لماذا تراجعت السعودية في باب المندب؟
أعلنت السعودية وقف عبور ناقلاتها النفطية عبر مضيق باب المندب «إلى أن تصبح الملاحة فيه آمنة»، وذلك بعد أن تعرضت ناقلتا نفط عملاقتان تابعتان للمملكة لهجوم من قبل الحوثيين اليمنيين خلال عبورهما للمضيق.
قال السعوديون إن الهجوم أدى لإصابة طفيفة في الناقلة، لكن القرار يكشف عن رعب كبير لدى السعوديين، فإعطاب إحدى هاته السفن العملاقة، التي تحمل مليوني برميل من النفط الخام، يعني خسارة لوجستية واقتصادية كبيرة للمملكة، كما أنه قد يؤدي لتلوث كبير للبحر الأحمر، سيؤثر على بلدان الخليج اقتصاديا وسياحيا وبيئيا.
وإذا كان الهجوم الحوثي البحري على السعودية يعتبر أقلّ من التهديد الإيراني باستهداف الأمريكيين أنفسهم، وهو استكمال، بالتالي، لـ»الحرب بالوكالة»، أو عزوف عن مواجهة غير محسوبة النتائج النهائية مع الأمريكيين، فإن رد الفعل الأمريكي والغربي البارد تجاه قرار السعودية لا يتناسب مع الحدث، ويضعف موقف الرياض، الذي يستقوي بالأمريكيين.
حاولت السلطات السعودية العزف على هذا الوتر من خلال المطالبة الامريكيين بـ»مواجهة التصعيد الحوثي بالتصعيد»، وبـ»توجيه ضربة حاسمة وقاصمة للحوثيين»، ولعلّ التجاهل الأمريكي للمسألة دفع وسائل أخرى للتوجه إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن لاتخاذ إجراءات تضمن سلامة الممرات المائية.
القرار السعودي يعني، بوضوح، نجاحا للهجوم الحوثي، فهو يؤكد أن المملكة لا تستطيع وقف هذه الهجمات، وأنها مضطرة لهذا الحلّ المكلف كثيرا، الذي سيضطرها لاستخدام الطرق البرّية وصولا إلى موانئ أخرى لا يمكن للحوثيين استهدافها.
يشير القرار أيضاً إلى أن السعوديين لم يتمكنوا من إقناع الأمريكيين بحماية ناقلاتهم النفطية، أو أن «تسعيرة» الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو الذي لا يكف عن مطالبة دول الخليج بدفع ثمن «حمايتها»، أعلى من أكلاف تغيير الطرق البحرية، ولو اعتبر الحوثيون في ذلك انتصارا لهم.
ارسال التعليق