حدث وتحليل
أبو جهل عاد، ويغرد من مكة
[ادارة الموقع]
في قلب الحرم، المكان الذي يُفترض أن تغتسل فيه الأرواح، سالت الكرامة على الأرض مثل ماء وضوءٍ دُنِّس بالمهانة.
ضابط سعودي يعتدي على معتمرٍ مصري، وزوجته تصرخ باسم الله، والجمهور كله شهود.
وما إن إنتشرت الحقيقة، حتى تجهّزت آلةُ التبرير المقدسة.
خرج الخطاب الديني من سباته مذعوراً، يرتدي زيّ الأمن، ليقول
إنّ “الالتزام بالتعليمات الأمنية عبادةٌ تحفظ الأرواح” —
هكذا تحوّل القمع إلى طاعةٍ، والطاعة إلى وسيلةٍ للنجاة من الغضب الإلهي.
لا اعتذار، !!
لا مسؤولية، !!
فقط استدعاء الدين ليغسل آثار العصا.
وفي الخلف، كانت آلةٌ أخرى تعمل بإتقانٍ ميكانيكي: الذباب الإلكتروني.
تقاسمت الحملة جحافل الحسابات التي تُدار من غرف ظلّ الديوان الملكي.
قسمٌ مكلّف بالسباب العنصري ضد المصريين لتفجير الكراهية ودفن أصل الحادثة في فوضى الشتائم.قسمٌ آخر يروّج لبطولات الأمن السعودي و”رحمته الفائقة”، ويملأ الخط الزمني بعبارات منسوخة.
وثالثٌ ينسج مقابلات مزيفة لأشخاص يتحدثون بلهجة مصرية يزعمون أنهم “أصدقاء المعتمر” وأن “القضية انتهت”.
وحتى من يسمّون أنفسهم بـ“الوطنجية” من جنسيات عربية أخرى، هرعوا إلى المعركة كجنود مأجورين يأتمرون بأوامر الريال السعودي.
كل طرفٍ له مهمّة، لكن الهدف واحد:
سحب القضية من التداول، وتحويلها من جريمة إلى سوء فهمٍ عابر،
ليُترك المعتمر وزوجته والمصوّر في غياهب السجن.
تلك هي السعودية الجديدة التي تُدير الرأي العام كأنّه جوقة:
يُعتقل البريء لأنه ما زال يملك كرامة، ويُكافأ المسيء لأنه أتقن الركوع.
صار الباطل حقاً يُدرَّس، والحق خطيئة تُعاقَب.
تُمنح الميداليات لأصحاب العصا، وتُكسر أضلاع من قال “كفى”.
مكة شاهدة، والسماء سجّلٌ مفتوح ينتظر العدالة التي نُفيت إلى الغيب.
ارسال التعليق