منظمة حقوقية تنتقد ترشح السلطات السعودية لعضوية مجلس حقوق الإنسان
في وقت يواصل فيه النظام السعودي سياسة تنفيذ الإعدامات بحق معتقلي الرأي ولتهم جنائية أخرى، ترشحت "السعودية" لعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث تعقد انتخابات في أكتوبر 2024. والمجلس هو هيئة دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم، يتألف من 47 دولة عضو، تنتخبها الجمعية العامة للأمم المتحدة لمدة ثلاث سنوات. انتخابات الدول لعضوية المجلس تُجرى كل عام لشغل المقاعد التي تنتهي ولايتها.
وفي تقرير للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أشارت فيه إلى أنه في العام 2020، فشلت "السعودية" في الحصول على عضوية المجلس (2021- 2023)، وذلك خلال الانتخابات التي جرت في قاعة الجمعية العامة في نيويورك في 13 أكتوبر 2020. وكانت "السعودية" قد رشحت نفسها عن مقعد مجموعة دول آسيا والمحيط الهادي الذي ضم أربعة مقاعد تنافست عليها 5 دول. وفيما كان من غير المستبعد فوزها بسبب محدودية المنافسة، إلا أنها فشلت حتى في الحصول على ثلثي الأصوات وهو الحد الأدنى اللازم للفوز.
وأوضحت المنظمة أن العضويّة في المجلس تترافق :مع مسؤوليّة تعزيز معايير حقوق الإنسان السامية، وهو معيار أصرّت على اعتماده الدول نفسها عند إنشاء المجلس، كما وتقدم التزامات محددة بتحسين أوضاع حقوق الإنسان داخل حدودها وعلى الصعيد الدولي."
وقالت المنظمة أنه "من المفترض أن يؤخذ، عند الترشح والانتخاب، في الاعتبار أداء الدول المرشحة في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك تعاونها مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وسجلها في تعزيز وحماية حقوق الإنسان."
وأشارت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن ترشح "السعودية" لعضوية المجلس يأتي في ظل تدهور مستمر في مجال حقوق الإنسان، وهو ما يجعل من مسؤولية الدول التي رفضت انتخاب "السعودية" في انتخابات 2020 بسبب سجلها السيء أن تكرر الموقف نفسه.
الموقف من المعاهدات والآليات الدولية:
من خلال الانضمام إلى المعاهدات الدولية، تتحمل الدول التزامات وواجبات بموجب القانون الدولي فيما يتعلق باحترام وحماية وتطبيق حقوق الإنسان. وبيّنت المنظمة الحقوقية أن "السعودية لم توافق ولم تصادق إلا على 6 من 16 منها."
وأضافت المنظمة "على الرغم من ادعائاتها المتواصلة أمام مجلس حقوق الإنسان بأنها تتعاون بشكل تام مع الآليات، فإن عدم المصادقة على العديد من المعاهدات يظهر عكس ذلك. إضافة إلى ذلك، لطالما تجاهلت السعودية مسؤولياتها بموجب هذه المعاهدات حيث لم تكن تقدم التقارير الدورية ولا ترد على مسائلاتها."
وتابعت "خلال السنوات الأخيرة، غيرت السعودية التعامل مع هذه الآليات، وباتت ترسل التقارير في مواعيدها، إلا أن تتبع المعلومات التي توردها يظهر تلاعبا مقصودا، وغسيلا لصورة الحكومة بدلا من تقديم معلومات واقعية. يأتي ذلك في ظل محاصرة إضافية للمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية ما يحد بشكل كبيرمن المعلومات من الداخل."
وعرضت المنظمة الحقوقية الاتفاقيات والمعاهدات الدولية،وموقف النظام السعودي منها:
1- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تم القبول بها بتاريخ07 سبتمبر 2000.
2- اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة 24 يونيو 2008.
3- اتفاقية حقوق الطفل 26 يناير 1996
4- اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة23 سبتمبر 1997
5- الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لم تقبل
6- الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لم تقبل
7- الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري 23 سبتمبر 1997
8- البروتوكول الاختياري الأول للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسيةلم تقبل
9- البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعداملم تقبل
10- البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأةلم تقبل
11- البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إجراء تقديم البلاغاتلم تقبل
12- البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينةلم تقبل
13- البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيةلم تقبل
14- البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية24 يونيو 2008
15- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيةلم تقبل
16- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسيةلم تقبل
المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني في الداخل:
خلال السنوات الأخيرة تزايدت حدة الحملة على المجتمع المدني في السعودية، واستمرت الأحكام التعسفية بحق المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان بهدف فرض الصمت على أصواتهن من الداخل. وبحسب تتبع المنظمة يقبع عشرات النشطاء في السجون، فيما تفرض الحكومة حظر سفر على آخرين، في ظل تقلص كبير للحريات والحق في التعبير. يضاف ذلك إلى منع تأسيس وعمل المنظمات الحقوقية في الداخل وتجريم التواصل مع المنظمات الدولية وهيئات حقوق الإنسان بما في ذلك الآليات الدولية.
بالتالي، تقلصت مصادر المعلومات من داخل السعودية إلى حدها الأدنى، ولم يعد هناك سوى هيئة حقوق الإنسان الرسمية فعالة على الأرض. تتبع مسار عمل الهيئة يؤكد انعدام استقلاليتها، واستغلالها من قبل الحكومة في غسيل صورتها أمام المجتمع الدولي حيث لعبت دورا بارزا في تضليله عن الواقع.
الاستعراض الدوري الشامل:
الاستعراض الدوري الشاملهو عملية تنطوي على استعراض سجلات حقوق الإنسان الخاصة بجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة مرة كل أربع سنوات.
في 2024، خضعت "السعودية" لاستعراض وضعها الحقوقي أمام هذه الآلية. استغلت السعودية وفدها في جنيف وهيئة حقوق الإنسان الرسمية هذه الآلية أيضا لغسيل صورتها والترويج لإصلاحات جذرية ليس لها أسس في الواقع. لم يحضر أي ممثل للمجتمع المدني أو مدافع عن حقوق الإنسان من داخل السعودية جلسات الاستعراض المختلفة. إضافة إلى ذلك، تحدثت السعودية عن تطبيق توصيات خلال السنوات الأربع الأخيرة بينها ما يتعلق بعقوبة الإعدام والتعذيب وحقوق المرأة، إلا أن هذه التصريحات تتناقض مع حقيقة الانتهاكات التي تزايدت خلال تلك الفترة.
التعاون مع المقررين الخاصين:
مقررو الأمم المتحدة لحقوق الإنسان هم خبراء مستقلون يعينهم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للعمل على قضايا محددة ويقومون بمراقبة الأوضاع وتقديم التقارير والتوصيات حول مجموعة متنوعة من القضايا في مختلف أنحاء العالم.
بحسب المنظمة، فإن "السعودية" تدّعي التعاون مع مكاتب المقررين الخاصين، ومؤخرا باتت تشارك في معظم الجلسات التحوارية وترد على الرسائل التي تردها منهم، إلا أن هذه الردود والنقاشات تستخدم أيضا لتحسين صورة الحكومة والتفاعل أمام المجلس ولم يكن لها تأثير واقعي. يظهر ذلك في عدم التعامل بشكل جدي مع المعلومات التي تصل حول انتهاكات بحق أفراد في شكاوى فردية، وفي بعض القضايا تم تنفيذ أحكام قتل بحق أفراد أكد المقررون والفرق العاملة أنهم معتقلون تعسفيا.
إضافة إلى ذلك، تتجاهل السعودية طلبات الزيارة التي يقدمها المقررون الخاصون، فمنذ العام 2006 لم تستقبل سوى 4 مقررين خاصين، فيما لم تسمح كما هو مفترض لهم بلقاء النشطاء أو المجتمع المدني أو الجهات المستقلة.
أشارت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن دور أعضاء مجلس حقوق الإنسان يجب أن يكون التحقيق في قضايا انتهاكات حقوق الإنسان وتقديم توصيات لمعالجتها، وتطوير معايير وسياسات دولية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان.
وشددت المنظمة على أن "السعودية" حتى اليوم وعلى الرغم من كل ادعاءاتها لم تنضم إلى المعاهدات الدولية الرئيسية والعهدين الدوليين، ولا زالت تتملص من تعهداتها بالتلاعب وبالتالي ليست جديرة بأن يتم انتخابها من قبل الدول الأعضاء.
ارسال التعليق