هل تعلم
حقائق تؤكد: مشاريع ابن سلمان مجرد حملة دعاية ضخمة
تظهر الحقائق على الأرض أن مشروع ولي العهد محمد بن سلمان ورؤيته لتنويع اقتصاد البلاد 2030 ليس سوى حملة دعاية ضخمة تقوم على القروض والإنفاق المفرط والتلميع الغربي.
ففي الثالث من أكتوبر عام 2018، جلس محمد بن سلمان أمام صحفيي وكالة بلومبيرغ ليتحدث بثقة عن “رؤية 2030”، ووعود التحديث، والمشاريع العملاقة التي ستجعل السعودية “نموذجاً عالمياً جديداً”.
وبعد سبع سنوات، يتضح أن تلك المقابلة كانت لحظة فاصلة بين وهمٍ إعلامي ضخم وبين واقع اقتصادي وسياسي مأزوم. فما الذي تحقق فعلاً من تلك الوعود؟
حين سُئل محمد بن سلمان عن تصريح ترامب بأن السعودية “لن تبقى أسبوعين دون حماية أميركية”، أجاب بتحدٍّ: “السعودية تحتاج ألفي عام قبل أن تواجه خطراً كهذا.”
لكن بعد أقل من عام، سقطت هذه الثقة المزعومة مع الهجوم الإيراني على منشآت أرامكو في بقيق وخريص، الذي شلّ نصف إنتاج النفط السعودي. لم تحرك واشنطن ساكناً، واكتفت ببيانات إدانة باردة، تاركة الرياض أمام عجز عسكري واستخباراتي فاضح.
منذ ذلك اليوم، تسعى المملكة يائسة للحصول على اتفاقية دفاع شبيهة بما حصلت عليه قطر — ولم تحصل عليها حتى الآن. هكذا انهار خطاب “السيادة”، وبقيت السعودية مرتهنة للحماية الأميركية نفسها التي كان بن سلمان يتفاخر بالاستغناء عنها.
في المقابلة ذاتها، شدد ولي العهد على أن السعودية لا تخفض الأسعار ولا تزيد الإنتاج استجابة للضغوط السياسية. لكنه اليوم، بحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، يقود “أوبك بلس” لإغراق السوق بالنفط، خدمةً لسياسات ترامب الاقتصادية في ولايته الثانية، في تكرارٍ لمشهد الخضوع ذاته الذي كان ينفيه قبل سبع سنوات.
النتيجة؟ تراجع الإيرادات غير النفطية، وتآكل الفوائض، وتفاقم العجز المالي الذي ضرب الميزانية في عام 2025 بأعلى مستوى منذ خمس سنوات.
في 2018، برر ابن سلمان صفقة استحواذ أرامكو على حصة “صندوق الاستثمارات العامة” في سابك بأنها “تحمي الشركة من المعاناة المستقبلية”.
لكن الواقع أن سابك تعاني اليوم بالفعل: أسهمها انهارت إلى النصف منذ 2022، وخسائرها السنوية تجاوزت 5.2 مليار ريال في 2025.
وقد تحولت الشركة التي كانت رمزاً للقطاع الصناعي السعودي إلى كيان متضخم مثقل بالديون، ضحية سوء إدارة وتداخل نفوذ بين الصندوق السيادي ووزارة الطاقة.
حين قال بن سلمان إن قيمة أرامكو “تزيد على تريليوني دولار”، اعتبر كثيرون ذلك مبالغة سياسية. اليوم، وبعد سبع سنوات، يصف خبير بلومبيرغ خافيير بلاس ذلك التقييم بأنه “الخطيئة الأصلية” التي جعلت الشركة “محرقة أموال”.
فقد هوت أسهم أرامكو إلى أدنى مستوياتها منذ طرحها للاكتتاب، وتراجعت أرباحها في ظل ضغوط سوقية وسياسية، بعدما حوّلها ابن سلمان إلى أداة تمويل لصندوقه الشخصي المسمى “صندوق الاستثمارات العامة”.
في 2018، وعد ابن سلمان بأن مدينة نيوم ستكون مكتملة عام 2025، وأن مشروع “نيوم ريفييرا” سيُفتتح في 2020. أما اليوم، فاعترف نائب رئيس المشروع نفسه بأن “الانتهاء في 2030 لم يكن مطروحاً أصلاً”.
الواقع أن “ذا لاين” لا تزال في مرحلة الحفر، ولم يُنفّذ سوى 1.5% من المخطط الكامل. جزيرة “سندالة” ما زالت مغلقة، والمشروعات التي تم إنجازها فعلاً تقتصر على قصور ولي العهد ومرافق خاصة لاستضافة الزوار من نجوم هوليوود.
وباختصار: نيوم تحولت من “مدينة المستقبل” إلى رمز للهوس الشخصي والتضخيم الإعلامي.
من بين وعوده الأساسية أن السعودية ستحقق “موازنة دون عجز” بحلول 2019، ثم مدّد الموعد إلى 2023. لكن بعد مرور الموعدين معاً، تسجل المملكة اليوم عجزاً فصلياً للمرة الثانية عشرة على التوالي، بلغ 88.5 مليار ريال في الربع الثالث من 2025.
وتشير تقديرات وزارة المالية إلى أن العجز السنوي سيصل إلى 245 مليار ريال — ضعف التقدير السابق. هكذا انهار “وعد التوازن المالي” أمام التبذير الفلكي على مشاريع استعراضية بلا مردود.
ما بين وعود 2018 وواقع 2025، يتضح أن مشروع ابن سلمان ليس سوى حملة دعاية ضخمة تقوم على القروض والإنفاق المفرط والتلميع الغربي.
واليوم تتهاوى أركان “رؤية 2030” تحت وطأة عجز مزمن، وغياب الشفافية، واحتكار القرار بيد رجل واحد يحكم بمنطق المغامرة لا التخطيط.
لقد قدّم بن سلمان للعالم صورة “القائد الشاب الإصلاحي”، لكن بعد سبع سنوات، ما يراه السعوديون هو اقتصاد مثقل، ومشاريع متوقفة، وتضييق سياسي غير مسبوق.
وبين وعود بلومبيرغ وواقع اليوم، تقف الحقيقة عارية: محمد بن سلمان لم يصنع نهضة، بل أسس لعقدٍ من الوعود الفاشلة التي تكلّف المملكة مستقبلها.
ارسال التعليق