كيف سينعكس تقليص عدد الحجاج هذا العام على مملكة آل سعود؟
التغيير
بعد أيام من المداولات داخل مملكة آل سعود حول موسم الحج لهذا العام، جاء القرار في إقامة شعائر الفريضة بعدد محدود جداً من الحجاج من مختلف الجنسيات من المقيمين داخل المملكة، وذلك بسبب استمرار تفشي جائحة فيروس كورونا، وعدم توفر دواء أو لقاح للمصابين بالفيروس.
وسيقتصر العدد المسموح به لأداء مناسك الحج للعام الجاري على ألف حاج من مختلف الجنسيات من الموجودين والمقيمين في المملكة بشكل آمن وصحي، بما يحقق التباعد الاجتماعي، حسب ما صرح به وزير الحج والعمرة، محمد بنتن.
وستفقد مملكة آل سعود مع وقف تدفق الحجاج إليها خلال هذا الموسم مليارات الدولارات التي تجنيها من الحجاج، إضافة إلى تضرر كثير من الفنادق المحيطة بالحرم المكي في مكة المكرمة، والمسجد النبوي في المدينة المنورة، وإلحاق الخسائر بها، وهو ما قد يدفعها إلى تسريح آلاف الموظفين.
كذلك، ستكون شركات الطيران بمملكة آل سعود والنقل البري والداخلي أمام حالة غير مألوفة، وفقدان كثير من إيراداتها، وهو ما سيتسبب في خسائر مالية فادحة لها؛ لكون الأرباح التي تجنيها كل عام مبنية على الحجاج وموسم الحج.
خسائر اقتصادية
وخلال العقود الأخيرة نجحت حكومة المملكة في جعل صناعة السياحة الدينية مستمرة طول العام بفضل التوسعات الجديدة بالحرم المكي، حيث تقدر الرياض عائدات الحج بـ60% - 70% من الإيرادات السياحية للمملكة، أي ما يقرب من 7 مليارات دولار.
ويوفر قطاع السياحة فرص عمل تقدر بـ 882.9 ألف فرصة عمل، وبما يمثل نسبة 7.7% من إجمالي العاملين بالمملكة، ويستحوذ السعوديون على نسبة 27.8% من إجمالي فرص العمل بقطاع السياحة.
ويرتبط قطاع السياحة الدينية في مملكة آل سعود بقطاع النقل الجوي، الذي ينفق فيه الحجاج قرابة 2.3 مليار دولار سنوياً، وأيضاً قطاع تجارة التجزئة في مكة ذي الحجم الهائل، وقطاعات الفندقة والسكن والنقل والمواصلات داخل المدينة، والتي تسهم بشكل كبير في جعل مكة واحدةً من أكثر مدن العالم حيوية طوال العام.
وكانت بيانات حكومية أظهرت ارتفاع الإنفاق على السياحة الوافدة إلى البلاد بنسبة 9.7% خلال يوليو وأغسطس الماضيين، بالتزامن مع إجازة الصيف وموسم الحج.
وحسب نشرة مؤشرات السفر والسياحة في المملكة، الصادرة عن مركز المعلومات والأبحاث السياحية (حكومي)، ارتفع إنفاق السياحة الوافدة خلال الشهرين المذكورين إلى 36.2 مليار ريال (9.7 مليارات دولار)، وهو ما يبدو أن المملكة ستفقده هذا العام.
أرقام سابقة
ويرصد "التغيير" أعداد الحجاج الذين شاركوا في مواسم الحج خلال السنوات العشر الأخيرة، التي شهدت في بعض مواسمها تقليصاً للحجاج، على خلفية انتشار مرض كورونا عام 2013، وكذا التوسعة التي شهدها الحرمان المكي والنبوي.
ففي عام 2010 شارك في الحج 2.789.399 حاجاً، ليزداد في الموسم اللاحق عدد الحجاج ويصبح 2.927.717، ثم ازداد مرة أخرى في 2012 ليكون 3.161.573 حاجاً.
وأدت المخاوف من انتشار فيروس كورونا (قبل الفيروس المستجد الحالي) بين الحجاج في مملكة آل سعود، وأعمال التوسعة الكبيرة في الحرمين المكي والنبوي، إلى خفض أعداد الحجاج خلال موسم 2013، ليسمح فقط لمليون و980 ألف حاج، بنقص يقدر بمليون و181 ألف حاج.
وفي العام التالي 2014، لم يزدد عدد الحجاج إلا بنسبة ضئيلة، إذ كانت الزيادة 105 آلاف حاج عن الموسم السابق، حيث بلغ عدد الحجاج مليونين و85 ألفاً.
وفي الموسمين التاليين 2015 و2016 انخفضت مرة أخرى أعداد الحجاج، ففي 2015 بلغت أعدادهم 1.952.817، وفي 2016 كان العدد أقل إذ بلغ 1.862.909 حجاج.
عقب ذلك عادت الأرقام إلى التزايد بعد الانتهاء من التوسعة، فسجل عام 2017 مشاركة 2.352.122 حاجاً، وفي 2018 بلغ عددهم 2.371.675 حاجاً، ثم الموسم الماضي 2019 بلغ العدد 2.489.406 حجاج.
وكانت مملكة آل سعود تتوقع وصول 2.7 مليون شخص إلى أراضيها في 2020 لأداء فريضة الحج، لكن وباء "كوفيد-19" غير كل شيء.
دعوة سابقة للتريث
وفي أبريل 2020، دعت مملكة آل سعود المسلمين في جميع دول العالم إلى التأني قبل التخطيط لأداء فريضة الحج، حتى تتضح الرؤية أكثر بخصوص جائحة كورونا.
وقال وزير الحج والعمرة السعودي، محمد صالح بن طاهر، في لقاء مع قناة "الإخبارية" الرسمية: "طلبنا من الإخوة المسلمين في جميع دول العالم التريث في عمل أي عقود حتى تتضح الرؤية".
وأضاف الوزير: "إن المملكة قامت برد مبالغ رسوم التأشيرات لجميع من حصلوا على تأشيرات لأداء مناسك العمرة ولم يتمكنوا من القدوم إلى البلاد" بسبب تفشي كورونا.
ارسال التعليق