الطبقة المتوسطة أصبحت من الماضي.. الرواتب عاجزة ومطالب بإلغاء الضريبة المضافة
التغيير
لا تمر ساعة إلا وتتزايد النداءات الشعبية لحكومة آل سعود لإلغاء الضريبة المرتفعة للقيمة المضافة التي دخلت حيّز التنفيذ في الأول من شهر يوليو الجاري في ظل الأزمة المالية التي تمر بها المملكة نتيجة تلاعب ابن سلمان بأسعار النفط وسياساته الخاطئة في التعامل مع جائحة كورونا التي نتج عنها الغاء بدل غلاء المعيشة وتخفيض الرواتب وإنهاء الآلاف من الوظائف.
وتتعاظم حدة الغضب والاحتقان داخل الشارع السعودي عقب فرض تعرفة جمركية مرتفعة على أكثر من 300 سلعة ورفع ضريبة القيمة المضافة إلى 15% والتي تسببت بدورها بارتفاع أسعار السلع والمنتوجات ضمن تداعيات أزمة مالية تشهدها المملكة لأول مرة منذ عقود.
وألقت ضريبة القيمة المضافة الجديدة بظلالها السلبية الواسعة على السلع الاستهلاكية، بما في ذلك الاتصالات وحليب الأطفال.
وانتشر مقطع فيديو جرى تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لمواطن يشتكي من فرض سلطات آل سعود ضريبة القيمة 15% على حليب الأطفال.
وأعلنت شركة الاتصالات بمملكة آل سعود على تويتر، عن رفع ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% على جميع منتجاتها وخدماتها، ابتداءً من 1 يوليو/تموز 2020، وتطبيق الضريبة الجديدة على الفواتير القادمة.
وجاءت الزيادة الضريبية الجديدة مخالفة لتصريحات محمد بن سلمان عام 2018، والتي أكد فيها -عقب فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%- أن البلاد لن تفرض أي ضرائب جديدة حتى عام 2030.
وكتب ندر: في ألمانيا خفضو الضريبة من 7% الى 5 % وتم دفع إعانة للشعب 300 يورو عن كل طفل بسبب الأوضاع الاقتصادية وجائحة كورونا.
وقال مصطفى: الهاشتاق يحزن كله ثناء وترحم على الملك عبدالله رحمه الله، الآن بعد #القيمة_المضافة تلاشت الطبقة المتوسطة وأصبحت مع الطبقه الفقيرة المعدمة !!
وكتب حساب حقوق الضعوف: قريبا ستفرض الحكومة على المواطن “ضريبة الانتماء للوطن” ! #ضريبة_القيمة_المضافة
كما كتب أبو أحمد: #ما يكفي الحاجة قبل الضرايب، وارتفاع فواتير الكهرباء وغلاء الأسعار وارتفاع البنزين والآن ضافوا الضريبة المجنونة على كل السلع والخدمات بلارحمة على المواطن البسيط ويقولك أبوابنا ومكاتبنا مفتوحة للمواطن الله المستعان.
وللمرة الأولى، أقرت وزارة المالية في المملكة، مايو/ أيار المنصرم، إجراءات وصفتها بـ “المؤلمة” لإنقاذ الموازنة العامة من العجز الكبير. وشملت هذه الإجراءات زيادة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من الأول من يوليو/تموز، ووقف صرف بدل غلاء المعيشة اعتبارا من يونيو/حزيران.
وأعادت الذكرى الثالثة لتولى محمد بن سلمان، زمام الحكم في المملكة، بعد انقلاب ناعم في يونيو/ حزيران 2017م على ابن عمه الأمير محمد بن نايف الذي جرده من مناصبه كافة، وعود الانقلابى الاقتصادية لمواطني المملكة.
ومنذ تعيينه وليا لولي العهد، أطلق ابن سلمان سلسلة خطط ووعودات اقتصادية “خيالية”، لكنها لم تطبق حتى الآن وتحديدا بعد ثلاث سنوات من الحكم بل ذهبت بالمملكة إلى الهاوية عدا عن حرب اليمن وأزمة قطر وإيران ومقتل الصحفي جمال خاشقجي وغيرهما من القضايا وسجل الجرائم.
ووعد ابن سلمان عام 2016، بمستقبل واعد للنهوض بالمملكة، وقال إن أزمات البلاد تكمن في الاسكان والبطالة، لكن “الفرص أمامنا أكبر بكثير من هذه القضية، طموحنا سوف يبتلع هذه الأزمات وغيرها”.
وقال ابن سلمان، في لقاء متلفز آنذاك: “طموحنا كيف يكون اقتصادنا أكبر! كيف نخلق بيئة جذابة في وطننا! فإذا ارتفع النفط سوف يخلق داعم قوي لخططنا”.
وأكد ابن سلمان بتصريحاته” في عام 2020 لو النفط توقف في المملكة نستطيع أن نعيش!”.
وفي عام 2017، عاد ابن سلمان بتكرير تصريحاته قائلا: “اقتصادنا سيكون أقوى في تلقى الصدمات، دون اتخاذ إجراءات صعبة!”.
لكن في عام 2020، ضربت أزمة فيروس كورونا وحرب أسعار النفط العام التي أشعلها ابن سلمان مع خصومه أودت المملكة إلى الهاوية والاستدانة وفرض إجراءات صعبة على سكان المملكة والوافدين.
ووجد المواطن السعودي نفسه في عام 2020 أمام أكبر موجة غلاء في تاريخ المملكة، في ظل سلسلة إجراءات حكومية فرضها نظام آل سعود لمواجهة تفاقم أزمة الاقتصاد السعودي وتداعيات فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط العام.
وفاجأت الهيئة العامة للجمارك في المملكة، السعوديين، بنشرها قائمة بالسلع المقرر رفع الرسوم الجمركية عليها، اعتبارا من العاشر من الشهر الجاري.
وتضم القائمة نحو 3 آلاف سلعة مختلفة، تراوحت نسبة الرفع الجمركي عليها بين 3 و25 بالمائة.
وبحسب وسائل إعلام سعودية، فإن هذه النسب تضاف إليها القيمة المضافة الجديدة والتي اعتمدت 15 بالمائة.
وأبرز الأصناف التي فرضت عليها رسوم جمركية – حسب تلك الوسائل الإعلامية – بعدما كانت معفاة من الضرائب سابقا، لحوم الضأن والماعز برسوم تصل إلى 7 بالمائة، كما ارتفعت الرسوم على الأسماك من 3 إلى 6 بالمائة.
وارتفعت الرسوم الجمركية على الألبان والأجبان ومشتقاتهما من 5 إلى 10 بالمائة.
وشهدت بعض المواد المستخدمة في الصناعة، مثل الطوب بمختلف أنواعه ارتفاعا بالرسوم من 5 إلى 15 بالمائة، وهو ما انطبق أيضا على مواد زينة السيارات وغيرها.
وكان وزير المالية محمد الجدعان، قال إن الضرائب الجديدة المضافة لثلاثة أضعاف وتعليق بدل غلاء المعيشة لموظفي الدولة، هدفه تحصين وضع المملكة المالي الذي تضرر بشدة من انخفاض أسعار النفط فيما تهاوي الطلب على الخام بسبب فيروس كورونا المستجد.
وأضاف الجدعان أن “الإجراءات التي تم اتخاذها وإن كان فيها ألم إلا أنها ضرورية للمحافظة على الاستقرار المالي والاقتصادي من منظور شامل وعلى المديين المتوسط والطويل، حسب زعمه.
وعقب قرارات الجدعان، نشر نشطاء سعوديون في المملكة مقطع فيديو من مقابلة مع محمد بن سلمان أجريت عام 2016 إبان إطلاق “رؤية 2030” يقول فيها إنه بحلول عام 2020 ستكون المملكة قادرة على العيش بدون نفط.
ولم يقتصر رفع الأسعار على السلع داخل المملكة، بل رفعت شركة النفط “أرامكو” سعر غاز البترول المسال المتجهة إلى آسيا لشهر حزيران/يونيو ٢٠٢٠.
وتوحى القرارات الجديدة، بانتهاء عهد الرفاهية في الدولة النفطية، سيما أن هناك قرارا يسمح بتخفيض رواتب آلاف الموظفين في القطاع الخاص إلى 40% مع إمكانية إنهاء عقود الموظفين.
ومؤخرا، أعلنت وزارة الاسكان في المملكة، لجمهورها العسكريين والمواطنين، وقف مدفوعات اثنين من برامجها لدعم الرهن العقاري في الوقت الذي تتطلع فيه إلى خفض التكاليف.
وقالت وزارة الإسكان على موقعها الإلكتروني إنه سيتم تعليق برنامج القروض بدون فائدة للعسكريين الذي يغطي 20% من العقار، أو ما يصل إلى 140 ألف ريال سعودي (37 ألف دولار). كما تم إيقاف خطة أخرى تقدم للمواطنين مساعدة تصل إلى 95 ألف ريال أو 10% من الممتلكات.
كما أظهرت معطيات رسمية، خسارة المملكة نحو 50 مليار دولار من احتياطاتها الأجنبية خلال شهري مارس/آذار، وأبريل/نيسان الماضيين (فترة تفشى الفيروس التاجي).
وانزلقت المملكة، وهي أكبر مصدر للنفط في العالم، إلى عجز في الموازنة بقيمة 9 مليارات دولار في الربع الأول من العام 2020 مع انهيار إيرادات النفط، وحرب أسعار النفط العام.
وكشفت أرقام وبيانات جديدة نشرها البنك الدولي مؤخراً عن ارتفاع صاروخي في مديونية آل سعود خلال السنوات الأخيرة، وذلك بالتزامن مع إعلان وزير المالية محمد الجدعان أن حكومته ستقترض 220 مليار ريال (58 مليار دولار) خلال العام الحالي، وهو ما يعني أن المديونية العامة للمملكة تتجه لتسجيل أرقام قياسية غير مسبوقة.
ورأت مجلة “كابيتال” الفرنسية أن صدمة التقشف التي تعرض لها الشعب السعودي، “بخرت أحلام العديد من الشباب” في البلاد، متوقعة في الوقت ذاته، أن تؤجج تلك الصدمة الاستياء ضد محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة.
وقالت “كابيتال” إن سكان المملكة وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها أمام إجراءات تقشفية صادمة ستؤدي إلى انخفاض الدخل وتراجع معدلات التوظيف، وتدهور الظروف المعيشية، خاصة بعد مضاعفة ضريبة القيمة المضافة ثلاث مرات، في دولة لم يكن مفهوم الضريبة فيها معروفا منذ وقت ليس ببعيد.
ويتوقع مراقبون أن يؤدي ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض مستوى الدخل أن يهدد العقد الاجتماعي بين السلطة والشعب، ويعرقل مسيرة التطوير التي يتبناها ابن سلمان ويضع المملكة في مفترق طرق صعب بعد ثلاثية أولى من السنة وصل فيها عجز الميزانية إلى تسعة مليارات دولار.
وعلق خبير الاقتصاد الدولي ستيفين هيرتوغ قائلا إن الضريبة على القيمة المضافة ستؤثر على غالبية العائلات في المملكة؛ لأنها تستهلك نسبة أعلى مما تجنى، كذلك إلغاء بدل المعيشية سيؤثر على العائلات الفقيرة.
وأضاف هيرتوغ: لذلك كان الأرجح تصميم الجانب التوزيعي من هذه الإجراءات لحماية العائلات الفقيرة.
وأكد الناشط السعودي سلطان العبدلي أن هناك تخبط اقتصادي داخل المملكة، مستدركا: “كل الدول تمر بأزمات، لكن حينما يكون القرار رهن بيد شخص ليس فقيه بالاقتصاد، ولا في السياسية، فهذا أمر صعب” وذلك فش إشارة لابن سلمان.
ورغم ذلك، قالت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية إن صندوق الاستثمارات العامة التابع للمملكة – ويخضع تحت سيادة محمد بن سلمان – أنفق مليارات الدولارات خارج البلاد التي تشهد أزمة اقتصادية طاحنة جراء أزمتي انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها، أنه وبالرغم من المعاناة الاقتصادية، وفرض المملكة إجراءات تقشفية على شعبها، أنفق صندوق الاستثمارات العامة منذ بداية عام 2020 فقط 325 مليار دولار على صفقات خارجية.
ارسال التعليق