غانم الدوسري يتحدث عن متابعة ومراقبة وخشية من مصير خاشقجي
التغيير
نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" تقريرا، حول مقابلة أجرتها مراسلتها جوسيه إنسور، مع المعارض الساخر غانم الدوسري، وصف فيها مملكة آل سعود بأنها أصبحت مثل كوريا الشمالية في ظل حكم محمد بن سلمان.
ويورد التقرير، نقلا عن المصارير، قوله في المقابلة إن صحيفة "واشنطن بوست" عرضت عليه كتابة عمود أسبوعي، إلا أنه خشي أن يواجه مصير الصحافي المعروف جمال خاشقجي ذاته، لهذا كان عليه التفكير مليا قبل قبوله، مشيرا إلى أن العرض كان عبارة عن مقال أسبوعي في الصحيفة الأمريكية، بحيث يمنح الكوميدي السعودي فرصة للظهور، خاصة أنه حاول أن يبني قاعدة مشاهدين له في الغرب بعدما صنع اسمه في العالم العربي.
وتستدرك إنسور بأنه حاول تجنب العرض، خاصة أن الرجل الذي سبقه قتل قبل 16 شهرا تقريبا على يد عملاء لحكومة آل سعود ، وقال: "كان عليّ التفكير كثيرا، صحيح أنني أريد منبرا لكنني كنت أخشى أن أصبح جمالا ثانيا"، في إشارة إلى قتل وتقطيع خاشقجي في قنصلية آل سعود في إسطنبول في تشرين الأول/ أكتوبر 2018.
وتشير الصحيفة إلى أن المصارير (39 عاما) أصبح مشهورا من خلال قناته على "يوتيوب"، التي كان يعرض من خلالها برنامجه الساخر "غانم شو"، الذي كان يقدمه من منفاه في بريطانيا، وانتقد من خلاله عائلة آل سعود الحاكمة، واستطاع بناء جيش من المعجبين، لكنه أثار غضب ولي عهد آل سعود محمد بن سلمان.
ويفيد التقرير بأنه مع زيادة عدد المشاهدين لحلقات برنامجه، الذي تعدى عشرات الملايين، زادت حالات التحرش والمضايقة من سعوديين مناصرين لمحمد بن سلمان، مشيرا إلى أن عرض الكتابة في الصحيفة الأمريكية جاء في الأسبوع ذاته الذي تحدثت فيه تقارير عن تعرض هاتف مالك الصحيفة، الملياردير جيف بيزوس، لقرصنة من محمد بن سلمان.
وتلفت الكاتبة إلى أن المصارير لم يندهش لسماعه هذه الأخبار؛ لأنه كان من ضمن معارضين تعرضت هواتفهم للقرصنة، ولهذا السبب تقدم بدعوى قضائية في المحكمة العليا البريطانية ضد آل سعود.
وتنقل الصحيفة عن المصارير، تعليقه قائلا: "ما يثير الاهتمام هو أننا جميعا تعرضنا للقرصنة في الفترة ذاتها، وهي منتصف إلى آخر عام 2018"، وأضاف: "أنا، وبيزوس، وجمال، وعمر (عبد العزيز المعارض المقيم في كندا)، وكان هناك أمر ما يحدث في مملكة آل سعود في ذلك الوقت: جنون العظمة".
وينوه التقرير إلى أن المصارير شك أول مرة في أن شيئا ما غير سليم عندما لاحظ أن نظام تشغيل هاتفه لا يقوم بتحديث المعلومات، لهذا أرسل هاتفه إلى منظمة "سيتزن لاب" في جامعة تورنتو في كندا لفحصه، وحدد الباحثون أن هاتف المصارير وعبد العزيز تعرضا لهجوم ببرمجية خبيثة متشابهة، تم تركيبها في رابط يخبرهما عن طرد من "دي أتش أل" سيصل إليهما، ما قاد السعوديين للسيطرة على الهاتف.
وتورد إنسور نقلا عن المصارير، قوله إن العملية لم تكن لتتم دون موافقة ولي عهد آل سعود، "بالتأكيد لا أحد يقوم بعمل كهذا دون موافقة (أم بي أس)" مستخدما مختصر اسم ولي عهد آل سعود في الغرب، مشيرا إلى أن عملية الاختراق لهاتفه جاءت من جهات عليا في عائلة آل سعود، التي نفت أي علاقة لها باختراق هاتف المصارير.
وتنقل الصحيفة عن الدوسري، قوله ساخرا: "أنا لست بيزوس، ولم يبتزوني، وليس لدي شيء مهم.. كل ما يريدونه هو معرفة كل شيء عنك: مع من تتحدث وماذا تقول أو تفعل، وهو ما يمنحهم منفذا كاملا على حياتك الخاصة".
ويشير التقرير إلى أن الدوسري يعيش تحت حماية الشرطة البريطانية منذ اغتيال خاشقجي، وتقدم الشهر الماضي في قضية نادرة بدعوى قضائية ضد آل سعود، التي يطالبها باعتذار وتعويضات مالية لم يكشف عنها، لافتا إلى أنه أمام آل سعود ثلاثة أشهر للرد قبل أن يقرر محاموه الخطوة التالية.
وتقول الكاتبة إن هذه قضية نادرة وغير مسبوقة، ولو وصلت إلى المحكمة فإنها ستلقي الضوء على حملة ملاحقة آل سعود وتحرشهم بنقادهم، بل إنها ستوسع من احتمال المسؤولية القانونية للهجمات الإلكترونية.
وتورد الصحيفة نقلا عن المصارير، تعليقه قائلا إن محمد بن سلمان قام بحملة لإسكات معارضيه ونجح، و"على مدى سنوات بدا النظام وكأنه بعيد عن المساءلة القانونية، والآن لدي الفرصة لمحاسبتهم".
ويقول الدوسري للصحيفة إن المملكة لم تكن أكثر قمعا منها اليوم، رغم الحديث عن إصلاحات، مثل قيادة المرأة للسيارة، وتخفيف شروط وصاية الرجل على المرأة، وفتح البلاد للسياحة، و"أتحدث للناس في داخل الجزيرة العربية ويقولون لي: نحن مثل كوريا الشمالية.. الفرق الوحيد هو أننا نملك المال وعلى علاقة جيدة مع أمريكا والغرب".
ويلفت التقرير إلى أن المصارير جاء إلى بريطانيا في عام 2003 لدراسة علم الحاسوب في جامعة بورتسموث، وعندما انتهت تأشيرة الدراسة تقدم عام 2012 بطلب لجوء سياسي لم يحصل عليه إلا عام 2018، ويقول إن السبب هو ضغوطات آل سعود.
وتنوه إنسور إلى أنه متوقف حاليا عن التصوير لـ"غانم شو"، لكنه لا يزال خائفا على حياته، مشيرا إلى علاقة بلاده القريبة مع بريطانيا، فهما شريكان تجاريان مهمان، فصادقت بريطانيا على رخص بيع سلاح بقيمة 600 مليون جنيه إسترليني بعد ستة أشهر من قتل خاشقجي.
وتكشف الصحيفة عن أن عملية القرصنة عليه لم تتوقف، فقبل المقابلة مع الصحافية تلقى رسالة من "غوغل" تطلب منه تغيير كلمة السر لحسابه، ما يشير إلى أن أحدا كان يحاول الدخول إليه، مشيرة إلى أنه لا يزال هدفا للمئات من الذباب الإلكتروني الذين يرسلون إليه مئات من الرسائل على "تويتر" لاستفزازه.
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أن الدوسري مصمم على عدم السماح لهم بالنجاح، ونشر أول مقال له في صحيفة "واشنطن بوست" الأسبوع الماضي، وقال فيه: "في البداية قصرت نقدي على النظام السعودي، لكن مع مرور الوقت شعرت أن هناك حاجة للتحدث عن الذين لا يزالون يعانون"، وأشار إلى أنه شعر بالراحة للحديث عبر الصحيفة.
ارسال التعليق