مسورة العوامية الأثرية معرضة للزوال وأهلها للضياع !!
1 – العوامية إلى أين في ظل سياسة الانتقام؟
العوامية التي تقع في القطيف شرق المملكة على ساحل مياه الخليج، والتي كانت جزءا من دولة البحرين التاريخية، لها تاريخ عريق في الإعمار والنضال وحضارة المنطقة، وهي قبل سنوات قليلة كانت مجرد بلدة صغيرة مهمشة من وسائل الإعلام، محرومة من الحقوق كالخدمات والبنية التحتية والتطور، والاستفادة من النفط الذي يستخرج غرب أراضيها وتمر أنابيب النفط المتجه إلى رأس تنورة لتصديره للخارج من تحت ترابها، وتقف بواخر النفط شرق ساحلها، وليس لأهاليها إلا الدخان المنبعث من مصفاة البترول ومن البواخر العملاقة؛ ولكن منذ اعتقال ثم إعدام ابن العوامية.. الشخصية الدينية والسياسية البارزة الشيخ نمر باقر النمر، أصبحت اسما عالميا يكرر في معظم وسائل الإعلام، وهو اسم يتعرض لأبشع طرق التشويه والإساءة في وسائل إعلام سلطات الرياض، ولم تكتفي كذلك بمعاقبة أهلها بالحصار والملاحقة والاعتقال والسجن والإعدام، بل وصلت إلى درجة الانتقام من البلدة واستهداف قلبها الديرة، وهي منطقة المسورة أقدم حي فيها الذي بني منذ مئات السنين ويعتبر أهم معلم أثري مسكون في المنطقة، حيث قررت الرياض هدم المسورة وإنشاء خدمات جديدة، على أهم قلعة أثرية وتراثية، في ظل صمت داخلي وعالمي، وعدم تعويض الأهالي بمساكن أو بمبالغ تكفي لشراء مسكن بسيط!!.
2- هدم المسورة فرصة أم ورطة وعقاب جديد؟
العوامية كمعظم مدن وقرى القطيف والأحساء – التي تقف فوق حقول النفط – حرمت من أي مشاريع تنموية طوال العقود الماضية منذ اكتشاف النفط. قرى وبلدات صغيرة كانت أصغر مساحة من العوامية قبل الطفرة النفطية نمت وكبرت وتطورت واستفادت من الأموال الطائلة رغم بعدها عن مصادر النفط، بينما العوامية لم تحصل على أبسط حقوقها ومنها تطوير وتنمية البلدة لتصبح مدينة متطورة على ساحل الخليج وبالقرب من أهم ميناء نفطي رأس تنورة في ظل وجود وفرة المال، والعجيب في هذه الفترة حيث سلطة الرياض تعاني من أزمة اقتصادية خانقة: عجز في الميزانية وتوقيف لمشاريع والتوظيف وخصم لبدلات الموظفين، وفرض الضرائب على المواطنين .. ، فجأة الحكومة قررت هدم الإحياء القديمة في العوامية وبالخصوص حي المسورة من باب التطوير بعد تهميش وحرمان لعقود من الزمن!!.
التطوير والتنمية أمر مطلوب والكل يرحب به، ولكن المشكلة أن هذا الحي المسورة يمثل أولا: قيمة أثرية. ثانيا: هو مسكون من قبل مئات العوائل والمبلغ المحدد من قبل السلطة كتعويض لا يكفي لشراء أرض فكيف شراء بيت بديل!!.
كان من المفترض أن تقوم السلطة بتشييد أحياء جديدة تابعة للعوامية وتوزيع المنازل على أهلها وبالخصوص من يسكن المنطقة المقرر إزالتها. أم إذا كان سبب صحوة الحكومة من نومتها وغفلتها ونسيانها وتهميشها للعوامية يعود لأسباب خاصة للسلطة فقط، أي لا علاقة بفكرة تطوير العوامية وخدمة الأهالي وتعويضهم عن الإهمال والتهميش فالمصيبة أعظم، لأنه بمثابة العقاب للأهالي والآثار والتاريخ.
العوامية تستحق أفضل من ذلك وأهلها أهل الوطنية والتميز والتفوق يستحقون الكثير عبر تخصيص ميزانية لتطويرها.
3– مسورة العوامية تاريخ من الصمود
العوامية تعرضت خلال تاريخها للاستهداف والاعتداء والحرق لمرات عديدة، ولكنها بقيت ثابتة صامدة لمئات السنين، جريمة العوامية أنها كانت ومازالت ترفض الخضوع والاستسلام للظلم والذل والاستعباد للظالمين، وقد تعرضت مدينة الزارة الاسم القديم لمدينة العوامية – وبعض أثارها موجودة لغاية اليوم – للتدمير في أيام دولة القرامطة بقيادة أبو سعيد الجنابي، بسبب موقف الأهالي الرافضين لسياسة حكمهم، كما شهدت العوامية في عام 1347هـ ثورة نهضوية بقيادة الإمام الشيخ المجاهد محمد بن ناصر النمر العوامي 1277 – 1348 هـ ، وهو عم الرمز الحالي الشيخ نمر باقر النمر،.. وقامت تلك الثورة بسبب غياب العدالة ووقوع المظالم وتفاقم الغضب الشعبي في المنطقة بسبب سياسة الحكومة، وهي العوامية ما زلت ترفض سياسة الظلم والطغيان، مع السلام والاستقرار والأمن والإعمار والتنمية.
وللحديث تتمة…
11/1/2017
بقلم : علي آل غراش
ارسال التعليق