ضغوط السياسة وإغراء الاقتصاد.. هل يؤدي فتح معبر عرعر لتقارب سعودي عراقي؟
التغيير
تزامنت إعادة فتح معبر عرعر الحدودي بين المملكة والعراق في 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري لتعزيز التبادل التجاري بين البلدين، مع الحديث عن مشروع الاستثمار الزراعي لآل سعود في العراق.
لكن إعادة فتح الحدود للمرة الأولى منذ 30 عامًا تزامنت أيضًا مع ضغوط سياسية من قوى مؤثرة تقاوم أي انفتاح في العلاقات مع المملكة.
وقد تؤدي العوائد الاقتصادية الإيجابية من معبر عرعر إلى كسر التردد العراقي في إحياء العلاقات مع المملكة، ويعد عرعر هو المعبر الوحيد على طول الحدود المشتركة لأكثر من 830 كيلومترا (515 ميلا).
أطراف متخوفة
وقال مصدر أمني عراقي لـ"المونيتور"، طلب عدم الكشف عن هويته، إن "حركة التجارة عبر معبر عرعر من المرجح أن تواجه هجمات تعرقل التجارة وتنهي أي تعاون اقتصادي بين المملكة والعراق في المستقبل".
وأضاف: "تخشى القوى السياسية من النفوذ آل سعود في وسط وجنوب العراق. لن يسمحوا بذلك".
واتهمت "عصائب أهل الحق" بقيادة "قيس الخزعلي"، في بيان صدر في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، الرياض "بالتخطيط للاستيلاء على مساحات من الأراضي داخل 4 محافظات عراقية"، وفي اليوم نفسه، دعا "ائتلاف دولة القانون" إلى "إنهاء مشروع منح المملكة أرضًا للاستثمار في بادية العراق".
لكن عضو البرلمان عن ائتلاف دولة القانون "عبدالهادي السعداوي" قال لـ"المونيتور": "معبر عرعر سيكون مفيدًا اقتصاديًا وتجاريًا للعراق، تمامًا مثل المعابر مع دول أخرى مثل الكويت وتركيا وسوريا والأردن"، وحذر من أن "استخدام المعبر لأغراض سياسية سيجعله عديم الفائدة ويعرضه للفشل".
وقال "مظهر محمد صالح"، مستشار رئيس الحكومة العراقية للشؤون الاقتصادية لـ"المونيتور": "معبر عرعر بوابة لمشروع اقتصادي عراقي مع دول عربية مجاورة"، وأضاف: "ميل المملكة للاستثمار وتعزيز التجارة مع العراق هو توجه طبيعي يهدف إلى تلبية احتياجات المملكة وأسواقها".
كما قال إن أي مشروع تجاري مثل معبر عرعر يجب أن يقوم على دراسات تضمن استدامة المشاريع الاستثمارية والتجارية، ودعا مجلس التنسيق العراقي مع المملكة إلى اعتماد خارطة طريق لاستقبال الاستثمارات وتبادل البضائع بما يخدم البلدين بشكل منصف.
ولم تتعرض حماسة الجانبين للمضي قدما في فتح المعبر للعرقلة بفعل محاولات المعارضين للتقارب بين البلدين، فيما نفذت وزارة النقل في المملكة سلسلة من أعمال الصيانة على الطريق المؤدي إلى معبر عرعر الجديد وتأمين الطرق المؤدية منه وإليه.
الضغوط السياسية
وقال مدير الجانب العراقي من معبر عرعر العميد "حبيب كاظم": "وضعت السلطات العراقية خطة أمنية وإدارية ولوجستية كاملة لتأمين الطرق المؤدية إلى عرعر عبر كربلاء (المنطقة الوسطى) والأنبار (المنطقة الغربية)، وقد تم الانتهاء من أعمال الصيانة لحوالي 250 كيلومترا (155 ميلا) من الطريق السريع، بداية من الأنبار إلى أقصى الجنوب، حيث الموانئ العراقية، في البصرة".
وأضاف "كاظم": "بدأ العراق في إدارة العمليات والإدارات اللوجستية والإدارية والأمنية في عرعر. كما زود المعبر بالخدمات الصحية، بما في ذلك البيطرية، وكذلك الخدمات المطلوبة للأشخاص والمركبات، مع تعاون مثمر من المملكة ".
وأعرب المدير العام لـ"الشركة العامة للنقل البري"، "مرتضى الشحماني"، عن تفاؤله الكبير بشأن المعبر، قائلا: "بدء عمليات النقل البري بين البلدين سيحقق طفرة في حجم تبادل البضائع.. تجهز المملكة المعبر من حيث المباني والمعدات اللوجستية.. المعبر له تصميم معماري حديث يلبي توقعات حركة التجارة الثنائية".
لكن النائبة عن ائتلاف دولة القانون، "علياء نصيّف"، حذرت من "أهداف سياسية وراء أي تعاون تجاري واقتصادي مع المملكة "، وقالت إن معبر عرعر يجب ألا يستخدم إلا للأغراض التجارية وأن على العراق ضمان أمنه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.
وأضافت: "التبادل التجاري بميزان تجاري عادل ليس هو المشكلة، لكن هناك استثمارات ومشاريع قد تفتح الباب أمام مشاريع استراتيجية إقليمية يخشى منها الشعب العراقي، حيث أنه بعد 50 عاما من المشاريع الاستثمارية، قد تنتقل ملكيتها إلى المملكة ".
وقال الخبير الاقتصادي والمستشار لجمعية المصارف العراقية، "سلام سميسم" إن "معبر عرعر يفتح آفاقاً لتنويع علاقات العراق الاقتصادية مع الدول العربية، ما يبعده عن التوترات الاقتصادية الناجمة عن العقوبات المفروضة على دول الجوار، ومع ذلك، فإن الضغط السياسي قد يعيق الأداء الكامل للمعبر".
بوابة علاقات أوسع
ويرى الخبير القانوني والمحلل السياسي "علي التميمي" أيضًا أن العراقيين سيستفيدون من المعبر، وقال: " اتّخذ الكاظمي هذا النهج الجديد كجزء من انفتاح العراق على محيطه العربي والغربي، وقراره الحاسم بفتح معبر عرعر سيعزز بشكل كبير من دور العراق في المنطقة".
وأضاف "التميمي": "المنافسة بين المملكة وإيران ودول أخرى تعني المزيد من الخيارات للعراق. لكن يجب على العراق أن يعتمد على المملكة أكثر من إيران التي تعيقها العقوبات الدولية".
ويرى مراقبون أن معبر عرعر قد يكون بوابة لعلاقات أوسع بين الرياض وبغداد، وقد أرسلت المملكة بالفعل 15 حاوية من المستلزمات الطبية والأدوية عبر المعبر بمجرد افتتاحه.
ويبدو أن القوى السياسية العراقية المتحالفة مع إيران تقبل على مضض فتح معبر عرعر، ومثلما انتقدوا سابقًا انفتاح العراق مع مصر، فإنهم الآن يهاجمون الاستثمارات المملكة في العراق.
ارسال التعليق