هل تتمكن مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية تغيير معادلات حرب اليمن؟
خلال سنوات الحرب غير الشرعية التي شنتها قوات تحالف العدوان بقيادة السعودية على اليمن، أثير موضوع بيع الأسلحة العسكرية للدول المعتدية كأحد الأسباب الرئيسية لاستمرار الحرب وعدم رغبة السعوديين بوقف هجماتهم على المدنيين اليمنيين. ولطالما انتقدت منظمات ومؤسسات حقوقية دولية مختلفة المواقف المزدوجة للحكومات الغربية في ترديد شعارات مخادعة حول ضرورة وقف الحرب في اليمن، وفي الوقت نفسه تواصل تقديم الدعم بالسلاح للتحالف السعودي الإماراتي المعتدي.
والآن تتصرف إدارة جو بايدن في تحد لشعاراتها الانتخابية التي تدعو إلى وقف مبيعات الأسلحة العسكرية إلى السعودية والتي طرحت بهدف الرد على الانتقادات الداخلية الواسعة النطاق لاستمرار دعم أمريكا للحرب اليمنية ولتحسين سجل حقوق الإنسان الذي لطخ في عهد ترامب. وتقوم بالاعلان عن بدء بيع الأسلحة العسكرية للرياض.
وقد أعلن البنتاغون أن وزارة الخارجية الأمريكية وافقت على بيع صواريخ جو - جو أمريكية بقيمة 650 مليون دولار للسعودية، والتي بموجبها ستتلقى الرياض 280 صاروخًا ونحو 600 منصة إطلاق ومعدات مساعدة.
وبينما يعلم الجميع أنه بدون دعم واشنطن، لم ولن تكون السعودية قادرة على بدء واستمرار الحرب في اليمن، إلا أن تحركات وزارة الخارجية الأمريكية بشأن اليمن في الأشهر الأخيرة ركزت على تسهيل اقبال الرياض الى طاولة المفاوضات. لكن السؤال الآن هو ما إذا كانت مبيعات الأسلحة الأخيرة يجب أن تعتبر تحولًا مهماً في موقف واشنطن من الحرب اليمنية؟. ومن ناحية أخرى ، السؤال هو ما إذا كانت مبيعات الأسلحة الأخيرة ستكون قادرة على قلب مجرى معادلات الحرب لصالح الرياض؟.
المكونات الرئيسية لسياسة بايدن الخارجية في حرب اليمن:
هناك عدة مكونات ومتغيرات في توضيح السياسة الخارجية لحكومة بايدن بشأن الحرب اليمنية اذ يجب أخذها في الاعتبار عند تحليل القرار الأخير بإعادة النظر في مبيعات الأسلحة للرياض.
أحد العوامل الرئيسية المؤثرة على قرار بايدن بيع أسلحة جديدة إلى السعودية هي محاولة أمريكا لطمأنة الرياض وحلفاء أمريكا الإقليميين الآخرين وإعلان الالتزام بحماية أمن ومصالح حلفائها على أساس الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية.
لا شك أن الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان بالتزامن مع كثرة التحليلات عن تراجع أهمية الشرق الأوسط كمحور للسياسة الخارجية الأمريكية على مدى العقود القليلة الماضية، فضلاً عن رغبة بايدن في إحياء الاتفاق النووي مع إيران وقلق السعودية من احتمال رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، أقلق حكام السعودية كثيرا بشأن تأمين مصالحهم الأمنية.
بالطبع، كان هذا هو الحال بالفعل خلال عهد ترامب، ولا سيما بعد مواجهة البيت الأبيض هجوم 2018 غير المسبوق على منشأة أرامكو النفطية، اتضح بالنسبة للسعوديين ان عهد اعتمادهم الأمني على واشنطن قد انتهى.
والآن بعد أن أصبح السعوديون عاجزين أكثر من أي وقت مضى في السنوات الست الماضية في مواجهة الهجمات اليمنية وتقدم أنصار الله على جبهة مأرب إلى التدمير الكامل للأهداف السعودية منذ بداية الحرب، يأتي إعلان بيع السلاح الأخير كخطوة من البيت الأبيض لرفع الروح المعنوية للجبهة السعودية وإرسال رسالة إلى حكومة صنعاء حول ضرورة التوقف عن التقدم في مأرب.
كانت قضايا حقوق الإنسان والحرب اليمنية على ما يبدو على طاولة المفاوضات في العلاقات بين الرياض وواشنطن طيلة العام الماضي، لكن الحقيقة هي أن أحد المتغيرات الأكثر حسماً في العقود الأخيرة كان أحد قادة السياسة الإقليمية للولايات المتحدة اي لوبي منتجي السلاح. حيث كانت الحرب اليمنية مصدر ربح رئيسي لمصنعي الأسلحة الغربيين ، وخاصة الشركات الأمريكية، على مدى السنوات الست الماضية.
وفي هذا السياق نقل موقع سي ان ان يوم الجمعة عن عهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) ان الرياض تحتل المرتبة الأولى في واردات الأسلحة الأمريكية خلال السنوات الخمس الماضية، وبحسب التقرير، كانت السعودية بين عامي 2016 و 2020 المستورد الرئيسي للأسلحة الأمريكية، حيث اشترت 24٪ من الأسلحة الأمريكية.
وبحسب هذا التقرير، كانت الولايات المتحدة بين عامي 2016 و 2017 أول مصدر للأسلحة للسعودية بنسبة 79٪ ، تليها بريطانيا بنسبة 9.3٪ وفرنسا بنسبة 4٪ على التوالي.
كما أفاد معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام أن صادرات الأسلحة الأمريكية نمت بنسبة 15 في المائة بين أعوام 2011 و 2015 و 2016 إلى 2020 ، حيث ارتفعت حصة هذا البلد من الصادرات العالمية من 32 في المائة إلى 37 في المائة.
وبحسب هذا التقرير، فإن حوالي نصف صادرات الأسلحة الأمريكية إلى الشرق الأوسط بين عامي 2016 و 2020 (47٪) زاد بنسبة 28٪ مقارنة بالسنوات الخمس السابقة اي من 2011 إلى 2015.
عدم قدرة الدعم العسكري للرياض على تغيير معادلات الحرب:
يبدو جلياً فهم آثار مبيعات الأسلحة الأخيرة للرياض في الواقع السياسي لأهدافها وعدم قدرة هذا الدعم العسكري على تغيير المعادلة الميدانية بشكل كبير أو حتى حرمان صنعاء من سيادتها وطرد المحتلين وإرهابيي القاعدة وداعش من مأرب.
أولاً، كان الدعم العسكري السابق للسعودية قوياً جداً وباسلحة متطورة للغاية، حيث استحوزت الرياض سابقاً على واحدة من أكثر الأسلحة التقليدية في سوق الأسلحة وحتى الانظمة الاستراتيجية التي تبيعها الولايات المتحدة فقط لحلفائها المقربين(مثل صواريخ باتريوت).
من ناحية أخرى، تستخدم القنابل الجديدة المباعة للسعودية في الحرب الجوية، والتي باستثناء الضربات بالطائرات على اليمن، لم تكن قادرة على شن اي حرب جوية. فيما القوة الرئيسية لليمنيين في ميدان المعارك البرية اي أن القوة الجوية للتحالف كان لها أقل تأثير لوقف تقدم أنصار الله. لذلك لا بد من القول إن محاولات التحالف السعودي المفكك وداعميه الغربيين لمنع احتلال أنصار الله لمأرب كانت عقيمة وعديمة الجدوى، وقريباً ستوجه ضربة قاتلة للتحالف السعودي عبر السيطرة على مأرب.
ارسال التعليق