ميدل إيست آي»: «بن سلمان» يسعى لتثبيت حكمه بمحاصرة شيعة المملكة
- الخليج الجديد
تزداد المخاوف من تصاعد الهجوم السعودي على بلدة العوامية، حيث تكشف الصور المروعة التي نقلها النشطاء المحليون والصور الفضائية مدى الدمار في البلدة الشيعية، في حصارٍ استمر عدة أشهر وأسفر عن مقتل 12 شخصًا على الأقل.
وتكشف صور الأقمار الصناعية عن تحول أحياء بأكملها في المدينة، ولاسيما حي المسورة التاريخي، إلى أنقاض، حيث يتصارع الجنود السعوديون مع الشيعة في الشوارع الضيقة.
وأفاد ناشطٌ في محافظة القطيف أنّ العمال في مزارع الرامس، إلى الشمال الشرقي من العوامية، قد تلقوا رسائل صوتية الأسبوع الماضي يطالبون فيها بإخراج حيواناتهم من المنطقة.
كما كانت هناك إخطارات تتعلق بالمنازل في حي الشويكة، على بعد حوالي 6 كم جنوب المسورة، صادرة عن شركة الإبراهيم للتطوير العقاري الخاص، وهي مسؤولة أيضًا عن تجديد الموسرة.
وقال «أمين نمر»، وهو من سكان المدينة سابقًا، لـ «ميدل إيست آي» أنّه يخشى أن توسع الحكومة السعودية هجومها على المنطقة ذات الأغلبية الشيعية، قائلًا: «إنّهم لا يريدون الإبقاء على أي شيءٍ حيوي في العوامية».
معركة القطيف
وقد اندلعت التوترات في المدينة بسبب الخطط التي تم الإعلان عنها لهدم وتجديد الموسرة، التي تدعي الحكومة أنّها تستخدم من قبل مسلحين، كما يعتقد أنّ أكثر من عشرة أشخاص على الأقل قتلوا في أعمال العنف.
وكان موقع الشرق الأوسط الإخباري الموالي للحكومة قد أعلن الاثنين أنّ رجلين من قائمة تضم «23 إرهابيًا» قد أصدرتها وزارة الداخلية السعودية، قد سلما نفسيهما، وهما «رمزي آل جمال» و«علي آل زايد».
وقال الموقع أنّه من بين الـ 23 المدرجين فى القائمة، كان ثمانيةً منهم قد سلموا أنفسهم بالفعل، بينما قُتل معظم الباقين. ولا يزال ثلاثة منهم طلقاء.
وقال سكانٌ محليون لـ «رويترز» أنّ ثلاثة من رجال الشرطة وتسعة مدنيين قد قُتلوا في الاشتباكات. وعلى الرغم من صعوبة التحقق من عدد القتلى، يبدو أنّ هذا يشير إلى مقتل ما يصل إلى 24 شخصًا.
وكانت «العوامية» منذ فترة طويلة نقطة انطلاق للاحتجاجات من قبل الأقلية الشيعية في السعودية، وجاء منها رجل الدين البارز «نمر النمر»، الذي أعدمته الحكومة السعودية عام 2016.
وكان التأكيد على التفاصيل الدقيقة للوضع في القطيف صعبًا منذ فترة طويلة بسبب القيود الصارمة على التدقيق الإعلامي الذي تفرضه السلطات السعودية.
وذكرت وكالة رويترز في وقتٍ سابقٍ من هذا العام أنّ وسائل الإعلام الأجنبية لا يمكن لها أن تزور المنطقة إلا إذا كان يرافقها مسؤولون حكوميون، بزعم أنّ ذلك لأسباب تتعلق بالسلامة.
وتأتي المعلومات إلى حدٍ كبيرٍ من النشرات الصحفية للحكومة السعودية أو الناشطين المحليين أو المواقع الإخبارية التي تركز على الشيعة.
ويتهم ناشطون محليون قوات الأمن بإجبار سكان العوامية على الخروج من البلدة بإطلاق النار عشوائيًا على المنازل في المنطقة.
وقالوا أنّ العديد من المنازل والمحال التجارية أُحرقت أو تضررت بسبب القتال. وقُطعت الكهرباء في معظم أنحاء المدينة، وتضررت المولدات الخاصة، بينما قُطعت المياه وخدمات الإطفاء وجمع النفايات.
وقد أدى الافتقار إلى الخدمات إلى قيام مجموعات متطوعة من المجتمع المحلي بجمع القمامة بأنفسهم.
وقد تم إجلاء مئات الأشخاص أو إخلاؤهم قسرًا من المنازل المحيطة بالمنطقة، بما في ذلك المناطق خارج العوامية في محافظة القطيف.
وقال «نمر»: «المسألة هي ماذا بعد هدم المسورة، لا أعتقد أنّ الأمور ستستقر في المنطقة».
وأضاف: «لا أستطيع التنبؤ بالمستقبل، لكن يبدو أنّه سيكون أسوأ من ذي قبل».
أكثر صرامة وتقلبًا
وقد تعرض «نبيه البراهيم»، عضو مجلس البلدية السابق والمهندس المشرف على مشروع المسورة، لمحاولات اغتيالٍ متكررة في الأشهر الأخيرة، مع بدء تنفيذ خطط المنطقة.
ووفقًا لموقع «العربية» الإخباري الموالي للحكومة، أُصيب «البراهيم» بالرصاص في الظهر والساق في إطلاق نار في مارس/آذار. وفي يونيو/حزيران، تعرض منزله لهجومٍ متعمد.
وعلى الرغم من كونه شيعيًا، غير أنّ «البراهيم» قد انتقد منذ فترة طويلة «المحافظة الدينية» في العوامية، وأشار إلى أنّ التوترات مستمرة منذ وقتٍ طويل بعيدًا عن الأعين.
وفي تسريب دبلوماسي عام 2006 صدر عن ويكيليكس، حذر «البراهيم» من أنّ العوامية، التي قال أشار إليها مازحًا باسم «الفلوجة»، كانت «أكثر صرامة وتقلبًا» من المدن الأخرى في القطيف.
وانتقد «البراهيم» أيضًا «النمر»، على الرغم من أنّه وصفه بـ «الجار والصديق».
وأضاف: «لكنّنا نرى الأمور بشكلٍ مختلف للغاية»، كما قال للدبلوماسيين الأمريكيين في جولة في المدينة.
وأضاف: «إنّه يتكلم بقوة ضد الحكومة وحتى ضد السنة بشكل عام، وأنا أفضل نهجًا أكثر دبلوماسية».
وقال «أندرو هاموند»، مستشار السياسة في الشرق الأوسط، أنّ إفراغ «العوامية» قد يكون جزءًا من استراتيجية لإحداث تغييرٍ ديمغرافي في المنطقة الشيعية المضطربة في المملكة.
وأضاف أنّ القتال كان بمثابة «تشتيتٌ مفيد» عن الاضطرابات السياسية في القصر السعودي بعد أن حل «محمد بن سلمان» محل ابن عمه وولي العهد السابق «محمد بن نايف».
وأوضح: «كان الأمر أكثر تعقيدًا مما كانوا يأملون به. أعتقد أنّهم واجهوا بعض المقاومة، وهناك غضب من كيفية التعامل مع بن نايف ومنعه من مغادرة البلاد».
وأضاف: «لذلك أعتقد أنّه مع وجود هذا التوتر السياسي في البلاد في الوقت الراهن، كانت المعركة مع الشيعة في هذا الوقت مفيدة لتحويل الأمر عن هذا التوتر».
المصدر | ميدل إيست آي
ارسال التعليق