كيسنجر يخطط لاحتلال السعودية لو سقطت أسرة آل سعود
في تموز من عام ١٩٧٣، وضع وزير الخارجية الأمريكي “هنري كيسنجر” بموافقة من الرئيس الأمريكي “نيكسون”، مخططَ طوارئ غايةً في السرية مع شاه إيران “محمد رضا بهلوي”، تمكّنه من احتلال السعودية والسيطرة على ثرواتها النفطية الهائلة وحماية مصالح أمريكا والغرب فيها، فيما لو سقطت أسرة آل سعود الحاكمة أو تعرّضت لاحتلال من قبل العراق.
وعمل كيسنجر مع شاه إيران على هذا المخطط من خلال قناة سرية بموافقة نيكسون، دون علم دوائر القرار وقنوات الدبلوماسية التقليدية الأمريكية، تأكيداً على السرية.
ففي ٢٤ من تموز ١٩٧٣، اجتمع كسينجر مع شاه إيران في المقر الرسمي لضيوف الرئيس الأميركي (بلير هاوس)، بحضور رئيس المخابرات الأمريكية السابق ريتشارد هيلمز، والذي عُيّنَ خصيصاً فيما بعد سفيراً لدى إيران لمتابعة المخطط مع الشاه، كما حضر الاجتماع السفير الإيراني لدى أمربكا إردشير زاهدي، وحذّر كيسنجر شاه إيران في الاجتماع من مناقشة المخطط مع أي شخص آخر سوى ريتشارد هيلمز، السفير الأمريكي لدى إيران: “يجب أن يكون مخططك (لاحتلال السعودية) غاية في السرية”، وأضاف كيسنجر: “لا تتواصل عبر البرقيات وسفيرك زاهدي لن يستطيع الرد عليك بالكتابة!”، إن “أي انقلاب في السعودية يقوم به الاتحاد السوفييتي أو من الاشتراكيون العرب سيؤدي الى تعرّض المصالح الغربية فيها للخطر!”.
ردّ الشاه: “أفهم ذلك لقد سبق لنا وأن تعاملنا مع الأكراد بالمشافهة دون استخدام الورق!”.
وتعدّ حماية إمدادات النفط في السعودية والخليج العربي جزءاً أساسياً من أولويات الإستراتيجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، حين ورثت الدور البريطاني في المنطقة.
لكن يظلّ إعطاء إيران هذا الدور المرعب في العالم العربي ومع علم كيسنجر المسبق بأطماع شاه إيران في السعودية والخليج العربي، حيث بدأ باحتلال الجزر الإماراتية الثلاث، هو الذي جلب الشكوك والريبة بما يخص السياسة الأمريكية في العالم العربي التي لا ترى سوى مصالحها لا غير.
ويعود إعطاء هذا الدور لشاه إيران بعد فشل سياسة نيكسون في العديد من المشاريع العسكرية في دول عديدة في العالم، ما جعلها محطّ هجوم دائم من قبل الكونجرس الأمريكي.
وقد أبدى كيسنجر للشاه مدى حرصه على السرية، وأبلغه أنه لا يعلم سوى شخصيتين في البيت الأبيض بمخطط الطوارئ هذا.
لكن كيسنجر قبل أربعة أيام من هذا الاجتماع مع الشاة، اجتمع مع ١٨ شخصية كبيرة في الإدارة الأمريكية، من أجل دراسة وتقييم مخطط الطوارئ قبل تقديمه للشاه بخصوص السعودية والامارات.
حيث تمّ الاتفاق خلال هذا الاجتماع الموسّع أن يكون الشاه جاهزاً ليبدأ المخطط في هذه الحالات: انقلاب عسكري في السعودية، أو اختلاف يعطّل الخلافة بعد وفاة الملك فيصل، أو حرباً أهلية بين الجيش وأنصار الأسرة الحاكمة.
وعندما ذكر نائب وزير الخارجية الأمريكي “كينيث روش”، والذي كان من ضمن مجموعة الـ١٨، لكيسنجر من أنه لا يعتبر وضع السعودية محفوفاً بالمخاطر لهذه الدرجة.
ردّ كيسنجر: ماذا لو أعلن فجأة راديو جدة أن مجموعة من العقداء السياريين استولوا على السلطة في السعودية؟.. ما الخطأ في التخطيط للطوارئ؟ نحن لا نروّج أو ندافع عن الطوارئ.
ردّ كينيث روش: ينبغي أن نولي اهتماماً دقيقاً لمختلِف الحالات الطارئة.
فردّ الجنرال فيرنون والترز (نائب مدير المخابرات الأمريكية): التاريخ لا ينتظر.
فردّ ويليام كليمنتس (وزير الخارجية الأمريكي): ليس مهمتنا صناعة التاريخ.. لقد وضع الشاه عينه الكبيرة على المنطقة بأكملها.. إنه لا يريد شيئاً أفضل من أن نُدرجه في خطط الطوارئ الأمريكية!.. لا يمكننا الاعتماد على الشاه فالشاه يوهم الجميع أن السعودية غير مستقرة، وأنه على مدى الخمس سنوات الماضية وهو يتنبأ بهلاكها، نحن من علينا أن نتجهز لحالة الطوارئ بعيداً عن الشاه.
في ١١ أكتوبر ١٩٧٣، كتب ريتشارد هيلمز عن جلستين مع الشاه حول التخطيط للطوارئ لأزمة محتملة في السعودية، فيما لو حدث انقلاب عسكري فيها، أو أزمة خلافة بعد وفاة فيصل، أو حرب أهلية بين عناصر الجيش وأنصار العائلة المالكة، قائلاً إن الشاه ليس لديه أي نية لوضع أي شيء على الورق حتى يرى ما تستطيع أمريكا القيام به، وأن تحدّد أيضاً جماعة سياسية سعودية مستعدة لطلب المساعدة العسكرية الإيرانية رسمياً، حتى يتمكن بعدها من التدخل والاحتلال، وعلى أساسه تقوم إيران بعملية نقل جوي ثقيل مع التزود بالوقود جواً، وباستخدام طائرات F-14، والتعامل مع أيّ تورّط سوفيتي محتمل.
بقي هذا المخطط نظرياً مع شاه إيران، لكنّ مخططاً جهنمياً آخرَ وأشدّ إجراماً تم التخطيط له مع بريطانيا فيما بعد وبواسطة هنري كيسنجر نفسه، كان عنوانه غير الرسمي الذي سبقه، ما عبّر به لصحفيين مقربين له: “لن أترك هذه الدول المتخلفة (السعودية والخليج العربي) تجعل العالم الصناعي رهينة لها”، فكان مخططه الإجرامي والذي سنتعرض له في مقال آخر.
ارسال التعليق