القبعات الخضر الأمريكية تعود للحدود اليمنية
رغم تحذيرات صنعاء المتكررة لنظام آل سعود من التورط مع الأمريكان في أي أعمال عدائية ضدها، إلا أن المؤشرات تؤكد عدم مغادرة نظام آل سعود مربع العداء لليمن، وضلوعه في تنفيذ مؤامرات جديدة ستقودها الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما سيدفع صنعاء إلى تفعيل بنك الأهداف في السعودية رداً على أي اعتداء أمريكي من الأراضي السعودية، ولكن هذه المرة ليست في البحر الأحمر، بعد أن تمكنت قوات صنعاء من تفكيك تحالف "حارس الازدهار"، الذي تبنت واشنطن قيادته يطلب إسرائيلي أواخر العام الماضي، بل باستقدام أكثر من 2000 جندي أمريكي إلى الحد الجنوبي "لمملكة" آل سعود الواقعة على حدود التماس مع محافظة صعدة، المعقل الرئيس لجماعة الحوثي.
وخلافاً للرواية الأمريكية التي زعمت أنها قامت بنشر 2000 من جنودها مع أنظمة دفاع جوي في مناطق يمنية واقعة على الحدود "السعودية" اليمنية، قال مصدر سياسي يمني، أن ما حدث كان نتيجة لاتفاق سعودي أمريكي منتصف العام الجاري، وأن تلك القوات الأمريكية التي زعمت واشنطن بأنها نُشرت في مناطق داخل الأراضي اليمنية، تتواجد في الحد الجنوبي "للمملكة" وتحت حماية مشددة من قبل قوات حرس حدود تابعين لنظام ال سعود، وأشار المصدر لـ"مرآة الجزيرة" إلى أن هذا التوجه السعودي العدائي، جاء في أعقاب تهديدات وجهتها صنعاء منتصف العام الجاري باستهداف مصادر النفط السعودي، رداً على تصعيد قادته الولايات المتحدة الأمريكية بضوء اخضر سعودي مع الحكومة الموالية لها في مدينة عدن ضد البنوك التجارية العاملة في صنعاء.
وأكد المصدر أن هذا الحراك العسكري السعودي الأمريكي ، يأتي في إطار محاولات البلدين حماية الكيان الإسرائيلي من الهجمات الجوية اليمنية، بعد فشل واشنطن في تحييد جبهة الإسناد اليمنية، رغم استخدامها مختلف الوسائل العسكرية البحرية والجوية، ورغم ذلك فشلت في إضعاف جبهة الإسناد اليمنية لغزة وعجزت عن حماية مصالح وأمن اسرائيل، وألمح المصدر إلى أن صنعاء ستتخذ قرارها بشأن نشر قوات أمريكية على حدودها الشمالية في الوقت المناسب.
خبراء عسكريون في صنعاء ، أكدوا أن الحديث عن نشر قوات أمريكية على الحدود اليمنية السعودية مؤخراً، يكشف فشل خطة واشنطن العسكرية مع الأطراف الموالية للتحالف السعودي الإماراتي في اليمن، مشيرين إلى أن خطة التصعيد الأمريكية التي وجهت الرياض بتمويلها في أكتوبر /تشرين الاول الفائت، فشلت في فتح جبهات إسناد متقدمة للكيان الإسرائيلي في عدة مناطق داخلية في المحافظات الجنوبية وفي الساحل الغربي للبلاد، وأن لجوء نظام آل سعود لاستقدام قوات أمريكية لنشرها في مناطق حدودية تبعد عن صنعاء أقل من ٦٠٠ كلم، يعكس مخاوفها من ارتداد أي تصعيد داخلي في اليمن عليها.
وأوضح الخبراء بأن الهدف من نشر تلك القوات التي يزيد عددها عن الفي جندي أمريكي يأتي في إطار استماتة واشنطن لتحييد جبهة الإسناد اليمنية أو اضعافها، وكانت وسائل إعلام موالية للسعودية قد سربت معلومات عن دور تلك القوات، مشيرة إلى أنها سوف تتولى مهمة رصد تحركات قوات صنعاء، وأماكن إطلاق الصواريخ، واعتراضها أي هجمات صاروخية مصدرها اليمن ضد الكيان الإسرائيلي.
يضاف إلى ما ذلك إنشاء غرف تجسس متقدمة بالقرب من الحد الشمالي لليمن مع "السعودية" لرصد تحركات قيادات حركة "أنصار الله "، وذلك في ضوء حديث أمريكي عن توجه واشنطن في عهد الرئيس المنتحب دونالد ترامب القادمة إلى سياسة الاغتيالات ضد خصوم أمريكا، وكانت قيادات عسكرية رفيعة في الحكومة الموالية للتحالف السعودي ـ الإماراتي قد زارت واشنطن منتصف سبتمبر / أيلول الماضي، وناقشت مع الجانب الأمريكي تصاعد عمليات صنعاء، وطالبت بدعم عسكري عاجل لفتح جبهة إسناد تحت ذريعة حماية الملاحة الدولية من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، إلا أن واشنطن التي أعدت خطة عسكرية لتفجير الأوضاع في الداخل اليمني، فشلت في توحيد الفصائل الموالية لدول العدوان على اليمن، وتراجعت عن تمويل معركة اقتحام الحديدة التي كانت تخطط لنتفيذها، قبل تفجير الأوضاع في سوريا.
الرئيس الأمريكي جو بايدن، في رسالة وجهها إلى الكونغرس، أواخر الأسبوع الماضي، أكد نشر قوات أمريكية في "السعودية"، وأرجع دوافع ذلك في تقرير صلاحيات الحرب، الذي قدمه للكونغرس الجمعة، إلى أن الحوثيين يشكلون تهديدات ضد القوات الأمريكية والسفن العسكرية منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وأشار في رسالته إلى أن الحوثيين شنوا هجمات ضد القوات الأمريكية، بما في ذلك سفن الشحن التجاري في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، و أكد بأن "هذه الهجمات شكلت تهديدًا لسلامة قواتنا والسفن التجارية وأطقمها " حسب ما جاء في الرسالة، وأشار إلى أن قواته ردت على تصعيد الحوثيين بتنفيذ ضربات جوية منفصلة ضد منشآت ومواقع ومعدات في اليمن بهدف تقويض وتعطيل قدرة المسلحين الحوثيين، وأكد بايدن في رسالته، إلى أن لدى بلاده قوات في "السعودية" مدعومة بقدرات دفاع جوي، وتدعم تشغيل الطائرات العسكرية الأمريكية بالتنسيق مع حكومة الرياض.
تجدر الإشارة إلى أن استدعاء أمراء آل سعود قوات أجنبية لحمايتهم ليست الأولى، وهو التوجه الذي ثبت فشله في حماية مصالح النظام السعودي من قبل، فاستدعاء آل سعود لقوات أمريكية لحمايتهم من ضربات صنعاء في ظل تعاظم قدراتها غير مجدي، وقد سبق أن استدعت الرياض قوات أمريكية مشابهة أواخر العام 2017، في أعقاب وصول أول صاروخ يمني باليستي من نوع بركان متوسط المدى إلى منطقة عسير، فـ"القبعات الخضراء "الأمريكية التي لم تحمِ آل سعود في الماضي لن تحميه اليوم ولن تحمي الكيان الإسرائيلي ايضاً.
وكانت الرياض قد نشرت قوات أمريكية أطلق عليها البنتاغون حينها بـ "القبعات الخضراء" ، في ديسمبر 2017، على حدودها مع اليمن، وتلك القوات عبارة عن "وحدات كوماندوز " وفق ما وصفتها حينها صحيفة "نيويورك تايمز"، كُلفت برصد وتدمير مخابئ الصواريخ التي يملكها اليمن، وتحديد مواقع إطلاق الصواريخ، وأيضاً، تحت ذريعة تعزيز الأمن الإقليمي، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" في تموز 2019، عن قيامها بنشر قوات في "السعودية" للدفاع عن المصالح الأمريكية في مواجهة "تهديدات ناشئة جدية"، بالإشارة إلى حركة "أنصار الله"، وأرجعت ذلك إلى وجود مخاطر تهدد سلامة خطوط الملاحة الجوية في الخليج.
وفي أعقاب هذا التاريخ وجه الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، إهانات للسعودية في خطاب له، مؤكداً أن قواته تحمي نظام آل سعود، ولولا القوات الأمريكية لم استطاعت طائرة من طائرات أمراء النفط أن تُقلع من مطار الرياض، وكالعادة تحمّل آل سعود الإهانات في صمت مطبق، وقالت وكالة الانباء السعودية حينها أن نشر القوات الأمريكية في البلاد جاء بموافقة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وأشارت إلى أنه وافق على "استضافة قوات أمريكية لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة".
ورغم تعزيز أمريكا تواجدها في الحدود الجنوبية السعودية مع اليمن خلال النصف الآخر للعام 2019، إلا أن وسائل إعلام أمريكية قالت أن الجيش الأمريكي نشر 500 جندي يعملون على بطاريات صواريخ باتريوت الدفاعية، نُصبت في قاعدة الأمير سلطان قرب مدينة الرياض، محاولة بتلك التسريبات تضليل صنعاء، التي عمدت على تصعيد هجماتها على قواعد ومعسكرات سعودية يُعتقد بوصول قوات أمريكية اليها في المنطقة الجنوبية وخاصة جيزان ونجران وعسير.
ارسال التعليق