مضاوي الرشيد: الديمقراطية هي الضامن الوحيد لاستقرار المملكة
التغيير
سلطت الأكاديمية المعارضة "مضاوي الرشيد" الضوء على الحاجة الماسة لدفع بلادها نحو الإصلاح السياسي، لأن "المملكة الديمقراطية" من وجهة نظرها هي الحالة الوحيدة التي يمكن من خلالها ضمان استقرار المملكة.
وقالت "الرشيد" في تحليل مطول نشرته مجلة "فورين أفيرز"، إن إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" تجنبت فرض عقوبات على "محمد بن سلمان" في قضية اغتيال الصحفي "جمال خاشقجي" خوفا من زعزعة استقرار التاج في المملكة.
وأضافت أن المسؤولين الأمريكيين، لديهم سلسلة من المخاوف من أنهم إذا قاموا باتخاذ أي إجراءات (مثل معاقبة "بن سلمان")، فقد يؤدي ذلك إلى عدم الاستقرار في المملكة.
وأشارت إلى أنه من بين ذلك، الخوف الأمريكي من فقدان التعاون الاستخباراتي المهم مع المملكة، وأن يسعى قادة الأخيرة إلى إقامة شركات مع الصين وروسيا.
كما تشمل المخاوف أيضا أن تؤدي زعزعة الاستقرار إلى استيلاء القوى الإسلامية الراديكالية على المملكة ومواردها، ما يهدد ليس فقط المملكة فحسب بل جيرانهم الخليجيين المقربين.
وأشارت الأكاديمية إلى أن نهج "بايدن" الحذر تجاه "بن سلمان" يعكس فهما خاطئا للمسؤولين الأمريكيين بأن وضع المملكة على المحك يعني الاختيار بين نظام ملكي مستقر وإن كان قمعيا، أو دولة إسلامية لا يمكن التنبؤ بتوجهاتها وربما تكون راديكالية.
طريق وسط
وذكرت أن ثمة طريقا وسطا دائما قابلا للتطبيق، يضمن استدامة الإصلاح الديمقراطي الذي يحمي الجميع من التجاوزات الملكية والجهادية على حد سواء.
وقالت "الرشيد" إنه من خلال علاقتها التاريخية الوثيقة مع المملكة، يجب على إدارة "بايدن" الضغط على العائلة الحاكمة في المملكة لإجراء عملية إصلاح تدريجية تحل في نهاية المطاف محل مجلس الشورى الموجود حاليا في البلاد، مع حكومة منتخبة مماثلة لحكومة الأردن أو المغرب.
وعقبت "الرشيد" بأنه لا شك أن أفراد العائلة الحاكمة في المملكة سيكرهون التخلي عن السلطة طواعية، لكن النظام الملكي في البلاد هو أكثر عرضة للخطر اليوم، ويجب على "بايدن" أن يضع خطة للإصلاح باعتباره السبيل الوحيد لإنقاذ النظام الملكي بعد فضيحة خاشقجي.
شراكة دستورية
وذكرت "الرشيد" أنه إذا فشل الأمريكيون تماما في تصور مثل هذا المسار الوسطي، فسيكون الحال ذاته بالنسبة للشعب، مشيرة إلى أن السجون في المملكة مليئة بسجناء الرأي.
وعقبت: صحيح أن بعض المعتقلين هم من أنصار القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية، لكن غالبيتهم ليسوا كذلك، فكان هناك "لجين الهذلول" ولايزال الداعية الإصلاحي الإسلامي "سلمان العودة"، والاقتصادي "عصام الزامل" والناشط المدني "محمد القحطاني"، وآخرين قيد الاعتقال.
وأضافت أن ثمة خيطا مشتركا وهو القدرة على تخيل المملكة الجديدة التي تحتفظ بالعائلة الملكية ودورها المزعوم في تحقيق الاستقرار ولكنها تسمح ببعض الحقوق السياسية والمدنية، بما في ذلك مجلس نواب منتخب، وفصل السلطات، واستقلال القضاء، وحرية التعبير والتجمع.
بعبارة أخرى، وفقا لـ"الرشيد"، تريد كل هذه الشخصيات طريقا نحو الديمقراطية الأولية التي تكرم الأمراء ولكنها تشارك السلطة مع الشعب، أو ما يطلق عليه الملكية الدستورية.
وذكرت: "نريد أن يختار الناس نظامهم السياسي المستقبلي، عبر الوسائل الديمقراطية والانتخابات وحرية التعبير، فلقد فر منتقدون آخرون من المملكة ليس للانضمام إلى يوتوبيا إسلامية متخيلة مثل تنظيم الدولة، ولكن للعيش في ديمقراطيات الغرب".
وأوضحت أن كندا والولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى مختلفة تستضيف اليوم مئات من المنفيين وطالبي اللجوء الذين يواصلون الضغط من أجل التغيير في المملكة.
طريق ثالث
وقالت المعارضة إن ثمة طريقا ثالثا يتمثل في أن يبدأ الرئيس "بايدن" بدفع المملكة لتشكيل مجلس محلي للإصلاح السياسي يتألف من أعضاء من المملكة وأمريكيين من المجتمع المدني ونشطاء ودبلوماسيين وقضائيين.
وأشارت إلى أنه يجب أن يكون التفويض الأساسي لمجلس الإصلاح المذكور هو تحضير المملكة للانتخابات العامة التي تستبدل مجلس الشورى المعين، ببرلمان منتخب والإشراف على رفع القيود المفروضة على حرية التعبير والسياسة والمجتمع المدني.
وقالت "الرشيد" يجب أن تتعهد الرياض بأن العائلة الملكية لن تهيمن على الوزارات المهمة في أي حكومة ينتخبها البرلمان، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة القادرة على دفع العائلة الملكية في المملكة على إجراء مثل هذه الإصلاحات.
ورأت الكاتبة أن الدعم الأمريكي المقدم للمملكة منذ 1954 دون مطالب بالإصلاح السياسي، كان دائما اختيارا خاطئا، ولم تعد المملكة مستقرة كما كانت دائما.
ولفتت إلى أنه من المؤكد أن البعض في الرياض سيرى أي جهد لربط الالتزام الأمريكي بالأمن في المملكة بالإصلاحات السياسية باعتباره انتهاكا للسيادة البلاد، لكن في المقابل يجب على "بايدن" وفريقه التأكيد أن خارطة الطريق بعيدا عن القنبلة الموقوتة للملكية المطلقة هي الطريقة الوحيدة لضمان استقرا المملكة وبقاء العائلة الملكية.
وأردفت "الرشيد" أنه يجب على إدارة "بايدن" إقناع الملك و"محمد بن سلمان" وغيرهم من كبار أفراد العائلة الملكية بقبول القيود المفروضة على سلطتهم من أجل تجنب الانجراف بعفل موجة تغيير ستكون على مستوى القاعدة.
كما رأت أن مخاوف الإدارة الأمريكية من أن ينتهي الأمر بالمملكة إذا طلبت منها هذه الإصلاحات في أحضان الصين أو روسيا لا ينبغي أن يثني إدارة "بايدن" عن اتباع هذا الطريق الوسطي، فالرياض لن تذهب فجأة للبحث عن تحالفات جديدة لأسباب عملية وأيديولوجية.
وأوضحت أنه من وجهة نظر لوجستية يكاد يكون من المستحيل تغيير مزودي الأسلحة بين عشية وضحاها بجانب أن الروابط التاريخية والثقافية مع واشطن ستعمل على مقاومة الرحيل المفاجئ إلى المشرق.
ارسال التعليق