رجل التوازنات الكبرى”، فإن هذه الصورة تُحطّم ما تبقى من سرديته أمام الرأي العام الدولي، وتُظهره كشخصية مرتبطة بأوساط إجرامية وأخلاقية لطالما حاول النأي بنفسه عنها.
وبينما تتصاعد فيه أصوات ضحايا إبستين ويُعاد فتح ملفات الشبكات التي أنشأها، تُثير هذه الصورة مع محمد بن سلمان قلقًا مشروعًا حول ما إذا كان محمد بن سلمان شريكًا في صفقات الظل التي دارت على جزيرة الفضيحة، أم مجرد ضيف غافل في حفلات لا أخلاقية كان إبستين يتفاخر بها علنًا.
مهما كانت التفاصيل، فإن الضرر السياسي والأخلاقي بات واقعًا، وصورة ابن سلمان التي يسعى لتلميعها منذ سنوات، تتلاشى مجددًا تحت وطأة حقيقة لا يمكن طمسها بعد اليوم.
ارسال التعليق