الأمم المتحدة تقرّ بانتهاكات السلطات السعودية لحقوق الإنسان
أمام تزايد حالة الاستياء من تسليم "السعودية" استضافة مونديال 2034، تعهد المسؤول الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة يوم أمس بمحاولة ضمان "الاحترام المناسب" لمعايير العمالة المهاجرة في مختلف نواحي البطولة.
قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، إن منظمته في جنيف لا تتعامل بشكل مباشر مع الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بشأن قضايا كأس العالم.
وفي مؤتمر صحفي عشية اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي تحتفل به الأمم المتحدة سنويا، قال تورك: "إن ما نشارك فيه هو التأكد من أن حقوق الإنسان هي جزء لا يتجزأ من الطريقة التي يتم بها تنظيم الأحداث الرياضية وإدارتها في كل حدث رياضي كبير".
ويشدد منتقدو الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على أن استضافة "السعودية" لكأس العالم من شأنه أن يدفع البلاد إلى تكرار انتهاكات حقوق الإنسان التي شوهدت خلال عقد من الاستعدادات المماثلة لكأس العالم 2022 في قطر.
وقال تورك، وهو محامٍ نمساوي: "مهما كان القرار، وأياً كان من سينظم الحدث، فإننا سنقدم هذا النوع من النصائح على وجه التحديد للمنظمين. وسيشمل ذلك بالطبع الحاجة إلى ضمان احترام معايير العمالة المهاجرة بشكل صحيح وجميع أبعاد حقوق الإنسان الأخرى في الأحداث الرياضية الكبرى".
وتعرض الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لانتقادات شديدة بسبب عدم استغلاله نفوذه قبل اتخاذ قرار استضافة كأس العالم مع "السعودية"، على الرغم من أن رئيسه جياني إنفانتينو يقيم علاقات وثيقة مع محمد بن سلمان.
من أولى مظاهر تحقق التخوفات التي نبّهت من مراكمة تعرض العمال للظلم في حال سُلّمت "السعودية" كأس العالم، كانت في الشهر الماضي، حين كُشِف النقاب عن تعرض العمال البنجلاديشيين الذين يقومون ببناء أول ملعب جديد مقترح لكأس العالم لانتهاكات خطيرة لحقوقهم العمالية. فبعد أن وقعوا في فخ ديون التوظيف الضخمة، وحُجِبَت أجورهم الضئيلة لشهور، يكدحون في نوبات عمل تستمر عشر ساعات في حرارة الصيف الحارقة، ثم يعودون كل يوم إلى غرف قذرة مكتظة تشبه زنازين السجون، وفقا لشهادات أدلوا بها.
وأصدرت منظمة "القسط" لحقوق الإنسان، مؤخرا، ملفّاً تقديرياً حول استضافة "السعودية" لكأس عالم 2034، من باب فشل البلاد في تلبية متطلبات حقوق الإنسان الخاصة بالهيئة الرياضية، ووجوب رفضها ما لم يتم تعزيزهـا باتفاقيات ملزمة لمنع الإنتهاكات الحقوقية.
شددت فيه المنظمة على مدى أهمية "منافاة واقع حقوق الإنسان في السعودية مع سياسة الفيفا لحقوق الإنسان"، ولمّحت إلى أن هذه المنافاة تنقض "الفيفا" بالدرجة الأولى: من أصل 245 صفحة قدّمتها البلاد ضمن ملف ترشّحها للفيفا، فقط 18 صفحة تناولت فيها وضع حقوق الإنسان لديها، معتبرة أن هذا التقييم المحدود لا يرقى بالفعل إلى سياسة الفيفا لحقوق الإنسان.
وأمام ما تشمله سياسة الفيفا من وجوب الإلتزام لجميع حقوق الإنسان المعترف بها دوليا، بما في ذلك تلك الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهـد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسـية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإن "السعودية" لـم تنضـم حتى إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أو العهد الدولي الخاص بالحقوق اقتصادية والإجتماعية والثقافية.
تضيف المنظمة في تفصيلها لمفارقة ما تحدده سياسة الفيفا مع تلك المتوفرة في "السعودية"، فالأولى تذكر ”مخاطر حقوق الإنسان البارزة“ التي يتعين النظر فيها على أنها تشمل حقوق العمال، وحيازة الأراضي وحقوق الإسكان، والتمييز (مع التركيز بشكل خاص على قضايا النوع الإجتماعـي)، والأمن وحقوق اللاعبين.
وقـد "كشفت أبحاث القسط المتعمقة الحصرية عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ارتكبت فيما يتعلق بالاستحواذ على الأراضي لنيوم ووسـط جدة، إلا أنه تم استبعاد النظر في مجال الاهتمام هذا أيضا فـي ملف الترشح السعودي"، تضيف المنظمة. كما انتقد مايكل بيج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش "التقييم المزيف الذي أجرته الفيفا لمنح كأس العالم 2034 دون التزامات حقوقية ملزمة قانونا سيكون لها كلفة بشرية لا يمكن تصورها، بما فيها التأثيرات السلبية على العمال الوافدين وأسرهم التي تمس أكثر من جيل”.
وأكد تقرير حديث صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش أن “عرض استضافة كأس العالم للرجال 2034 الذي قدمته “السعودية” إلى الفيفا لا يكشف بما يكفي عن انتهاكات الحقوق السائدة في البلاد، ولا يذكر كيف ستعالَج أو يقدم ضمانات ملموسة لمعالجتها، على الرغم من أعمال البناء الضخمة المطلوبة، بما فيها 11 ملعبا جديدا وأربعة ملاعب مجدَّدة؛ وأكثر من 185 ألف غرفة فندقية جديدة؛ وتوسعة كبيرة في المطارات، والطرق، والسكك الحديدية، وشبكة الحافلات".
ارسال التعليق