طفولة ابن سلمان ومراهقته تفسّران اضطرابه السياسي
كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية جانباً من خفايا طفولة ومُراهقة محمد بن سلمان، وقصة صعوده السريع ووصوله إلى أعلى هرم السلطة في المملكة. وعبر تقرير للكاتبة كارين إليوت هاوس، مؤلفة كتاب “السعودية.. ماضيها وشعبها”، تناولت الصحيفة الأمريكية، تاريخ ابن سلمان وخفاياه، خاصةً سياسته المضطربة ومفاجآته الكثيرة والكبيرة، وسرّ تقريب الملك سلمان لابنه محمد دون بقية الأبناء. وتوضّح هاوس أن للملك سلمان زوجتين: الأولى وأولادها ستة، والثانية وأولادها ستة أيضاً، وتوفي اثنان من أبناء زوجته الأولى في وقت متقارب، بسبب أمراض في القلب. وترى هاوس أن أحد أسباب تقرُّب الملك من ابنه محمد هو وقوفه إلى جانبه خلال وفاة ابنيه، في ظل انشغال الآخرين بحياتهم وعائلاتهم عنه، حيث كان يواسيه ويهتم به، وهو ما كان بداية صعوده. وتقول: “كان الملك سلمان أميراً على منطقة الرياض حينها، وكان كثير العمل، وأُوكلت إليه مهمة مُعاقبة الأمراء المُشاغبين ممن قد يُسبّبون مشاكل للعائلة المالكة بسبب تصرّفاتهم، حيث مُنح الصلاحيات كاملة في التعامل معهم”.
وتضيف الصحيفة: “بسبب قرب محمد من أبيه واطلاعه على تفاصيل واسعة، فإنه تعرّف مبكراً على الآلية التي يمكن من خلالها ضبط وإحضار الأمراء والتعامل معهم، وكيف يتم التعامل أيضاً مع شيوخ القبائل، وهو ما استعمله لاحقاً عندما قام بعملية احتجاز أمراء ووزراء ورجال دين”. وتُبيّن الكاتبة الأمريكية أن المرحلة الدراسية لمحمد بن سلمان كانت غير مُنتظمة، بسبب مرافقته لوالده في أغلب الأوقات، ولم يتعلّم بشكل طبيعي مثل بقية أقرانه، ولم يتعلّم كيف يتعامل مع الأصدقاء بشكل طبيعي. وتنقل الكاتبة عن أحد كبار العائلة السعودية الحاكمة أن افتقاد إحساس محمد بالقيود يأتي بسبب كونه لم يكن طالباً منتظماً. وتتناول هاوس مرحلة تولي محمد بن سلمان أول عمل له عقب تخرّجه في جامعة الملك سعود بالرياض، حيث كان أول صدام له مع الملك الراحل عبد الله، الذي كان ممتعضاً من أخيه سلمان، بسبب بيع الأخير أراضي، لضمان مستوى معيشي له ولعائلته.
وتقول هاوس: إن “ابن سلمان أبلغ مُقرّبين منه أنه في تلك السنوات وتحديداً في 2007، اضطر إلى القيام بأول عمل خاص به من أجل دعم العائلة، كما يقول شقيقه خالد، حيث أنشأ أول شركة خاصة وحوَّل كل العقود الحكومية لها كما يفعل بقية الأمراء”. حاول ابن سلمان نيل رضا الملك عبد الله، بحسب الكاتبة، غير أن تلك المحاولات لم تنجح، فقد سعى للحصول على قصر الملك فهد الذي كانت تشغله أرملته، غير أن محاولاته لم تنجح، حتى انتظر وفاة عمه عبد الله.
وتُبيّن الكاتبة أن البلاد حين كانت في حالة حداد، اختار ابن سلمان أربعة مستشارين كلّفهم بإعادة هيكلة الحكومة، وجرى إلغاء مجالس كانت مُهمتها اتخاذ القرار، وتشكيل مجلسين؛ الأول للاقتصاد والثاني للأمن الداخلي، وهو ما منحه مهمّة الإشراف على السياسة. وتوضّح أن الملك سلمان بدأ بتعيين ولي عهد جديد له وهو الأمير محمد بن نايف، فيما بدت أنها محاولة لقطع الطريق على نجله محمد من الوصول بسرعة. وترى أن واقع الحال كان يشير إلى أن الملك سلمان عيَّن بن نايف، حتى يكون تمهيداً لتعيين نجله الصغير ولياً للعهد ولا يكون الأمر صادماً للسعوديين، حيث تمّت الإطاحة بولي العهد السابق وتعيين نجله محمد بدلاً منه. وتشير الكاتبة الأمريكية إلى أنه مع تولي ابن سلمان ولاية العهد، بدأ بتنفيذ خططه الرامية للتخلص من كل منافسيه، خاصة من أبناء عمومته، من عائلة آل سعود الحاكمة.
وتذكر الكاتبة أنه بدأ سلسلة من القرارات المُفاجئة التي أصابت الجميع بالذهول، إذ كانت لديه مفاجأةٌ كلَّ ستة أشهر، بدأها بفرض حصار على قطر عام 2017، ثم اعتقال الأمراء، وإجبار رئيس وزراء لبنان، على الاستقالة، كما أنه قرّر رفع الدعم عن الوقود، وباتت المفاجأة الجديدة التي سيقْدم عليها ابن سلمان غير معروفة. ورغم الانتقادات الدولية التي وُجِّهت إلى ابن سلمان عقب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول على يد مقرّبين منه، فإنه لم يبدِ ندماً كبيراً على فعلته تلك، حسب الكاتبة. وترى أنه بسبب دعم ترامب ووالده الملك سلمان، فلن يتراجع خطوة للوراء. وتؤكد الكاتبة أن حملة ابن سلمان ضد معارضيه وحملته ضد النشطاء والناشطات واعتقالهم وسجنهم، جعله يبدو وحيداً. وبدوره، حذر الباحث الأمريكي أنتوني كوردسمان من تبعات قرار بن سلمان حصار قطر، حيث جاء بنتائج عكسية على المشهد الإقليمي.
ارسال التعليق