قمع المجتمع المدني #السعودي: سنوات من الأعمال الانتقامية
سلط ناشطون حقوقيون واقع قمع المجتمع المدني السعودي في ظل سنوات من الأعمال الانتقامية ضد معتقل الرأي محمد القحطاني وأعضاء جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (حسم).
جاء ذلك خلال نقاش نظمته منظمة القسط لحقوق الإنسان ومنَا لحقوق الإنسان ومؤسسة رايت لايفليهو، عبر حلقةٍ دراسيةٍ شبكيةٍ عن محنة المدافع عن القحطاني وزملائه من جمعية حسم المنحلة التي تأسست لتعزيز الحقوق والحريات الأساسية وحمايتها في البلد.
وصادف 24 أبريل مرور ستة أشهر على آخر اتصال للقحطاني بأسرته، بعد أن أخضعته السلطات السعودية للحبس الانفرادي على الرغم من انقضاء مدة محكوميته.
كما صادف 23 أبريل أيضًا مرور سنتَين على وفاة عبدالله الحامد، الذي شارك في تأسيس جمعية حسم، أثناء الاحتجاز نتيجة ما تعرَّض له من إهمالٍ طبيٍّ متكررٍ على يد السلطات.
وتحدّثت فلاح سيد، وهي موظفة شؤون حقوق الإنسان في منظمة منَا لحقوق الإنسان التي يقع مقرها في جنيف، عن غياب الحريات الأساسية والضمانات القانونية في السعودية.
فيما سلّط يحيى العسيري، المدافع السعودي عن حقوق الإنسان ومؤسس منظمة القسط لحقوق الإنسان وأول أمينٍ عامٍّ لحزب التجمع الوطني (ناس)، الضوءَ على تأثير جمعية حسم وكيف أرست الأساس اللازم لحركةٍ حقوقيةٍ أوسع في السعودية.
وتحدثت مهى القحطاني، زوجة محمد القحطاني، عن محنة حبسه واختفائه المؤلمة. ولم تتمكن من سماع صوته منذ أكثر من ستة أشهر.
وألقى أيضًا عمر القحطاني، ابن محمد القحطاني، بيانًا مقتضبًا شدّد فيه على أمله المستمر في عودة أبيه.
وبعد أن أعربت ماري لاولور، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، عن تعاطفها مع أسرة القحطاني وتقديرها لها، أوضحت أنها أثارت قضية القحطاني مع السلطات السعودية في مناسبات مختلفة.
وشجعت المقررة الأممية، المجتمع المدني على لفت انتباهها إلى الانتهاكات الحقوقية المُرتكَبة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان.
وأشارت إلى أن السعودية ستُجري استعراضها الدوري الشامل الرابع في مطلع عام 2024، مما سيسمح بممارسة مزيدٍ من الضغوط على السلطات.
وسبق أن أكد توثيق حقوقي دولي سياسة ولي العهد محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للسعودية، في قمع المجتمع المدني المستقلة وحظر الحريات العامة بما في ذلك الانخراط الشعبي في الرؤية لإصلاح الأوضاع في المملكة.
وقالت “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” في بيان مشترك تلقى “سعودي ليكس” نسخة منه، إنه ينبغي أن تتمكن منظمات المجتمع المدني والنشطاء والمعارضون السعوديون بكل حرية من تقديم رؤيتهم وأجندتهم لمستقبل تُحترم فيه حقوق الإنسان في بلدهم دون خوف من الانتقام.
وأعلنت المنظمتان عن تضامنهما مع الشعب السعودي الذي يطالب بمستقبل لبلده يعطي أولوية لاحترام حقوق الإنسان.
وأشار البيان إلى أنه في 11 مايو/أيار 2023، أقام المدافعون والنشطاء الحقوقيون السعوديون الذين أصدروا خريطة طريق بعنوان “الرؤية الشعبية للإصلاح في المملكة العربية السعودية” مناسبة عامة للدعوة إلى إنفاذ حقوق الإنسان وسيادة القانون في السعودية.
وأبرز أنه غالبُا ما تنتقم السلطات في السعودية من منتقدي الحكومة في المنفى والمدافعين الحقوقيين الذين يُجهرون بمعارضتهم للانتهاكات في البلاد ويدافعون عن حقوق الإنسان.
قالت جوي شيا، باحثة السعودية في هيومن رايتس ووتش: “طرح أشخاص سعوديون شجعان رؤية للإصلاح تعطي الأولوية لحقوق الإنسان، معرّضين أنفسهم لمخاطر شخصية كبيرة. ينبغي للحكومة السعودية أن تصغي إلى هذه الدعوات”.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أصدرت مجموعة من أبرز المدافعين والنشطاء الحقوقيين والمفكرين أولًا “الرؤية الشعبية للإصلاح في المملكة العربية السعودية”، وهي وثيقة تصوغ “رؤية شعبية للإصلاح في المملكة العربية السعودية تتمركز حول حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية كأهم منطلقات الإصلاح”.
وتحدد الرؤية 13 مبدأً تُشكل الأساس لدولة سعودية تحترم الحقوق، بما في ذلك الإفراج عن جميع السجناء السياسيين، واحترام الحقوق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، وحماية حقوق المرأة، ووضع حد للتمييز الديني، من جملة أمور أخرى.
قاد محمد بن سلمان إحدى أكبر حملات قمع حقوق الإنسان في تاريخ البلاد بحسب البيان.
وقد وثّقت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية مجموعة من الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان في السعودية، من ضمنها القمع بالجملة للمجتمع المدني المستقل، والاعتقالات التعسفية للمعارضين السلميين، وعامة المفكرين والمثقفين، والمدافعين والنشطاء الحقوقيين، والحكم على أشخاص عاديين بالسجن لعقود من الزمن بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
تشمل المخاوف الأخرى ممارسات مسيئة في مراكز الاحتجاز، من ضمنها التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وعمليات الإعدام الجماعية للسجناء في أعقاب محاكمات جائرة، والضربات الجوية غير القانونية التي أوقعت آلاف القتلى والجرحى في صفوف المدنيين في اليمن.
قالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “تُعرِب منظمة العفو الدولية عن تضامنها مع النشطاء السعوديين الذين ينادون بحقوق الإنسان في الداخل والخارج.
وأضافت أنه يتعين على السلطات السعودية الاعتراف بالدور بالغ الأهمية الذي يضطلع به المجتمع المدني في صنع القرارات العامة، وفي تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.
كما أكدت أنه ينبغي للسلطات السعودية أن تسمح للمدافعين والنشطاء الحقوقيين، والمعارضين، والمنظمات غير الحكومية بالمشاركة الفعالة في اتخاذ القرارات المتعلقة بإصلاحات حقوق الإنسان في البلاد.
ارسال التعليق