محاكم التفتيش السعودية تُصدر حكما ابتدائيا بحق مشجعي نادي الصفا
استكمالاً للتجبّر السعودي، كشفت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عن إصدار المحكمة الجزائية المتخصصة بالدمام حكماً ابتدائياً على 12 من مشجعي نادي الصفا لكرة القدم على خلفية هتافات في مباراة.
وفي تفاصيل القرارات الصادرة عن المحكمة المذكورة، الحكم على شخصين بالسجن لمدة سنة وفرض غرامة مالية قدرها 10 آلاف ريال، أما العشرة الآخرين من المعتقلين، فأصدرت المحكمة قرارا يقضي بالسجن لمدة 6 أشهر وغرامة 5 آلاف ريال على كل واحد منهم.
وقد أفردت منظمة العفو الدولية تقريرا تصدت فيه لتفاصيل الحدث، إذ أكدت أنه على النظام السعودي الإفراج الفوري عن 12 مشجعا لكرة القدم، اعتقلوا لمجرد ترديدهم أهازيج دينية في يناير/كانون الثاني الماضي، ونشر مقطع فيديو له على وسائل التواصل الاجتماعي.
وحذرت المنظمة في تقريرها الصادر في 27 مارس/آذار الجاري من أن إدانة الشبّان قد تعرضهم لعقوبة تصل حدّ السجن لمدة 5 سنوات. وهم من بين أكثر من 150 شخصا تم استدعاؤهم واستجوابهم في الأسبوع الأول من فبراير/ شباط الماضي، بعد أيام قليلة من المباراة. ونقلت منظمة العفو الدولية عن نشطاء قابلتهم تأكيدهم على قيام مسؤولي الأمن بإجبار الشباب المستجوبين على توقيع وثائق يعترفون فيها بـ "تردادهم لعبارات طائفية" أو مواجهة خطر الاعتقال.
وتابعت المنظمة الحقوقية، " في الوقت الذي تنفق فيه السلطات السعودية المليارات على غسل صورتها الرياضية وغسل صورتها على مستوى العالم، فإن اعتقال مشجعي كرة القدم يعدّ أحدث مثالا على حملتها القمعية الواسعة النطاق على حرية التعبير ضد الأقلية الدينية الشيعية ". وشددت المنظمة على أن هذه القضية تأتي في وقت تستعد "السعودية" لاستضافة كأس العالم 2034 ما يوضح حجم المخاطر التي يواجهها مشجعو كرة القدم، وغموض التشريعات الجنائية.
وأشارت المنظمة إلى ضرورة إيلاء مشجعي كرة القدم أهمية قصوى لنتيجة القضية المذكورة.
وفي سياق متصل، أدانت منظمة العفو الدولية إلى جانب 8 منظمات غير حكومية أخرى، أمس، اعتقال أفراد من جماهير نادي الصفا لكرة القدم في "السعودية"، ومحاكمتهم بموجب نظام مكافحة الجرائم المعلوماتيّة على خلفيّة هتافاتهم في مباراة حديثة، والتي اعتبرتها السلطات “طائفيّة”.
وفي بيان مشترك اعتبرت المنظمة أن هذا القمع، الذي يحدّ من الحق في حريّة التعبير في ملاعب كرة القدم، في وقت تستثمر فيه السلطات بكثافة لتعزيز الرياضة والسياحة، يسلط الضوء على التناقض المروّع بين تصرّفات السلطات السعوديّة وروايتها الرسميّة للتحرّر.
وأوضح البيان ان اثنا عشر عضوًا من مشجعي نادي الصفا يمثلون أمام المحكمة الجزائيّة في مدينة الدمام بتهم بينها “إرسال مواد تضر بالنظام العام عن طريق الإنترنت والأجهزة الإلكترونية”؛ و”الإضرار بالنظام العام عن طريق إذكاء روح التعصّب الطائفي من خلال تمرير المحتوى الطائفي في أماكن التجمّعات العامّة”؛ و”الإخلال بالوحدة الوطنيّة”؛ و”تنسيق هذا العمل مسبقًا”.
وتتعلّق هذه التهم فقط بهتاف الأغاني الفولكلوريّة الدينيّة الشيعيّة التي تحتفل بعيد ميلاد الإمام علي خلال المباراة؛ فيما لم تتضمن الهتافات أي شيء عدائي أو مهين لأي شخص. وبحسب البيان استندت النيابة العامة في اتهاماتها إلى مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي من المباراة تظهر الحشد وهو يردّد الأغاني، وحقيقة أن المعتقلين ينتمون إلى مجموعة من أنصار كرة القدم على الواتساب.
ونوّه البيان إلى مطالبة النيابة العامة بعقوبات تصل إلى السجن لمدّة خمس سنوات وغرامات تصل إلى ثلاثة ملايين ريال (800 ألف دولار)، ومصادرة هواتف المتّهمين، وإغلاق حساباتهم على الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي على النحو المنصوص عليه في المادة 6 من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتيّة، بالإضافة إلى مزيد من العقوبات القاسية حسب تقدير القاضي.
المنظمات أوضحت أنه بالإضافة إلى اضطهاد الأفراد، عوقب نادي الصفا، ومقرّه في مدينة صفوة في المنطقة الشرقيّة ذات الأغلبيّة الشيعيّة في المملكة، بقسوة. ففي 4 فبراير 2024، أعلنت لجنة الانضباط والأخلاق في الاتحاد السعودي لكرة القدم عن اتخاذ إجراءات تأديبيّة ضد النادي مشيرة إلى أنّ المشجّعين تلوا “عبارات وهتافات تنتهك أحكام اللوائح التأديبيّة والأخلاقيّة”. شملت الإجراءات حلّ مجلس إدارة النادي وفرض عقوبات إداريّة وماليّة عليه. وفي الأيام التالية، اعتُقل العديد من أعضاء جمعيّة أنصار الصفا، واستُدعي أكثر من 150 شخص للاستجواب.
المنظمات اعتبرت أنه معاملة مجلس إدارة نادي الصفا وجمعيّة أنصاره تعتبر انتهاكًا صارخًا للقوانين الدوليّة التي تضمن الحق في حريّة التعبير والتجمّع السلمي وحريّة الدين.
وأكد البيان استثمار "السعوديّة" لمليارات الدولارات في صناعة الرياضة المحليّة والدوليّة – التوقيع مع لاعبي كرة القدم المشاهير، وشراء الأندية الأوروبيّة، واستضافة الأحداث الرياضيّة المرموقة كجزء من حملة غسيل سجلها أمام العالم، ومع ذلك، خلف هيبة وبريق صورتها وحملة تحسين سمعتها عبر الرياضة يكمن واقع مرير. فيتم قمع حريّة التعبير والفكر والمعتقد في السعوديّة بدرجة غير مسبوقة.
وشددت المنظمات عى أن "السعودية" اختارت محاكمة أنصار نادي كرة قدم محلي من خلال استدعاء 150 شخصًا للاستجواب ومحاكمة 12 منهم بتهمة الهتاف السلمي في المباراة، وهو ما يعدّ دليلًا آخر على أن السلطات السعوديّة تحاول “تحسين سمعتها من خلال الرياضة” وإعادة تأهيل صورتها للعالم بدلًا من استخدامها الفعلي لقوّة الرياضة بغية “فتح” البلاد للجميع.
المنظمت اعتبرت أنّ استخدام السلطات المتكرّر لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتيّة لقمع حريّة التعبير يوضّح كيف تلجأ ابشكل روتيني إلى تشريعات مسيئة وغامضة الصياغة، مستشهدة بالتغريدات وغيرها من أشكال التعبير وتكوين الجمعيّات المحميّة باعتبارها تهديدات للأمن القومي لإضفاء الشرعية على انتهاكاتها لحقوق الإنسان. ويُعدّ استهداف أنصار نادي الصفا خطوة أخرى في حملة القمع غير المسبوقة التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهو انتهاك صارخ لحريّة التعبير والفكر والمعتقد.
المنظمات الموقعة:
*القسط لحقوق الإنسان.
*العفو الدوليّة.
*المنظّمة الأوروبيّة السعوديّة لحقوق الإنسان.
*فير سكوير.
*الفدراليّة الدوليّة لحقوق الإنسان.
*مجموعة منَا لحقوق الإنسان.
*مركز الشرق الأوسط للديمقراطيّة.
*مشجعو نادي نيوكاسل يونايتد ضد تحسين السمعة بالرياضة.
*جمعيّة حماية اللاعبين الشباب في أفريقيا – مالي.
ارسال التعليق