حين تختطف السلطات السعودية المواطنين
عام 2015 ومن مطار بيروت الدولي، اختُطِف أحمد المغسّل (أبو عمران) وسُلِّم سراً لسلطات بلاده السعودية، في مخالفةٍ صريحة للأصول القانونية والأخلاقية والمعاهدات الدولية، ومنذ ثمانية أعوام وحتى اليوم والمغسّل في عداد المختفين قسرياً، ولا تعلم عائلته أو حتى المنظمات الحقوقية أي معلومات عنه وعن مصيره.
قبل أشهر، ضجّ العالم العربي بقضية الناشط حسن آل ربيع الذي أوقفته قوات الأمن المغربية في مطار مراكش بناءً على مذكرة توقيف من النيابة العامة السعودية، وعلى الرغم من مناشدات المنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع الدولي، قامت الحكومة المغربية بتسليم آل ربيع لسلطات بلاده السعودية ليتعرّض بعدها للاختفاء القسري حتى اليوم، (منذ فبراير/شباط 2023).
منذ ما يقرب من عام، تناشد السيدة مها القحطاني، زوجة معتقل الرأي الدكتور محمد القحطاني، كل من يمكنه تزويدها بأية معلومات عن زوجها الذي انقطعت أخباره منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022، وتمتنع السلطات السعودية عن تقديم أية تفاصيل عن مكان وجوده أو حالته الصحية أو أسباب انقطاع أخباره.
هذه القصص الثلاث، هي نماذج ليست الوحيدة عن حالات الاختفاء القسري الذي يتعرّض له معتقلو ومعتقلات الرأي في السعودية.
تعرّف الجمعية العامة للأمم المتحدة الاختفاء القسري بأنه “القبض على الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم رغماً عنهم أو حرمانهم من حريتهم على أي نحو آخر على أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة أو مستوياتها أو على أيدي مجموعة منظمة، أو أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة أو بدعم منها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو برضاها أو بقبولها، ثم رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين أو عن أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم، مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون”.
ويعدّ الإخفاء القسري جريمةً بحق الإنسانية، تؤثّر على الأفراد والمجتمعات، وفي السعودية تتأثر عشرات الأسر بالاختفاء القسري الذي يتعرّض له معتقلو ومعتقلات الرأي. ويعاني أقارب المختفين للحصول على أية معلومات عن ذويهم، ويتعرّضون بدورهم للمضايقات والتهديدات من قِبل أجهزة السلطات.
ويبدأ الإختفاء القسري بالاعتقال التعسفي الذي يحصل فجأة ويكون أشبه باختطاف، ولا يتمكّن أهالي المعتقلين والمعتقلات من معرفة مكانهم أو أسباب اختفائهم، ثم يتمّ تبليغهم في ما بعد، أحياناً بعد أشهرٍ طويلة أو سنوات، بأمر الاعتقال دون تزويدهم بأية معلومات أخرى، وفي بعض الأحيان لا يتلقّى الأهالي أية معلومات نهائياً.
ومن المرجّح أن المختفين قسرياً يتعرّضون أثناء هذا للمعاملة اللاإنسانية ولظروفٍ قاسية، وقد يكون بعض المختفين معزولين تماماً عن المحيط الموجودين فيه.
ومن المختفين قسرياً في السجون السعودية الطبيبة لينا الشريف والناشطة أسماء السبيعي اللتان اعتُقِلتا على خلفية آرائهما ومصيرهما مجهولٌ حتى اليوم.
كما واجه المعتقل مصطفى القصاب الإخفاء القسري لسنواتٍ طويلة، بعد اختطافه في لبنان، وهو ضمن المعتقلين المنسيين. ومن ضمن المخفيين قسرياً خلف قضبان السجون السعودية أيضاً الشيخ سليمان الدويش وعبدالرحمان السدحان وفاضل المغسل ومحمد آل عمار.
وينتهك الإخفاء القسري عدداً من الحقوق المنصوص عليها في المعاهدات الدولية أبرزها:
الحق في عدم التعرض للتعذيب أو لأي ضرب آخر من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة الحق في الهوية الحق في محاكمة عادلة وفي الضمانات القضائية الحق في سبيل انتصاف فعال، بما في ذلك الجبر والتعويض الحق في معرفة الحقيقة فيما يخص ظروف الاختفاء الحق في الحياة (في الحالات التي يقتل في الشخص المختفي) حق الفرد في الاعتراف بشخصيته القانونية
إنّ استمرار الحكومة السعودية بإخفاء معتقلين ومعتقلات في سجونها يعدّ انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان ويُمثّل استهتاراً بحياتهم وحياة ذويهم. تطالب اللجنة بالكشف عن مصير المعتقلين، كما تؤكد على ضرورة الإفراج الفوري عن كافة معتقلي الرأي الذين اعتُقلوا دون مسوّغٍ قانوني.
ارسال التعليق